كتبت صحيفة الجمهورية تقول: توزّعت الاهتمامات أمس بين ملف النزوح السوري المفتوح بين لبنان واوروبا عبر القناة القبرصية هذه المرة وبين الوضع على حدود لبنان الجنوبية في ضوء الورقة الفرنسية المعدّلة في شأن تنفيذ القرار الدولي 1701 وما سيكون من رد لبناني جديد عليها، خصوصا انها لم تأخذ بكل الملاحظات اللبنانية التي دفعت الجانب الفرنسي الى تعديلها بعدما كان لبنان وجد النسخة الاولى منها التي عرضت عليه مُنحازة لمصلحة اسرائيل على حساب مصلحته.
تقدّم ملف النزوح السوري على الورقة الفرنسية في شأن الجنوب والقرار الدولي 1701، وشغل الاهتمام الرسمي خلال زيارة الساعات الست للوفد الأوروبي الرفيع المستوى لبيروت، فيما بقي العمل على تشخيص الورقة الفرنسية وإعداد الرد عليها طي الكتمان…
وعلمت «الجمهورية» ان الورقة الفرنسية هي عبارة عن صفحة ونصف الصفحة أرسلت الى لبنان عبر السفارة الفرنسية باللغتين الفرنسية والإنكليزية، ويتم تنسيق الرد عليها بين السرايا الحكومية وعين التينة فيما يعمل الخليلان (المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل) على تفنيدها والرد عليها بموقف موحّد ومنسق مع «حزب الله» الذي سيعطي أجوبته على المراحل الثلاث التي تضمنتها.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر مطلعة ان الطرح الفرنسي في ما خَصّ المراحل الثلاثة تغيّر في بعض الصياغات وتمت إزالة عبارات سبقَ لـ«حزب الله» ان رفضها وللبنان ان تحفّظ عنها، واستُعيض عنها بعبارات مختلفة في الطرح والصياغة، فقد استُعيض عن عبارة «ترتيبات أمنية» بعبارة «إعادة تموضع» مثلاً، ولم تذكر الورقة كلمة انسحاب ولا تحديد كيلومترات. واكدت المصادر انّ رد لبنان سينطلق من مسلّمة لا مساومة عليها وهي وقف العدوان على غزة وتطبيق القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته على الحدود الجنوبية، متوقعة ان يأخذ الرد مدة أسبوع لإعداده في صيغته النهائية.
وذكرت المصادر أنّ موقف الثنائي من الورقة الفرنسية سيصدر قريبًا جدًا، وسيُنسق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ويبلّغ رسمياً الى الجانب الفرنسي.
«إتفاق إطار»
وعلمت «الجمهورية» من مصادر نيابية في ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله»، انّ اتصالات الفرنسيين والاميركيين متواصلة خصوصاً مع بري، من اجل حصول ترتيبات حول معالجة موضوع تثبيت الحدود البرية وحَل الخلاف حول نقاط التحفّظ اللبنانية المتبقية عند الخط الازرق، وهناك حديث عن جدول زمني يتم البحث فيه للتنفيذ، من ضمن ما وصفته الديبلوماسية الفرنسية التوصّل الى «اتفاق إطار» عام، يمكن البناء عليه بعد توقّف حرب غزة للوصول الى اتفاق نهائي على موضوع الحدود لاحقاً، ومن ضمنه البحث في مصير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة.
وكانت قناة «العربية» قد نقلت امس عن وزارة الخارجية الفرنسية انها سلّمت الى لبنان وإسرائيل «خريطة طريق لخفض التصعيد ونأمل أن نحصل على جواب على مقترحنا. ولن نعلّق على ما قيل حول مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان».
واضافت «أننا نأمل أن نحصل على جواب من إسرائيل قريبًا على مقترحنا في شأن لبنان».
ملف النزوح
وعلى صعيد ملف النزوح السوري قالت مصادر حكومية لـ«الجمهورية» ان لبنان يتلمّس للمرة الأولى تفهّماً أوروبياً غير مسبوق لمشكلة النزوح السوري على ارضه، وقد وضعت الحكومة خطة مفصّلة شرحَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خطوطها العريضة لرئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فونديرلاين والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس. كذلك شرح الواقع المرتبط بكل ملف النزوح وتداعياته على كل الصعد دفعاً في اتجاه ان يكون الموقف الأوروبي اكثر تفهّماً لكل الخطوات». واضافت المصادر: «ما حصل اليوم هو امر مهم جدا وبداية إيجابية لدعم لبنان، لكن يبقى الأساس هو تبنّي الاتحاد الأوروبي لمطلب لبنان العمل على اعتبار انّ هناك مناطق آمنة في سوريا وهذا يحتاج إلى قرار أوروبي موحد، وان الرئيس القبرصي يدفع بهذا الاتجاه… وفي المرحلة الثانية سيكون العمل على هذه النقطة».
واكدت المصادر انّ ميقاتي عاكِف على إعداد خطة وتقرير كامل سيقدمه للاتحاد الأوروبي في اجتماع بروكسل في وقت لاحق من الشهر الجاري. واشارت إلى ان هذه الزيارة لأعلى مسؤولة في مفوضية الاتحاد الاوروبي، وان عبّرت عن بداية تَفهّم لخطورة الوضع في لبنان وانعكاساته على امن أوروبا، إلا أنها لم تأت على حسم أي موقف وقد بَدا فيها الرئيس القبرصي اكثر تعاطفاً وواقعية ازاء لبنان من رئيسة المفوضية الاوروبية. وكشفت المصادر ان ميقاتي أصرّ خلال المحادثات بشدة على موضوع المناطق الآمنة، وكان واضحا في تحذيراته عندما اكد انّ لبنان هو بلد عبور وليس بلد لجوء، ما يعني ان البحر سيكون أمام النازحين إذا لم تعالج أزمة النزوح. وصحيح ان القنبلة ستنفجر في وجه لبنان لكنّ شظاياها ستصل إلى كل أوروبا».
وحول حزمة الأموال التي سيقدمها الاتحاد الأوروبي قالت المصادر نفسها: «هذه خطوة غير مسبوقة وايجابية لكن الخوف ان تكون ثمناً لسكوتنا أقلّه حتى سنة ٢٠٢٧، وهو التاريخ الذي أتت فون دير لاين على ذكره في جدولة الدفع.
وفي السياق نفسه علمت «الجمهورية» من مصادر تابعت محادثات الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الاوروبية مع بري وميقاتي، انه لم يتم البحث في آلية تنفيذ ما أعلنته فونديرلاين عن تقديم رزمة مساعدات مالية للبنان بقيمة مليار يورو والاستعداد لتوطين أعداد من النازحين في دول الاتحاد الأوروبي. لكن تم طرح القطاعات التي سيتم دعمها ومنها الجيش والقوى الامنية بهدف ضبط الحدود (لم تحدد البرية ام البحرية) لوقف تهريب المهاجرين الى اوروبا. لذلك اقترح بري على الضيفين تشكيل لجنة مشتركة بين لبنان والاتحاد الاوروبي للبحث في الآلية التنفيذية. كما تم التركيز في المحادثات على طريقة تسهيل عودة النازحين واعادة توطين الراغبين منهم في دول اخرى. كذلك كشفت انه لم يتم التركيز كثيراً من جانب الضيفين على تفاصيل جانب الدعم المالي.
لكن المصادر فهمت من سياق الحديث ومن اللقاءات السابقة التي جرت بين مسؤولين لبنانيين واوروبيين، ان اوروبا ستعيد توطين مَن تنطبق عليهم صفة اللجوء من اصحاب الكفايات العلمية والفنية فقط، تِبعاً لحاجتها الى اليد العاملة الاختصاصية في قطاعات معينة وليس لأي نازح.
واوضحت المصادر انه بَدا من سياق الحديث ايضاً ان الاتحاد الاوروبي وصل الى اقتناع بأنه لا يمكن الاستمرار في هذا الوضع المتعلّق بالنازحين في لبنان، وان دعم المؤسسات اللبنانية اصبح حاجة لا بد منها سواء لضبط الحدود ومنع الهجرة غير الشرعية او لتمكين لبنان من تحمل اعباء النزوح.
وكان الرئيس القبرصي تحدثَ في مؤتمر صحافي مشترك مع ميقاتي وفونديرلاين، في السّرايا الحكومية، عن «رزمة دعم شاملة من المساعدات للبنان، تشمل المساعدة في برامج الدّعم للشعب اللبناني، مكافحة التهريب، وتعزيز قدرات السّلطة لمراقبة الحدود»، مشيرًا إلى «أنّنا نقوم اليوم بخطوة مهمّة من أجل شعب لبنان، كي نعالج بشكل أفضل التحدّيات المشتركة». ولفت إلى أنّ «الاتحاد الأوروبي يؤكّد اليوم وقوفه مع لبنان، والعمل على تقويته وتعزيز العلاقات معه»، مؤكّدًا «أنّنا نتفهّم بشكل عميق المشاكل والتحدّيات التي يواجهها لبنان، والأزمة طويلة الأمد في سوريا قد ضخّمت العواقب السلبيّة على لبنان وشعبه». وشدّد على أنّه «لا يمكننا الوقوف على الحيد تجاه ما يتكبّده لبنان من أعباء سبّبتها أزمة اللجوء».
فوندرلاين
ومن جهتها أعلنت فوندرلاين انَّ الاتحاد الأوروبي سيقدِّم حزمة مساعدات مالية للبنان بقيمة مليار يورو للفترة الممتدة من السنة الجارية وحتى عام 2027. وسيعزِّز هذا الدعم المستمر من الاتحاد الأوروبي الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة للشعب اللبناني. كما أنَّه سيواكب الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمصرفية الملحة. علاوةً على ذلك، سيجري تقديم الدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى على شكل معدات وتدريب لإدارة الحدود ومكافحة التهريب». وقالت إنّ «زيارتي اليوم شهادة قوية على دعم الاتحاد الأوروبي المستمر للبنان وشعبه. وكانت هذه أيضاً الرسالة الواضحة للقادة الأوروبيين في قمتنا الأخيرة، وهم ملتزمون بتقديم دعم مالي كبير للبلاد في ضوء التحديات الكبيرة التي تواجهها». وأضافت أنَّ «مبلغ مليار يورو حتى عام 2027 سيوفّر المساعدات التي يحتاجها الشعب اللبناني بشدة ويساهم في أمنه واستقراره».
مسار جديد
ولاحظ ميقاتي أن «هناك مسارا جديدا من الناحية الأوروبية» حول موضوع النازحين السوريين»، وقال: «إن اي سوري يقيم في لبنان إقامة غير شرعية سيتمّ ترحيله وسيُنظر في جميع المسجّلين نظرة تختلف عن النظرة المخصصة لغير المسجلين». واضاف: «في المؤتمرات الماضية التي تتعلق بالإتحاد الأوروبي، كان يُقال إنه يجب إبقاء السوريين عندكم وخذوا ما تريدون من أموال». وأوضح أنّ «الدولة اللبنانية عزمت على تطبيق القوانين على كل الأراضي اللبنانية، وكل من يقيم بشكلٍ غير شرعي سيتم ترحيله إلى بلده، وهذا الموضوع لا جدال فيه والأوامر أُعطيت للأجهزة المختصة لتنفيذ ما يلزم» .
واوضح ان «هناك 3 فئات من النازحين: الأولى تشمل الذين دخلوا فور الأحداث، والثانية تضم الذين دخلوا بعد الأحداث وتم تسجيلهم من قبل المنظمات الدولية، فيما الفئة الثالثة تشمل المقيمين غير الشرعيين». وقال: «طلبنا من الاتحاد الاوروبي أن يقر بأنّ هناك مناطق آمنة في سوريا، الا ان هناك انقساما اوروبيا حيال موضوع المناطق الآمنة، وسنقوم بحملة في هذا الإطار لدفع الإتحاد الأوروبي لاتخاذ قرار بأنّ هناك مناطق آمنة في سوريا». وأضاف: «نحن كلبنانيين لن نُعرّض أي لاجئ سياسي إلى الخطر، وسننظر في الحالات التي تتعلق بالمسائل الانسانية وتلك المتعلقة بحماية المقيمين عن طريق اللجوء». وقال: «اتصلتُ برئيس الوزراء السوري وسمعتُ منه جوابًا واضحًا بأن سوريا لا تقف عائقًا في وجه أي سوري يريد العودة إلى بلده». وأكد أنه «في الوقت الحاضر تم إعطاء التوجيه للمدير العام للأمن اللبناني بالإنابة اللواء الياس البيسري لمتابعة هذا الملف وسيزور سوريا قريباً، وعند الضرورة سيزورها وزير الخارجية عبد الله بوحبيب».
وقال: «اليوم وضعنا شرطاً على الاتحاد الاوروبي أن لا تُعطى المساعدات للسوريين في لبنان بل كحافز لعودتهم الى بلادهم وشعرت بتفهّم كامل وسنتابع الموضوع»، مشددًا على أننا «سنأخذ الى مؤتمر بروكسل المتعلق بالنازحين دراسة عن الواقع ورئيسة المفوضية الأوروبية شجّعت حضور لبنان لشرح هذا الواقع».
وقال: «لم أعد أسمع من الاتحاد الأوروبي أن النازحين يجب أن يبقوا في لبنان. ونحن من جهتنا نقول: أيّ مقيم بشكل غير شرعي سيرحل». وأكّد ميقاتي أن «المساعدة الأوروبية هي للبنان واللبنانيين، وقد أكدت هذا الأمر مفوضة الإتحاد الأوروبي في 3 اجتماعات عقدناها».
رتبة الغسل
إلى ذلك، فقد أحيت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي أمس رتبة الخميس العظيم، وشاركت في الرتبة الكنائس الأرثوذكسية في كل لبنان تحضيراً لليوم الكبير، يوم الجمعة العظيمة.