الجمعة, سبتمبر 20

4000 مسافر وصلوا من لندن.. سلالة كورونا البريطانية تغزونا؟!

 وليد حسن – المدن

بعد السلالة الجديدة لفيروس كورونا المكتشفة في المملكة المتحدة، التي أظهرت تغيرات طرأت على بروتين سبياك في الفيروس، وأطلق عليها اسم “VUI-20201/01″، ينشغل العالم أيضاً بسلالة أخرى ظهرت في جنوب أفريقيا سميت “501.V2”. ومثل السلالة البريطانية يبدو أن هذه السلالة الجنوب إفريقية تصيب اليافعين أسوة بالبالغين، لكنها أكثر فتكاً بهم وتحدث عندهم أعراضاً بالغة.

لماذا لم توقف الرحلات؟ 

قد تكون هاتان السلالتان أقل خطورة على البشر من فيروس كورونا المعتاد، مثل غيرها من السلالات التي ظهرت سابقاً، ولم تحدث أي ضجة عالمية. وقد يكون الكثيرون حول العالم وفي لبنان أصيبوا بسلالة متحورة من دون علمهم. خصوصاً أن طبيعة الفيروس هو التحول الدائم في صراعه للبقاء. لكن من حق اللبنانيين معرفة لماذا لم تستجب لجنة كورونا الوزارية مع طلب وزير الصحة، حمد حسن، بوقف الرحلات مؤقتاً مع المملكة المتحدة؟ ولماذا اكتفوا بإلزام المسافرين من لندن بالفحص في المطار والحجر لمدة ثلاثة أيام ومعاودة الفحص مرة ثانية؟ ألا يستأهل اللبنانيون وقف الرحلات لمدة أسبوع، لمعرفة المزيد من الحقائق عن هذه السلالة؟ 

معظم دول العالم أوقفت رحلاتها إلى المملكة مؤقتاً. فهل شركة طيران الشرق الأوسط، التي تسير كل الرحلات من لندن، رفضت وقف الرحلات كي لا تخسر الأرباح المتأتية من هذا “الخط الذهبي”؟ فمن المعروف أن هذا الخط يربط كل دول العالم باتجاه بيروت، وينتقل عبره آلاف المسافرين الترانزيت. أم هناك وزراء في اللجنة لا يكترثون لصحة اللبنانيين بقدر اكتراثهم للأموال التي تدرّها تلك الرحلات؟ وماذا ستفعل وزارة الصحة حيال هذه المستجدات؟

ثلاث حالات 

اليوم أعلن وزير الصحة، حمد حسن، عن اكتشاف ثلاث حالات موجبة وافدة، تمّ تسجيلها على الطائرة الآتية من لندن يوم أمس. وطلب من الأشخاص والأسر المعنية والبلديات اتخاذ كافة التدابير الجدية الوقائية، وتطبيقها على كل الوافدين من المملكة المتحدة، حرصاً على سلامة الجميع، وذلك إلى حين إجراء الفحوص التفصيلية لتشخيص ماهية الفيروس الذي يحمله هؤلاء المسافرين. لكن هنا لا بد من السؤال: كم مسافر أتى من لندن، أقله منذ حوالى الشهر؟ فقد بات معروفاً أن هذه السلالة التي أعلن عنها الأسبوع الفائت، كانت تجول في الكثير من المناطق في المملكة منذ حوالى الشهرين. والإعلان عن السلالة أتى بعدما لاحظ الخبراء ارتفاع عدد الإصابات بشكل مقلق، وخصوصاً بين الصغار في السن.

4000 مسافر في شهر

مصادر خاصة بـ”المدن” أكدت أن عدد الرحلات الآتية من لندن خلال فترة شهر من تاريخ اليوم 23 كانون الأول وصل إلى 28 رحلة، وكان عدد القادمين إلى لبنان نحو 4 آلاف شخص. لكن لا معلومات عن عدد المصابين. ومرد الأمر إلى أن بيانات وزارة الصحة حول حركة المسافرين والرحلات التي يجرى لها فحوص في المطار لا تشمل رحلات لندن. فالمسافرون القادمون من هناك عليهم الخضوع لفحوص في المملكة ولا يصعد أي مسافر على متن الطائرة في حال كانت نتيجته موجبة. وهذا يشمل دول عدة معفية من الفحوص في مطار بيروت منذ أكثر من أربعة أشهر، شرط إجراء الفحوص قبل السفر في الدول التي ينطلقون منها. ورغم ذلك اكتشفت ثلاث حالات البارحة، ما يعني أن حالات أخرى دخلت إلى لبنان سابقاً قبل قرار إخضاع المسافرين من لندن للفحص في مطار بيروت منذ أمس الأول.

وهنا أكدت مصادر وزارة الصحة لـ”المدن”، أنه حيال الحالة المستجدة، ولأن هذه السلالة منتشرة منذ شهرين في المملكة، قررت اللجنة العلمية في الوزارة إعادة التدقيق في بيانات جميع المسافرين إلى لبنان منذ شهرين. وستعمل على تحديد كل اللذين أجروا فحوصاً في لبنان بعد قدومهم وتبينوا أنهم مصابين. وستعمل على إجراء فحوص تفصيلية للمصابين لمعرفة نوعية الفيروس الذي أصيبوا به.

صراع داخل لجنة كورونا؟ 

هذا الإجراء الذي ستعتمده وزارة الصحة مع المسافرين من لندن، رغم فوات الأوان، أفضل من لا شيء. سيكشف أقله إذا كانت السلالة البريطانية تجول بيننا، أم لا. لكن في ظل الكباش الحاصل داخل اللجنة الوزارية ستبقى المشكلة قائمة. فاللجنة العلمية في وزارة الصحة أوصت بوقف الرحلات، ونقل الوزير هذه التوصية، ولم يؤخذ بها. وهذا يستدعي من وزير الصحة مصارحة اللبنانيين، خصوصاً أن الخلافات داخل اللجنة حول طبيعة الإجراءات التي يفترض أن تتخذ في مرحلة الأعياد باتت معروفة.

ماذا عن جنوب إفريقيا؟ 

في انتظار المعطيات الجديدة عن هذه السلالة البريطانية، ومعرفة إذا ما كانت قد دخلت إلى لبنان، ستتجه الأنظار إلى جنوب أفريقيا، والدول الإفريقية بشكل عام، لأن ليس هناك من رحلات مباشرة إلى لبنان من جنوب أفريقيا، لكن المسافرين من هناك ينتقلون عبر دول أفريقية عدة إلى لبنان. وهذا يستدعي مراقبة هؤلاء المسافرين أسوة بأولئك الذين يأتون من لندن، خصوصاً أن تلك السلالة تحدث أعراضاً بالغة بين اليافعين.

ففي جديد هذه السلالة هناك، ووفق عدد من المتخصصين والعلماء التي تحدثت إليهم صحيفة الفاتوكوتيديانو الإيطالية، تشهد جنوب افريقيا موجة ثانية من الوباء، سريعة الانتشار. فهذه السلالة، جعلت العدوى تنتقل بشكل أسرع من قبل، ويحملها ويبثها اليافعون التي تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً. ورغم تأكيده أن الفيروسات تصبح مع الوقت أكثر عدوى لكن أقل خطورة، يقول عالم الجوائح في جنوب إفريقيا، سليم عبد الكريم، إن بيانات الأطباء الذين يشخصون المرضى في جنوب إفريقيا، تشير إلى أن اليافعين باتوا يصابون بأعراض بالغة. وبدا أن التحوّر الذي طرأ على كورونا هناك جعله ينتشر بسرعة أكبر. وهذا ما تدل عليه البيانات التي بدأت تتجمع في جنوب أفريقيا. بالتالي ربما هناك أسباب أخرى غير إصابة هؤلاء اليافعين بهذه السلالة، تجعلهم عرضة لأعراض خطرة. وهذا بحاجة لدراسات وأبحاث كثيرة تجري حالياً في ذاك البلد الإفريقي.

بدوره، يقول عالم الجينات في جامعة تورفيرغاتا في روما، جوزيبي نوفيللي، للصحيفة الإيطالية، إن هذه السلالات ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لأن من طبيعة الفيروس أنه يتكاثر ويتحور أسرع عندما يرتفع عدد الإصابات به. فهو مثل أي كائن حي يصارع من أجل البقاء. وهذا ما يؤكده علماء الفيروسات والأمراض المعدية. لكن، وحتى مع معرفة المزيد عن هذه السلالات، يجب على الدولة اللبنانية أقله اتخاذ إجراءات لحماية مواطنيها، في حال كان المسؤولون يكترثون لهم وبصحتهم. فمتى تتوقف الرحلات من لندن وإفريقيا؟

Leave A Reply