يبدو أن لعبة «عض الأصابع» الصاروخية بين طهران وتل أبيب قد وصلت إلى نهايتها السريعة، بأقل قدر من الخسائر على الطرفيْن المتبارزيْن.
الهجوم الإيراني الشامل بعشرات المسيّرات والصواريخ الباليستية ليلة الأحد الماضي، إقتصرت أضراره على خسائر محدودة، في قاعدة سلاح الجو الإسرائيلي «نفاتيم» في منطقة النقب، وتركز اساساً على أهداف ومواقع عسكرية، ولم يكن موجهاً ضد أهداف مدنية أو إقتصادية، كما أعلنت البيانات الإيرانية الرسمية. وأكتفت القيادات الإيرانية بالقول أن الهجوم المكثف كان هدفه إيصال رسالة للإسرائيليين: إيران قادرة على توجيه الضربات الصاروخية في عقر داركم، وصولا إلى النقب، وعلى مقربة من المفاعل النووي «ديامونا» بالذات.
مسارعة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في حلف الأطلسي، إلى التصدي لعشرات المسيّرات والصواريخ الإيرانية في الجو، و إسقاطها قبل وصولها إلى أهدافها على الأرض، ساهم ،وإلى حد كبير، بتطويق خسائر الهجوم الإيراني، وإنقاذ حكومة نتانياهو من عجزها على مواجهة الهجوم الإيراني دون مساعدة أطلسية.
كشف الرد الإيراني على غارة القنصلية في دمشق، عدم قدرة الكيان الصهيوني على الدفاع عن نفسه منفرداً، أمام مثل هذه الهجمات الصاروخية المكثفة، الأمر الذي أشاع أجواء من عدم الثقة والإحباط في الشارع الإسرائيلي ، وفي أوساط النخب السياسية والإعلامية، بعد سقوط مقولة «الجيش الذي لا يُقهر» في غزة، ثم في المواجهة مع إيران. هذا الواقع المستجد، والذي هدد تحالف اليمين المتطرف في الكنيست، دفع نتانياهو إلى عدم التجاوب مع الطلب الأميركي بعدم الرد على طهران، والذهاب إلى قصف أصفهان، في الوسط الإيراني، وعلى مقربة من منشأة نووية في المنطقة المستهدفة.
اللافت في الغارة الإسرائيلية، عدم إعلان تل أبيب عن الغارة، وتجاهل طهران لنتائج الغارة، والتصرف وكأنها لم تكن، على إعتبار أنها لم تحقق أهدافها، ولم تتسبب بأية خسائر.
ورغم أن الإعلام الاسرائيلي إعتبر غارة أصفهان بمثابة إقدام «حكومة نتانياهو على اللعب بالنار»، فإن صمت تل أبيب، وإنكار طهران، مؤشران على عدم رغبة الطرفين بمزيد من التصعيد والتحدي المتبادل، وتفادي مواجهة مباشرة وأكثر سخونة بينهما.
ولكن في الوقت الذي عمل فيه الطرفان الإيراني والإسرائيلي على تبريد التحديات على المستوى الإقليمي، وإستبعاد الحرب المباشرة بينهما، تستمر «حرب الإستنزاف» في الجنوب اللبناني، بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، مع ما تحمله من خسائر في الأرواح والممتلكات في الجانب اللبناني، دون إفق محدد، غير التلازم مع إستمرار الحرب على غزة.
فهل مفعول التبريد الإيراني ــ الإسرائيلي إلى الجنوب اللبناني؟
صلاح سلام – اللواء