يصف الكثير من الاقتصاديين الليرة اللبنانية بأنها أصبحت كسلعة وهي غير موجودة ولم تعد أداة للتداول، في ظل الدولرة المسيطرة على البلد ويربطون إعادة قيمة هذه الليرة التي صنفت من أسوأ العملات أداءً في العالم هذا العام بعدما تراجعت أمام الدولار بأكثر من ٨٣% ، بتطبيق الإصلاحات والاستقرار السياسي وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة وغيرها من الأمور .
لكن الخبيرة الاقتصادية الدكتورة ليال منصور ترى أن الليرة اللبنانية اصبحت لا قيمة لها ولا يمكن إعادة إحيائها فالليرة برأيها ليست عملة متحررة كاليورو .
ولفتت منصور في حديث للديار ان الليرة اللبنانية شهدت انهيارات كبيرة قبل أن تستقر منذ حوالى السنة، معتبرة أن هذا الاستقرار استقرار مفتعل غير ناتج من العرض والطلب، مشيرةً ان لبنان أصبح بلداً مدولراً جداً “حتى الدولة دولرت نفقاتها وايراداتها ومنها رواتب موظفي القطاع العام”.
ووفقاً لمنصور كلما ازدادت نسبة التعامل بالدولار اعترفنا بوفاة الليرة، وعلمياً الدولرة تعني استبدال العملة الوطنية بعملة أجنبية، مشيرة إلى ان نسبة الدولرة تدل على نسبة موت العملة الوطنية، “وفي لبنان تخطت نسبة الدولرة ال٨٠ و ال ٩٠% “.
و تشرح منصور أن انخفاض قيمة الليرة اللبنانية يعني عدم الثقة بها، “فكل الناس يفضلون التداول بالدولار لأنهم يثقون بهذه العملة وبالرغم من استقرار الليرة منذ فترة طويلة ليس هناك ثقة لأن هذا الاستقرار قد يتغير في أي وقت”، متخوفة أنه في اي لحظة يصدر قرار عن المصارف ليس لمصلحة المودعين “قد يصل سعر صرف الدولار إلى ٥٠٠ ألف وهذا يعني أن الليرة اصبحت عملة ضعيفة جداً”.
و تشير منصور إلى أن هناك عدة طرق لقياس قوة العملة منها الطلب على العملة الطلب الداخلي والطلب العالمي، “فإذا لم يكن هناك طلب داخلي على العملة لن يكون هناك طلب خارجي”، لافتة إلى ان قوة الدولار نتيجة الطلب عليه عالمياً إن كان في التجارة بين الدول و في الداخل وإن كان في تسعير البترول والذهب والغاز، “وهذا الأمر لا يطبق في لبنان وإذا كان المواطن لا يحب عملته الوطنية كيف سيحبها الخارج”.
وحول انعكاس تصنيف بلومبرغ لليرة اللبنانية التي احتلت صدارة قائمة العملات الأسوأ أداء هذا العام على الاقتصاد اللبناني وعلى اللبنانيين، قالت منصور تطبيقياً هذا الأمر ليس له اي انعكاس أو تأثير فاللبنانيون بمعظمهم يتقاضون رواتبهم بالدولار حتى لو كانت هذه الرواتب متدنية وأدنى من الرواتب التي كانت قبل الأزمة، “فإذا كنا نقبض بالدولار ونصرف بالدولار ما الفرق إذا كان سعر صرف الدولار ٨٠ ألفا أو ٩٠ألفا او حتى ٥٠٠ ألف، فتطبيقياً و واقعياً لا يؤثر هذا الأمر سلباً “لأننا في الحضيض وفي أسوأ ما يكون ان كان لجهة تصنيف الائتمان والثقة العالمية والتبادل التجاري والمساعدات المادية والاتفاقات الدولية”.
أما نظرياً فتقول منصور إذا كانت العملة قوية ثم تدهورت هذا الأمر سينعكس سلباً على التبادل مع المصارف وانعدام الثقة وتوقف القروض باللليرة اللبنانية، إضافة إلى الصعوبة في التبادل بالعملة الوطنية، مشيرةً ان كل هذه الأمور غير موجودة في لبنان إذ ليس هناك تجارة بالعملة الوطنية ولا يوجد تبادل بالعملة الوطنية وليس هناك ثقة من الدول الأجنبية بلبنان والقروض متوقفة.
وحول إمكانية استعادة الليرة اللبنانية لدورها وقيمتها رأت منصور أن الليرة توفت ولا يمكن أن تستعيد دورها وقيمتها، “وهذا الخلاف بيني وبين باقي الاقتصاديين الذين يراهنون على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة بأن يتحسن وضع الليرة”، مؤكدةً ان هذا الأمر علمي وتطبيقي واقتصادي ورقمي وتحليلي فالعملة إذا انتهت لا يمكن أن تحيا .
ورداً على سؤال حول استعادة اليورو لقوته بعد أن ضعفت قوته في السنة الماضية، قالت منصور اليورو ( ضعف ثم عادت فوته لكنه لم يمت) فاليورو عملة متحررة مع الدولار يرتفع وينخفض حسب الاقتصاد وحسب العرض والطلب، أما الليرة اللبنانية فلا ترتفع وتنخفض بحسب العرض والطلب كما يقول معظم الاقتصاديين الذين لا يميزون بين العملة المتحررة والعملة الثابتة.
ووفقاً لمنصور عندما تنهار العملة في بلد مدولر جداً لا يمكن أن تعود لها الحياة فهناك نظرية أسمها Hysteresis effect تقول إذا ساء الوضع نستعمل الدولار أما إذا تحسن الوضع فلن نعود إلى العملة الوطنية لأن ليس هناك ( خط رجعة)، ” ولو كان هناك أمل في أن تعود الليرة لا أنادي دائماً بالدولرة الشاملة أو مجلس النقد “كارنسي بورد” “Currency Board”.
اميمة شمس الدين – الديار