الإثنين, نوفمبر 25
Banner

الجمهورية: الحكومة في المخاض الأخير؟.. وبومبيو: الترسيم في طريق مسدود

خالفَ الرئيس المكلف سعد الحريري، في تصريحه من القصر الجمهوري بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كل التوقعات التي كانت قد وضعَت هذا اللقاء في الإطار الشكلي إكراماً للمسعى الذي قام به البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وانّ الأمور ستقف عند هذا الحد. لكنّ تصريحه المتفائل في التشكيل قبل عيد الميلاد، الذي يُصادف بعد غد الجمعة، وانّ الاجتماعات ستبقى مفتوحة حتى الاتفاق على حكومة، شَكّل مفاجأة من العيار الثقيل، وأثبتَ، في حال التوَصّل الى حكومة، أنّ العقدة محلية بامتياز، وانّ وساطة الراعي أثمَرت في تقريب وجهات النظر وحَصر نقاط الخلاف. ولكن مَن قال انّ هذا الجو الإيجابي يختلف عن أجواء إيجابية شبيهة انتهت إلى ما انتهت إليه؟ ولماذا المناخ المتفائل اليوم يختلف عن المناخات المتفائلة سابقاً؟ وهل هو جَو مصطنع أم حقيقي؟ وما الذي قاد إلى هذا التفاؤل، بمعنى مَن تنازل لِمَن؟ وما الضمانات التي حصل عليها كل فريق ليقدّم التنازلات المطلوبة؟ وما مصير الثلث المعطّل؟

قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الحريري لم يكن مضطرّاً إلى بَث هذا الجو التفاؤلي لو لم يستند إلى معطيات تفاؤلية ووقائع صَلبة، لأنّ الرأي العام اللبناني مَلّ من الوعود التي سرعان ما تَتبخّر، ولكن يبدو انّ ما بين حَصر نقاط الخلاف بواسطة البطريرك، وبين تَعهّد «حزب الله» بأنه سيكون حصّته ضمن الثلث المعطّل، سَلكت الأمور مسارها، إنما يبقى 3 ملفات أساسية:

ـ الملف الأول: تسمية الوزراء المسيحيين الذين يتمسّك العهد بتسميتهم، ويرفض أي مساومة في هذا الأمر كما يعلن ويصرِّح.

ـ الملف الثاني: الحقائب الوزارية وما إذا كان سيتمكّن من انتزاع وزارتي العدل والداخلية، وهل يقبل الحريري بالتنازل عن وزارة الداخلية؟

ـ الملف الثالث: يتّصِل بالعلاقة بين الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وهذه العقدة توازي في حد ذاتها العقدة الحكومية، إلا إذا كانت وساطة البطريرك نجحت في التقريب بينهما أيضاً في ظل الحديث عن سَعي لِجَمعهما في بكركي.

لقاء إيجابي

وكان عون والحريري قد اجتمعا بعد ظهر أمس، وعرضا لآخر مستجدات ملف تشكيل الحكومة العتيدة. وقال الحريري بعد اللقاء الذي استمر ساعة وربع الساعة: «إنّ اللقاء مع فخامة الرئيس كان بالفعل إيجابيّاً، حيث ساد جو من الانفتاح، وتم الاتفاق على لقاء ثان غداً (اليوم) مع الرئيس عون من دون تحديد موعد انعقاده لدواعٍ أمنية، وستحصل لقاءات متتالية للخروج بصيغة تشكيل حكومية قبل الميلاد، إن شاء الله».

الحريري قَيّد نفسه

وفيما وصفت مصادر مطلعة على لقاء عون والحريري الأجواء بأنها «إيحابية»، مشيرة إلى أنّ «الأمور جدية، وفي حال تم تذليل العقبات قد يُصار إلى تأليف حكومة في اليومين المقبلين»، قالت مصادر قريبة من العاملين في ورشة التأليف انه رغم الاجواء الايجابية التي أشاعها الحريري واشتركت فيها بعبدا، إلّا ان لا مؤشرات جدية بعد على قُرب ولادة الحكومة، أقلّه في الفترة الزمنية القريبة التي قَيّد الحريري نفسه بها وهي الـ48 ساعة المقبلة، أي قبل عيد الميلاد.

وكشفت مصادر متابعة للملف لـ«الجمهورية» أنّ «السعي الى تذليل العقد جدّي وتقدّم كثيراً، لكنّ النيات ما تزال غامضة وغير ذي ثقة، ما يجعل الموعد الذي حدده الحريري مُلتبساً، وربما سيحتاج الى تمديد بعض الشيء عندما تدخل الشياطين على التفاصيل.

وفي معلومات «الجمهورية» انّ لقاء الساعة والثلث بين عون والحريري رَكّز على جَوجلة جديدة للحقائق، مع لائحة أسماء مقترحة ترضي الطرفين لِجهة بُعدها عن الصفة الحزبية وتَمَركزها في الوقت نفسه تحت عباءة أصحاب القرار.

ولفتت المصادر الى انّ الحريري الذي دخل القصر غير حامل مغلّفاً في يده، وأشار بإصبعه عندما سُئل عنه الى انه موجود في رأسه، ناقشَ مع عون مسودته الحكومية مَشفوعة ببعض الاقتراحات التي وَلّدها من روحية طَرح رئيس الجمهورية الأخير، فتركّز البحث على حقيبتي وزارتي الداخلية والعدل، الأولى لا يرغب الحريري بالتخلّي عنها لأسباب عدة، والثانية يحتاجها باسيل، بحسب مصادر متابعة. وعندما لم يحصل اتفاق، غادرَ الحريري القصر الجمهوري على نيّة لقاء ثانٍ سيحصل اليوم، بعد ان يجري عون مشاوراته حول التشكيلة، التي وبحسب المصادر باتت أقرب الى المعايير الموحدة وأصبحت (6/6/6) لا ثلث معطّلاً لأي ّطرف فيها. كما يجري البحث في إمكانية إسناد حقيبة وزارة الدفاع الى «الحزب التقدمي الاشتراكي» ( وليد جنبلاط)، ليتسنى لرئيس الجمهورية ومعه باسيل الحصول على وزارتي العدل والطاقة وحقيبة وازنة ثالثة.

لقاء مختلف

وفي رواية ثانية، قالت مصادر بعبدا لـ«الجمهورية» انّ اللقاء «كان ايجابياً ومختلفاً عن بقية اللقاءات الـ12 السابقة».

وبعد استعراض المراحل السابقة، اتفق الرئيسان على اجراء مقاربة جديدة للتشكيلة، حيث تمّ التفاهم على الصيغة النهائية من 18 وزيراً ورَسَت نهائياً على تشكيلة الـ 6 × 6× 6، من دون ان يكون لأي طرف الثلث المعطّل، وهو ما كان قد تَم حَسمه من قبل.

وقالت المعلومات انّ المقاربة اجرت مقارنة بين الصيغ السابقة وإحدى الصيغ الجديدة التي طرحها رئيس الجمهورية، وهي قضَت بأن تكون حقيبة وزارة العدل من حصته (بعدما كانت من حصة الحريري الى جانب وزارة الداخلية في تشكيلة 9 كانون الاول)، وأن تبقى وزارة الداخلية في عهدة الحريري، وسط معلومات قالت انّ اسم من سيتولاها تمّ التفاهم في شأنه ايضاً.

وقالت رواية ثالثة انّ العقبة تجدّدت حول حقيبة وزارة الطاقة، لتكون موضوع تبادل مع وزارة العدل، كأن يعيدها عون الى حصة الحريري مقابل حصوله على العدل، علماً انّ تفاهماً نهائياً رَسى على تسمية جو الصدّي لحقيبة الطاقة.

وعلى هذه العقد انتهى الاجتماع، وهو ما كان متوقعاً منذ 48 ساعة، بحسب المعلومات التي قالت انّ التفاهم تم على العودة الى البحث في ما تبقّى من عقد اليوم، وسط حديث عن احتمال الاتفاق النهائي على التشكيلة الوزارية قبل عيد الميلاد المصادِف بعد غد الجمعة، على حدّ ما قال الحريري بعد لقائه عون.

مقاربة مشتركة

وفي غضون ذلك تمنّى تكتل «لبنان القوي»، بعد اجتماعه الدوري إلكترونيّاً برئاسة النائب جبران باسيل، أن «يتوصّل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف بأقصى سرعة الى مقاربة مشتركة تقوم على مبادئ واضحة ومعايير واحدة لعملية تشكيل الحكومة، خصوصاً على مستوى توزيع الحقائب وتأكيد الشراكة التامّة بينهما وفقاً لِما نصّت عليه المادة 53 من الدستور، التي تتحدث في وضوح عن انّ التشكيل يتم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف».

واستنكَر التكتل «الجريمة التي وقعت في بلدة الكحالة، وأدّت الى مقتل المواطن جوزف بجاني بصورة مروعة»، واعتبر أنّ «هذه الجريمة، بظروفها وأسلوبها، هي أقرب الى الجريمة المنظّمة، ولذلك ندعو الأجهزة الامنية والقضائية الى الاسراع في إجراء التحقيقات اللازمة بهذه الجريمة، بما يُطَمئن المواطنين الذين يجتاحهم القلق من تكرار الجرائم المتفرقة في اكثر من منطقة، والتي يجري ربط بعضها بجريمة انفجار المرفأ».

وأسِف التكتل لـ»وجود انطباع بأنّ التحقيق في جريمة المرفأ تشوبه الاستنسابية وعدم الوضوح في القرارات، ما جعلَ الشكل يُرخي بظلاله على شمولية التحقيق الذي يبدو انه يركّز فقط على المسؤولية الادارية بدل التركيز ايضاً، وخصوصاً، على المسؤولية الجرمية وما يتصل بها من تورّط وإهمال».

طريق الترسيم مسدود

من جهة ثانية، برز تطور سلبي على صعيد موضوع ترسيم الحدود البحرية، حيث أبدت الولايات المتحدة الاميركية أمس أسفها للطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات بين لبنان وإسرائيل في شأن ترسيم حدودهما البحرية، بعد أقل من 3 أشهر من انطلاقها بوساطة أميركية وبرعاية الأمم المتحدة.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان أمس، «في وقتٍ سابق من هذا العام، سَعت الحكومتان الإسرائيلية واللبنانية إلى مساعدة الولايات المتحدة في التوسّط للتوَصّل إلى اتفاق بشأن حدودهما البحرية». وأضاف: «من شأن هذا الاتفاق تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة على الأرجح لشعبَي البلدين». وتابع: «للأسف، رغم وجود بعض النيات الحسنة للجانبين، فإنّ الطرفين لا يزالان متباعدين جداً»، مؤكداً أنّ واشنطن «مستعدة للتوسّط في مناقشات بنّاءة». وحَضّ «الطرفين على التفاوض على أساس مطالباتهما البحرية أمام الأمم المتحدة».

ورحّب وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، ببيان بومبيو»الذي أوضح حقيقة أنّ المفاوضات من أجل حل وسط يتعلق بالخلاف المعروف بين الخطوط البحرية الإسرائيلية واللبنانية، كوديعة من قبل البلدين لدى الأمم المتحدة في عام 2010».

كورونا

من جهة ثانية، أعلنت وزارة الصحة العامّة، في تقريرها اليومي حول مستجدات فيروس كورونا أمس، تسجيل 1693 إصابة جديدة (1688 محلية و5 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 160979». ولفتت إلى تسجيل 17 حالة وفاة جديدة، ليرتفع عددها الإجمالي الى 1311 حالة.

وعقدت لجنة الصحة العامة والشؤون الاجتماعية جلسة برئاسة النائب عاصم عراجي، الذي ناشَد، بعد الإجتماع، اللبنانيين «التزام الاجراءات الوقائية التي اصبحت معروفة: الكمامة، التباعد الاجتماعي (الجسدي)، وعدم الاختلاط ضمن الاماكن المغلقة، خصوصاً في هذا الفصل حيث تعقد الإجتماعات في أماكن مغلقة».

وأكّد أنّ «الاجتماعات في المنازل تساهم في سرعة الانتشار، خصوصاً اننا نلاحظ انّ نسبة الوفيات في لبنان ما زالت هي هي ولم تتراجع، وتوقعاتي أنّ الاصابات ستزداد خلال الشهرين المقبلين». وشدد على أنّ «ظهور سلالة جديدة يدعو للخوف، لأنّ هذا التغيير أسرع انتشاراً وانتقالاً». وختم: «ما نراه في الشوارع هو «فلتان»، لا نرى كمامات وهناك تجمّعات في المناطق وفي بيروت والمدن، وهذا سيؤدي الى كارثة لاحقاً ولن يبقى هناك مكان في المستشفيات».

Leave A Reply