السبت, سبتمبر 21

في شهادة القائد الرِّساليّ المسعف غالب الحاج.. كتب يونس زلزلي

في شهادة القائد الرِّساليّ المسعف غالب الحاج

كان غالب الحاج رقيق الرُّوح كظلّ زيتونةٍ في شيحين، أو كنسمةٍ تداعب سنابل حقولها. بخطوة من إنسانيّة الإخاء والحُبّ قطع مسافةً قصيرةً إلى قلوبنا، وبنخوةٍ من إيمان التَّفاني والإيثار قطع مسافةً طويلةً إلى السَّماء.

ثوى غالب حسين الحاج في جهة المجد وجبهة الخير، وقد أدَّى فرضه للعلا مسعفًا ومنقذًا يدأب ولا يتعب، قويًّا كصخور جبل عامل، نقيًّا كانبلاجة الفجر في الجنوب، رساليًّا خفيف الظلّ وأليف الحضور، خدومًا ولوعًا بالعطاء. تعلَّم في مؤسَّسة جبل عامل المهنيّة وفي كشَّافة الرِّسالة الإسلاميَّة؛ فائتمر بالله والوطن والإنسان، وأيقن أنّ قلوب الرِّساليّين خضراء في مواسم البلاد وشهادتهم حمراء في مكارم الجهاد، وآثارهم بيضاء في عزائم إمداد شعبهم وأرضهم بأسباب الصُّمود. كان يا ما كان كان غالب…يحاول ذات حربٍ أن يطفئ النَّار، ويحاول ذات حربٍ أن يذودَ عن الذِّمار. كان يا ما كان كان غالب…كان رجلًا بقلب طفل وعقل بلد وروح ملاك. كان يا ما كان كان غالب، كان يحبّ الحياة ويصادقُ البشر والشَّجر والحجر…وحين اجتاحت الحرب قرانا، هاجر غالب جنوبًا جنوبًا، ولبث هناك يسعف ويداوي، ويمدّ كفّيه الناصعتين ليمسح جرح الأرض، ويعيد الحياة إلى الرّبوع، يكفكف الدُّموع ويقيم على انتظار اليقين وعلى صباحات الحنين وليالي الأنين، فلا يفترُ همَّةً، ولا يضجرُ من تلبية نداء الواجب في كلّ حين. لكنّ أعداء الحياة هالهم هذا الصُّامد المكابر، وزعزع جبروتهم هذا المسعف الهازئ بالغارات التي استهدفته وإخوانه مرارًا. فامتشقوا حقدهم وظنّوا بقتلهم هذا الفارس العامليّ أنّ عاملة ستأتدم الدُّموع أو تجزع بقلبٍ هلوع، وما عرفوا أنّ سقف العامليّين سماء، وأنّ ركن العامليّين شهادة. فكلّما أمعنوا قتلًا وإرهابًا وتدميرا، تمتلئ قرانا بإرادة الحياة. استشهد غالب مشرقًا بالرَّجاء والأمل، ومؤتزرًا بخير العمل. أغمض عينيه قريرًا مطمئنًّا، فمن كانت رسالته في الدُّنيا “وأعدّوا”، يثق أنّ كشّافه الرّساليّ سيبقى من بعده كما عَهِدَهُ صلب الإيمان في المصاعب والمصائب وفي كلّ الأزمان.

يونس زلزلي

١٠ أيَّار ٢٠٢٤

Leave A Reply