السبت, نوفمبر 23
Banner

كيف ستتصرّف إيران بعد سقوط الخط الأحمر؟

بعد الاعتداء الاسرائيلي على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية يسود تَرقّب لرد فعل طهران على «اللعب» معها عند أقصى حافة الهاوية، خارج نطاق قواعد الاشتباك المتعارف عليها.

الاستهداف الاسرائيلي لقائد فيلق القدس في لبنان وسوريا العميد محمد رضا زاهدي والعميد محمد هادي حاجي رحيمي وعدد من رفاقهما في قلب دمشق، يعكس بالتأكيد تصعيدا خطرا وتطورا دراماتيكيا في مجريات الصراع العسكري المندلع منذ 7 تشرين الأول على امتداد جبهات المنطقة.

صحيح انه سبق للعدو الاسرائيلي ان نفّذ قبلاً ضربات ضد أهداف إيرانية في سوريا، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تهاجم فيها طائراته مقرا رسميا يحظى بحصانة دبلوماسية كمبنى القنصلية الإيرانية في دمشق حيث كان يجتمع مسؤولو الحرس الثوري.

وأبعَد من كون القنصلية تخضع الى أحكام القانون الدولي الذي تهشّم بشظايا الصواريخ، فهي تشكّل وفق الأعراف الدبلوماسية أرضاً إيرانية، الأمر الذي يعني انّ الغارة الإسرائيلية تمّت خلف الخط الأحمر، في تحدٍ مباشر، وغير مسبوق بطبيعته، لطهران.

وتؤشر الضربة الإسرائيلية الى ان تل أبيب تحاول استثمار تفوقها الاستخباري – التقني حتى أقصى الحدود الممكنة لاغتيال قيادات وكوادر في الحرس الثوري و«حزب الله» تعويضاً عن تعثّرها الميداني على الأرض، حيث لم تتمكن بعد من تحقيق اي من أهدافها المعلنة سواء في غزة (القضاء على حركة حماس واستعادة الأسرى الاسرائيليين بالقوة)، او في الجنوب (إبعاد «حزب الله» من الحدود، وإعادة النازحين المستوطنين الى مستعمراتهم).

والاكيد انّ تحدياً مُلحاً يواجه الحزب وطهران ويكمن في سد او تقليص الثغر الاستخبارية التي يتسلل منها الكيان الاسرائيلي لتنفيذ عمليات الاغتيال التي تكررت خلال الآونة الأخيرة في لبنان وسوريا.

ما هي المفاعيل والتداعيات التي ستترتّب على قصف تل أبيب للقنصلية الإيرانية واغتيال زاهدي ورفاقه؟

ما هو محسوم، وفق العارفين، انّ الدعم العسكري من طهران الى المقاومة عبر الشريان السوري سيستمر وسيزيد، وانّ المهمة التي كان يتولاها الجنرال زاهدي في هذا المجال ستتواصل وستتطور عبر آخرين، خصوصا ان محور المقاومة تآلفَ مع مسألة تقديم الشهداء القادة وتعويضهم.

وبهذا المعنى، لن يؤدي الهجوم الاسرائيلي الى انكماش الدور الإيراني في سوريا بل سيستمر حُكماً، وهذا هو الرد الاستراتيجي الطويل الأمد، لكن ذلك لا ينفي ان للهجوم تأثيره على صورة إيران، ما يستوجب على الارجح انتقاما غير متأخر، وليس مزودا بكاتم للصوت.

ومن الواضح أن الكيان اراد عبر قصف القنصلية وقتل المجتمعين فيها استفزاز إيران الى أقصى الحدود الممكنة ووضعها أمام احتمالين، فإمّا ان تُستدرج الى حرب على التوقيت الاسرائيلي، وإما ان لا تفعل شيئاً مع ما يرتّبه ذلك من ضرر بصدقيتها ومكانتها.

في المقابل، يرجّح البعض ان تعتمد طهران خيارا يقع بين المنزلتين، بحيث يأتي ردها تحت سقف عدم الانزلاق الى مواجهة شاملة يبحث عنها نتنياهو للخروج من مآزقه، ولكن في الوقت نفسه يكون فوق مستوى الرسائل الاستخبارية المشفرة التي يتم تبادلها في الحرب الأمنية.

واذا كانت طهران قد عُرفت بـ»الصبر الاستراتيجي» في معركتها مع الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة على قاعدة مراكمة عوامل القوة وانتزاع المكاسب باستخدام تكتيك القضم جولة بعد أخرى وليس بالضربة القاضية، الا انها تعلم أيضا انّ المبالغة في هذا السلوك قد تحوّله في لحظة ما، عنصر ضعف يستفيد منه عدوها لـ لَيّ ذراعها بناء على استنتاج مسبق لديه بأنها ليست في وارد الذهاب إلى حرب واسعة، وبالتالي فهي تبدو معنية بأن توجّه إليه رسالة تحذير من تَبعات أن يخطئ في حساباته، كما فعل بقصفه للقتصلية.

أيّاً يكن الأمر، يلفت العارفون الى أن القيادة الإيرانية ستتخذ قرارها وفق ما يناسب مصالحها الاستراتيجية ومقاربتها لمقتضيات المواجهة في هذه المرحلة، من غير ان تتأثر لا بتحريض المزايدين ولا بحماسة المناصرين.

عماد مرمل – الجمهورية

Leave A Reply