كتبت”الاخبار” تقول: بهدوء واطمئنان، حرص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على تبديد أوهام المشكّكين في الرد الإيراني على الاعتداء الذي تعرّضت له القنصلية الإيرانية في دمشق. ومن موقع العارف بالخفايا، حسم بأن «الرد آت لا محالة»، وذهب إلى ما هو أبعد، مسلّطاً الضوء على مرحلة ما بعد الرد الإيراني، وخيارات العدو التي ستحدد مسار التطورات، داعياً إلى أن تتحضّر كل الجهات، في إشارة إلى مروحة من السيناريوهات التي يمكن أن تتجه إليها المنطقة، من ضمنها إمكانية التصعيد الذي ستكون له تداعيات على مجمل الوضع في المنطقة وعلى مستقبل الحرب الدائرة.
ورغم استبعاده إمكانية شن العدو حرباً على لبنان، أكد نصرالله أن «المقاومة في لبنان لا تخشى حرباً وهي على أتم الجاهزية، وإذا أرادوا الحرب نقول لهم يا هلا ويا مرحب»، وتوعّد العدو بأنه «سيندم» على أي حرب، وهو موقف أصبح التأكيد عليه أكثر إلحاحاً في ضوء المرحلة الجديدة التي دخلتها المعركة الإقليمية بعد قصف القنصلية الإيرانية الذي وصفه بـ«الحدث المفصلي» في رسم ملامح الوضع الإقليمي، مؤكداً أن «الحماقة التي ارتكبها نتنياهو في القنصلية الإيرانية ستفتح باباً للفرج ولحسم المعركة». ومنعاً للالتباس بين ما تشهده معركة الجنوب وسيناريو الحرب الواسعة، لفت نصرالله إلى أن «السلاح الأساسي لم نستخدمه بعد»، مشيراً إلى أن «المقاومة أدارت معركتها في الأشهر الستة الماضية «ضمن رؤية واستراتيجية تهدفان إلى تحقيق النصر وحماية لبنان». وشدّد على «أن هذه المعركة سنصل فيها إلى النصر، ومن يقول إن هذه المعركة ستصل إلى هزيمة عليهم إعادة حساباتهم. محور المقاومة ذاهب إلى انتصار تاريخي وكبير».
وفي الاحتفال المركزي الذي أقامه حزب الله، أمس، لمناسبة يوم القدس العالمي في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، لفت نصرالله إلى ما ينتظر لبنان من استحقاقات بعد هذه الحرب التي «سيعود نفعها على كل لبنان، وإنجازات النصر أمنياً وبرياً وبحرياً وسيادياً ستعود بركاته على كل لبنان وكل الشعب اللبناني». كما كانت لافتة إشارته إلى إعادة فتح ملف النفط والغاز في البحر، وبأن المقاومة لن تقبل بالوضع القائم حالياً حيث يواصل العدو استخراج الغاز من كاريش فيما يقع لبنان تحت رحمة الشركات العالمية.
وقال نصرالله إن «التهديد بالحرب الشاملة على لبنان لم يؤدِّ إلى وقف الجبهة، والضغوطات كلها لم تغيّر من موقفنا، فالجبهة في لبنان مستمرة ومرتبطة بغزّة»، مؤكداً أن «المقاومين على الحدود والجبهة الأمامية جاهزون لأي رد فعل». وأضاف «لا تبالوا بالتافهين، ونقول للعدو والصديق وللجميع إن المقاومة في لبنان لا تخشى حرباً ولا تخاف من الحرب… والعدو يعرف ما الذي تعنيه الحرب مع لبنان».
العدو سيندم على أي حرب ضد لبنان والسلاح الأساسي لم نستخدمه بعد
وأشار نصرالله إلى أن «أحد أسباب شن الحروب على إيران والعداء لها هو موقفها تجاه إسرائيل والقدس والمقاومة الفلسطينية وتقديمها تضحيات جساماً في سبيل هذا الموقف. وإيران كانت ولا تزال سنداً حقيقياً لكلّ من يقاتل هذا الاحتلال، ويقاوم في فلسطين ولبنان والمنطقة، وبدعمها غيّرت الكثير من المعادلات وأسقطت الكثير من مشاريع الهيمنة، وساهمت في انتصارات المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة».
واعتبر أن «هناك من هو غير قادر على تقبّل هزيمة إسرائيل في المنطقة (…) ونسمع عن سخافة أن كلّ ما يجري في المنطقة هو مسرحية أميركية – إيرانية وتوزيع أدوار»، مؤكداً أن إيران «لا تفاوض على الملفات الإقليمية مع الأميركيين»، و«المقاومين الّذين يسندون ظهرهم إلى إيران، يجب أن يكونوا مطمئنين، لأنّ إيران لا يمكن أن تبيع أو تتخلّى عن أصدقائها والمظلومين في المنطقة». وأضاف: «بالنّسبة لنا ولكلّ مقاوم شريف، فإنّ العلاقة مع إيران والتّحالف معها هما عنوان الشّرف والفخر والكرامة الإنسانيّة في هذا الزمان. ومن يجب أن يخجل هو من يطبّع مع إسرائيل ويقيم العلاقات معها ويدافع عنها ويسوّغ ويبرّر لها جرائمها، ومن يقيم علاقات صداقة مع أميركا».
ووصف نصرالله «طوفان الأقصى» بأنه «مفصل تاريخي في منطقتنا. نحن أمام حدث جعل بقاء إسرائيل في دائرة الخطر وكشف هشاشتها وضعفها لولا أن تداركها الشيطان الأكبر». ولفت إلى أن «الحرب التي بدأت على غزة هي حرب من فقد عقله، وهذا من أسباب فشلها، وبعد 6 أشهر من الحرب ما زال نتنياهو وغالانت وآخرون في الكيان فاقدين لعقولهم».
خمسة شهداء
ميدانياً، واصل حزب الله منذ الساعات الأولى لفجر أمس ضرب مواقع وثكنات وتجمّعات جنود العدو الإسرائيلي على طول الحدود مع فلسطين المحتلة. فاستهدف تحركاً لجنود العدو وآلياته في موقع المالكية، وآليةً عسكرية عند بوابة موقع المطلة بصاروخ موجّه «أصابها إصابةً مباشرة، ما أدى إلى تدميرها وإيقاع طاقمها بين قتيلٍ وجريح». ونهاراً، استهدف الحزب التجهيزات التجسسية في ثكنة زرعيت وموقعَي حدب يارون والسماقة، وانتشاراً لجنود العدو في محيط موقع المنارة ومجموعة لجنود الاحتلال في مبنى في مستعمرة أدميت.
ونعى حزب الله الشهيدين علي ناصر عبد علي من بلدة عيتيت، وبلال حيدر حلّال من بلدة قانا في جنوب لبنان. فيما نعت حركة أمل الشهداء موسى عبد الكريم الموسوي من بلدة النبي شيت في البقاع، ومحمد داوود شيت من بلدة كفركلا ومحمد علي وهبي من بلدة الخيام.
وفي إطار الإجراءات الإسرائيلية المستمرة لمحاولة «التطبيع» مع الوضع القائم في الجبهة الشمالية بفعل عمليات المقاومة، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية وافقت على إنشاء مجمع تعليمي للطلاب الذين تمّ إجلاؤهم من مستوطنة شلومي بسبب احتمال عدم بدء العام الدراسي واستمرار أوامر الإخلاء حتى بعد شهر أيلول. وكشفت قناة «كان» العبرية أن عدد النازحين من الجليل الشرقي بلغ 40.291 مستوطناً، 39% منهم يقيمون في الفنادق.