حتى عصر يوم أمس، كانت السّاعات الأربع والعشرين الماضية قد شهدت وقوع أكثر من إشكال أمني في منطقة الشمال. الأوّل سقط بسببه قتيل في بلدة كفرشلان في الضنية خلال توزيع حصص مواد غذائية في البلدة، إضيف إليه وقوع إشكالين في منطقة أبي سمراء وإشكال آخر في شارع المئتين بطرابلس، وذلك حتى قبل غروب يوم أمس، وهي إشكالات يكاد لا يمرّ يوم منذ بداية شهر رمضان، قبل أسبوع، من غير أن تشهد المنطقة وجوارها يومياً، نهاراً أو مساءّ، إشكالات عدة حوّلت حياة الصائمين في بعض المناطق إلى كوابيس.
هذه الإشكالات التي تحوّلت للأسف إلى “نمط حياة” منذ بدء الشّهر الفضيل في أغلب أحياء ومناطق طرابلس وفي جوارها وعلى رأسها عكّار، حيث الإشكالات هناك يأخذ أغلبها طابعاً ثأرياً بين العائلات والعشائر، جعلت المواطنين فيها ينامون على إشكال ويستيقظون على آخر، تترافق دائماً مع تضارب وطعن وتكسير وإطلاق نار من أسلحة فردية، ما نغّص على المواطنين الإحتفاء بالأجواء الدينية والروحانية التي ينتظرونها كلّ سنة في شهر الصوم الكريم.
كلّ ذلك يجري وسط غياب شبه تام للأجهزة الأمنية، باستثناء الجيش اللبناني الذي يبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على الحدّ الأدنى من الإستقرار وضبط الأوضاع وعدم خروجها عن السّيطرة، ومنع تفلّت الوضع الأمني، في حين تكتفي القوى الأمنية بممارسة دور “الشّاهد” على ما يجري، وكتابة تقارير أصبحت لا تغني ولا تسمن من جوع المواطنين إلى الحدّ الأدنى من الإستقرار وضبط الفوضى، ووضع حدّ لانفلات الوضع الأمني الذي أضحى بالغ الهشاشة.
ما تشهده مناطق شمالية من إشكالات جعلت الزعران والشّبيحة هم أصحاب الكلمة العليا فيها، طرح أسئلة عديدة عن أسباب غياب القوى الأمنية عن القيام بدورها المطلوب منها، وعن وعود وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي، التي أطلقها أكثر من مرة، بتنفيذ خطة أمنية في طرابلس، تبين مع مرور الأيّام أنّها كانت مجرد خطط على الورق فقط.
أحد الأمثلة على ذلك كان القرار الذي أصدره محافظ الشمال رمزي نهرا، قبل أيّام، وقضى بموجبه منع بيع المفرقعات النّارية بلا الحصول على تراخيص بعد شكاوى عدّة صدرت من مواطنين، فكان الردّ من قبل البعض على شكل سخرية حيث دعوا إلى إطلاق المفرقعات النارية إحتفاء بقرار المحافظ! قبل أن تشهد منطقة باب التبّانة بعد أقل من 24 ساعة من قرار المحافظ إشكالات سقط بسببها جرحى، بسبب المفرقعات النّارية التي أطلقت في بعض أحياء المنطقة.
برغم ذلك، خرج مولوي يوم أمس، بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي ليقول إنّه طمأن رئيس المجلس أنّ “الوضع الأمني لا يزال متماسكاً، وسيبقى متماسكاً بهمّة القوى الأمنية وبوطنيتها وبمتابعتنا اليومية وحتى ساعة بساعة”، وواضعاً برّي في “أجواء تحضيرات وزارة الداخلية للإنتخابات البلدية وفقاً للقانون”، من غير أن يشرح للمواطنين كيف يمكن إجراء إنتخابات بلدية وسط أجواء التفلّت الأمني وانتشار السّلاح، بينما قوى الأمن التابعة له لا تستطيع ضبط شارع أو حيّ أو منطقة في مدينته ومسقط رأسه!
عبدالكافي الصمد – سفيرالشمال