يغرق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بمستنقع الفشل الذي يتخبط فيه منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، خصوصا بعدما دفعه عجزه عن تحقيق أهداف الحرب على غزة الى حالة من الجنون والخوف على المصير ترجمتا بإرتكابه إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، والقفز الى المجهول بضرب أهداف خارج فلسطين كان آخرها إستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق في سعي واضح منه لاستدراج المنطقة الى حرب شاملة تبقيه على رأس السلطة في الكيان الغاصب وتمنع عنه كأس الحساب العسير.
ليس سهلا ما تشهده إسرائيل اليوم من تطورات دراماتيكية، فأهالي الأسرى والمحتجزين الاسرائيليين خرجوا عن تحركاتهم التقليدية الى إقتحام الكنيست الاسرائيلي خلال إجتماعه العام، وعملوا على دهن أيديهم باللون الاصفر الذي اتخذوه تعبيرا عن غضبهم، وطبعوها على جدران الكنيست مطالبين بإبرام صفقة التبادل مع المقاومة الفلسطينية بشكل فوري.
وبالتزامن أعطى زعيم المعارضة يائير لابيد الضوء الأخضر لمناصريه للنزول الى الشارع لتفعيل المطالبة بإسقاط نتنياهو وإجراء إنتخابات مبكرة.
الضغط الذي يواجه رئيس حكومة الاحتلال في الداخل والمرجح أن يتصاعد في الأيام المقبلة، تضاعف خارجيا في ظل الغضب الدولي من إسرائيل على إمعانها في إرتكاب المجازر وقتل المدنيين.
وفي هذا الاطار، هدد رئيس وزراء بريطانيا ريسي سوناك نتنياهو بإعلان اسرائيل “منتهكة للقانون الدولي”، مؤكدا أن القضاء على “حماس” لا يكون من خلال كارثة إنسانية.
تهديد سوناك تزامن مع غضب كندي من إقدام إسرائيل على قتل عمال الاغاثة في غزة الاثنين الفائت، حيث ستقوم كندا بتوجيه توبيخ رسمي الى إسرائيل على أن تتبعها دول أخرى، في وقت ما تزال قوات الطوارئ اليونيفل تحقق في إستهداف دورية لها في جنوب لبنان، وهو الأمر الذي سيضاعف من النقمة الدولية على إسرائيل التي يزداد جنونها مع إستمرار صمود المقاومة التي ما تزال على جهوزيتها، مع الجبهات المساندة وخصوصا في جنوب لبنان حيث تلحق المقاومة الاسلامية الخسائر اليومية في جنود وآليات ومراكز العدو.
أمام هذا الواقع، يقع نتنياهو في أكثر من مأزق حقيقي، ففي الداخل الاسرائيلي، مطلوب رأسه بعد إتهامه بأكبر إخفاق عسكري في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي في السابع من أكتوبر، وبفشله في تحقيق أهداف الحرب سواء بالقضاء على حماس أو باستعادة الأسرى الاسرائيليين، وتسببه أكثر من مرة في تعطيل مفاوضات التبادل.
وفي غزة، لم يعد بإمكانه تحقيق أي إنجاز ما يدفعه الى إرتكاب المزيد من المجازر التي لم تعد يُحسب لها حساب في الاستراتيجية العسكرية، في وقت ما تزال فيه عملية إجتياح رفح غير واضحة المعالم.
ودوليا، سقوط كل أقنعة إسرائيل التي ظهر وجهها الحقيقي البشع والوحشي أمام الرأي العام العالمي الذي بدأ يتعاطى معها بالتهديد والتوبيخ.
لذلك، لم يعد أمام نتنياهو سوى إستدراج المنطقة الى حرب شاملة تُخرجه من هذه المآزق، وتورط أميركا ودول أوروبا فيها، ومن هنا جاء إستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، حيث تشير كل المعلومات الى أن الرد الايراني سيكون حتميا، لكن وفق قواعد معينة لعدم تحقيق رغبة نتنياهو بإندلاع الحرب.
غسان ريفي – سفير الشمال