كتبت “الديار” تقول: على وقع التصعيد الاقليمي والتهديدات الاسرائيلية المتصاعدة، تحرك لبنان الرسمي باتجاه فرنسا حيث شهدت العاصمة الفرنسية لقاء بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، تبعه استقبال ماكرون لقائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يزور باريس تلبية لدعوة من رئيس اركان الجيوش الفرنسية بهدف استكمال النقاش حول المساعدات للمؤسسة العسكرية اللبنانية بعد اجتماع روما منذ حوالى شهر.
وفي التفاصيل، قالت مصادر مطلعة للديار ان زيارة ميقاتي لباريس ليس هدفها البحث بالازمة الرئاسية بل لتناول مسألة النازحين السوريين مع الرئيس ماكرون بعدما فاقت قدرة الدولة على تحمل عبء النزوح السوري على كل المستويات والطلب من فرنسا المساعدة في حل هذا الملف. اضف على ذلك، تطرق اللقاء بين ماكرون وميقاتي ايضا الى كيفية تجنيب لبنان الحرب الشاملة حيث تسعى فرنسا جاهدة الى ابعاد لبنان عن النيران «الاسرائيلية» المرجحة الى الامتداد الى كل لبنان.
وتابعت المصادر المطلعة ان مجرد حضور ومشاركة الجنرال عون في اللقاءات الفرنسية فهذا يعني ان فرنسا تعطي معلومات للدولة اللبنانية من خلال ميقاتي وعون حول نوايا «اسرائيل» بمواصلة الحرب حتى تحقيق اهدافها ومنها ابعاد حزب الله الى ما بعد نهر الليطاني. وهنا تنوي باريس اعادة احياء طرحها حول تطبيق القرار 1701 والذي افشلته واشنطن.
اللجنة الخماسية: اعداد ورقة تتضمن النقاط المشتركة لفتح ثغرة في جدار الازمة الرئاسية
بموازاة ذلك، تسعى اللجنة الخماسية الى اعداد ورقة تتضمن النقاط المشتركة التي توصلت الى جمعها نتيجة اللقاءات التي قامت بها مع جميع الاطراف السياسية، لبحثها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على ان تكون منطلقا لاي حوار تمهيدي بهدف فتح ثغرة في جدار الازمة الرئاسية.
ووفقا لمصادر مطلعة فان «الورقة المشتركة» ستطرح على «طاولة حوار» تشكل الممر للوصول الى جلسات انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، بعدما ان تكون حلت عقدة ارساء عرف جديد يتمثل بالاتفاق على رئيس الجمهورية من خلال حوار دعا اليه الرئيس بري سابقا، الامر الذي يفرغ آلية الدستورية الديمقراطية لانتخاب رئيس للجمهورية.
امام هذا الواقع، يبقى على المساعي الجارية ان تتوصل الى اتفاق الاطراف على تحديد الشخصية التي سترأس «طاولة الحوار» المرتقبة.
جعجع: النزوح السوري خطر وجودي على الهوية اللبنانية
وفي نطاق اخر، دق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ناقوس الخطر حول الاعداد الهائلة من النازحين السوريين غير الشرعيين في لبنان معتبرا ان هذا الامر يشكل خطرا وجوديا على لبنان وعلى شعبه. وشدد جعجع ان الوطن لديه ثوابت وقوانين ومقوّمات، وإذا خرجنا عنها لن يكون لدينا وطن، وإذا لم ننتبه لوطننا قد يصبح اللبناني لاجئاً في بلده»، مضيفا: «بكل بساطة، أستطيع أن أفترض بأن الأزمة السورية قد تمتد 13 سنة إضافية، ما يعني أنه قد تصبح نسبة النازحين السوريين 4 ملايين في الـ2030 ليوازي عدد اللبنانيين». وبمعنى اخر، ان الهوية اللبنانية مهددة بالزوال اذا استمر الوضع على هذا المنوال من دون تحرك فعلي من قبل السلطة حيث ان اللبناني يواصل الهجرة في حين ان النازح السوري يواصل ايضا الدخول الى الاراضي اللبنانية.
ولفت جعجع الى ان:» قانون الامن العام ينص على ترحيل من لا يحمل إقامة، وهذا القرار ليس بحاجة إلى قرار قضائي فـ «الحل عنا» نحن وليس في الاتحاد الاوروبي. والغريب في لبنان أنه لا يوجد أحد يريد أن «يعمل بطل» وهذا خطأ وهم بهذا الفعل يعرضون اللبنانيين لأكبر خطأ»، مشيراً إلى أن «مسألة لجوء السوريين في لبنان بالنسبة لنا هي خطر وجودي فعلي يهدد وطننا».
التباعد بين الوطني الحر وحزب الله حول غزة لا يعني القطيعة بينهما
من جانبها، قالت اوساط متابعة للعلاقة بين حارة حريك وميرنا الشالوحي لـ «الديار» ان التباعد في المواقف بين حزب الله وحليفه «التيار الوطني الحر» في ما خص الحرب الجنوبية ومساندة الحزب لـ «حماس» وضمن «وحدة الساحات» لا يعني القطيعة والتباعد بين الطرفين.
وتكشف هذه الاوساط عن استمرار التواصل بين الطرفين بعد فترة من غياب اللقاءات المباشرة باستثناء زيارة وفد «الوفاء للمقاومة» للرابية ولقائه الرئيس ميشال عون.
وتشير الاوساط الى حصول لقاء منذ بضعة ايام حيث كان لقاء ايجابياً طرح فيه كل المواضيع الخلافية وغير الخلافية. واضافت هذه الاوساط ان التلاقي في انتخابات نقابة المهندسين ليس مستجداً وفي كل الانتخابات النقابية يجري التنسيق بين «التيار» و «الثنائي الشيعي» ولكن هذا العام اخذ التنسيق طابعاً مختلفاً مع فوز مرشح «التيار» والتحالف مع «الثنائي» على مرشح القوات والقوى الاخرى وفي ظل تحريض وتجييش للشارع المسيحي ضد «الثنائي» والسوريين بعد مقتل القيادي القواتي باسكال سليمان.
وعن التقارب بين النائب جبران باسيل والرئيس نبيه بري ومستقبله على العلاقة بين الطرفين، تلفت الاوساط الى ان الامور في خواتيمها ولا يزال الحوار بين الطرفين «شغالاً» وفي بدايته.
القوات اللبنانية: خطابنا وطني وسيادي وليس طائفيا
بدورها، وردا على سؤال بان موقف القوات جاء متأخرا من خطر وجود النازحين السوريين في لبنان، اوضح مسؤول بارز في القوات اللبنانية للديار ان حزبه لم يتنكر يوما بتأييد «للثورة السورية» انما ادخال او عدم ادخال النازحين السوريين الى لبنان فهذا الامر يقع ضمن مسؤولية الحكومة والسلطة وليس مسؤولية المعارضة او هذا الفريق او ذاك. وتابع انه منذ عام 2011 عند بدء النزوح السوري الى لبنان وصولا لعام 2014 تم دخول اعداد هائلة من النازحين السوريين تحت رعاية حكومة اللون الواحد برئاسة نجيب ميقاتي والتي تضمنت هذه الحكومة 11 وزيرا للتيار الوطني الحر.
ولفت المسؤول القواتي الى انه من اللحظة الاولى دعت القوات الى انشاء مخيمات للنازحين على الحدود اللبنانية-السورية بما انه امر بديهي ولكن للاسف طريقة دخول النازحين السوريين تمت بطريقة عشوائية. واضاف ان الجنرال ميشال عون اصبح رئيسا للجمهورية عام 2016 ولكنه لم يأخذ اي اجراء او تدبير مناسب في موضوع النزوح السوري وتداعياته السلبية على لبنان اجتماعيا واقتصاديا وكيانيا. وباختصار، اعتبر المسؤول القواتي ان السلطة هي التي تلام على الواقع الذي وصلنا اليه بوجود اعداد هائلة من النازحين السوريين على الاراضي اللبنانية.
واعتبر المسؤول البارز في القوات ان فريق 8 اذار لا يسعى لاعادة النازحين الى سوريا بل جل ما يقوم به هو مزايدات وكلام شعبوي فقط لا غير لان فريق 8 اذار يعلم جيدا ان النظام السوري لا يريد عودتهم حاليا.
على صعيد اخر، وردا على معلومات تفيد بان القوات لم تفز بنقابة المهندسين نظرا لخطابها الطائفي والتقسيمي الذي ازعج البيئة السنية وعليه سجل تراجع للقوات عند سنة طرابلس وبيروت، نفت مصادر القوات اللبنانية للديار ان خطابها طائفي مشيرة الى ان رئيس حزب القوات سمير جعجع اكد في كلمته الوداعية للشهيد باسكال سليمان «بأن مواجهتنا ليست مواجهة طائفية ولا مناطقية بل وطنية». واضافت هذه المصادر ان المشروع الوطني التي تؤمن به القوات يضم ايضا جهات سنية ودرزية وشيعية مشيرة الى ان القوات كانت تتحالف مع تيار المستقبل الا انه اليوم في حالة اعتكاف سياسي اضافة الى ان القوات لا زالت حليفة اللواء اشرف ريفي والنائب فؤاد مخزومي والنائب وضاح صادق.
ورأت المصادر القواتية ان الثابت في انتخابات نقابة المهندسين والمحامين والطالبية وفي الانتخابات النيابية ان التيار الوطني الحر في حالة تراجع مسيحية كارثية وربح فقط لحصوله على الاصوات الشيعية في حين ان القوات اللبنانية حازت على نسبة 70% من اصوات المسيحيين اي الاكثرية المسيحية في نقابة المهندسين.
فيتو اميركي يمعن في تعزيز الاجرام «الاسرائيلي» ويحبط امال الفلسطينيين
على صعيد اخر، اسقطت اميركا مجددا مشروع قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطينية في الامم المتحدة بعد استخدامها للفيتو رابطة الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة بعد اجراء مفاوضات بين السلطة الفلسطينية و»اسرائيل». هذا الامر يقطع الشك باليقين لمن صدق لوهلة ان الولايات المتحدة الاميركية تؤمن بحل الدولتين اي باقامة دولة فلسطينية فالفيتو الاميركي خير دليل على النفاق الاميركي حول فلسطين وحول خطة السلام للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي.
في غضون ذلك، ووسط التكتم الشديد من قبل حكومة العدو الاسرائيلي الا ان المعلومات التي وردت من واشنطن هي ان «اسرائيل» استهدفت قاعدة جوية بصواريخ بعيدة المدى في اصفهان حيث ان وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ذكرت لصحيفة نيويورك تايمز ان وزارة الحرب «الاسرائيلية» ابلغت البنتاغون مسبقا بالضربة التي نفذتها على القاعدة الجوية العسكرية في مدينة اصفهان.
من جهتها، لم تعلن ايران ببيان رسمي عن الجهة المسؤولة عن اطلاق الصواريخ في وسط محافظة اصفهان انما اشارت الى ان المضادات الدفاعية تم تفعيلها وعليه اسقطت ثلاث مسيرات صغيرة في اجواء اصفهان مؤكدة ان لا خسائر في الارواح ولا في العتاد في القاعدة الجوية العسكرية التي كانت هدفا لهذه المسيرات.
صقور اللوبي اليهودي في اميركا : من اجل بقاء «اسرائيل» يجب….
الى ذلك، يعتبر الصقور في اللوبي اليهودي في اميركا ان بقاء «اسرائيل» يتطلب اعادة ترسيم لخرائط المنطقة وخاصة في كل من لبنان وسوريا والعراق.
هل تتجه المنطقة الى اعادة صياغة اتفاق سايكس بيكو يترافق مع تغيير ديمغرافي؟
منذ السابع من تشرين الاول الماضي اي عند اطلاق حماس عملية طوفان الاقصى والعدوان الاسرائيلي على غزة وجرائم الحرب التي ارتكبها جيش الاحتلال، والمنطقة تعيش تصعيدا غير مسبوق حيث فتحت الجبهة الجنوبية اللبنانية لاسناد غزة وتبعها العراق من خلال بعض الفرق التابعة للحشد الشعبي بتوجيه ضربات لقواعد اميركية في سوريا كما لحق الحوثيين بحملة اسناد غزة فجرى التصعيد في البحر الاحمر. والتوتر بلغ ذروته عندما ظهر الصراع الايراني – «الاسرائيلي» الى العلن فاقتربت المنطقة من اندلاع حرب اقليمية كبيرة الا ان الجهد الاميركي خفف من الوصول الى الحرب الشاملة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستبقى المنطقة على حالها بحدودها المرسومة منذ اتفاقية سايكس بيكو؟ ام ان كل هذا القتل والتدمير والتصعيد سيؤدي الى تغيير ملامح المنطقة برمتها؟