كلما شارك مسؤول أو نائب لبناني في لقاءات في الخارج وجرى البحث في مواضيع الساعة من المواجهات العسكرية في الجنوب الى الاستحقاق الرئاسي، يحضر اسم كبير مستشاري الرئيس الاميركي آموس هوكشتاين حيث تعقد آمال ديبلوماسية على واشنطن اذا سنحت الظروف المؤاتية وأوقفت اسرائيل آلة الحرب في غزة، مع التعويل على امكان تمددها الى الجنوب ولو من دون حسم هذا الامر في ظل التهديدات الاسرائيلية المتواصلة والتي تتوعد بصيف ساخن. ولا يقصّر “حزب الله” في الاعلان عن استعداده لمواجهة حربية كبرى اذا ما فُرضت عليه. في لقاء هوكشتاين مع الوفد النيابي الذي حطّ في واشنطن بمبادرة من النائب فؤاد مخزومي يحل القرار 1701 على طاولة هذا الاجتماع وفي لقاءات اخرى مع مسؤولين في الخارجية حيث يتم البحث في النقاط نفسها لهذا القرار مع السفراء الغربيين في بيروت ايضاً. ونُقل عن هوكشتاين اعترافه بطريقة غير مباشرة بان طرفي النزاع اسرائيل و”حزب الله” لم يطبقا مندرجات هذا القرار، وان لا مهرب في نهاية المطاف من تفعيل المساعي الديبلوماسية شرط التوصل الى وقف لاطلاق النار في الجنوب، وان ربط جبهته بغزة وما سيحل برفح لا يصب في مصلحة لبنان بحسب قراءة اكثر من شخصية في واشنطن، مع ملاحظة ان الانتقادات التي تصدرعن الرئيس جو بايدن حيال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تخرج على ألسنتهم بسهولة. ويشدد هوكشتاين على مسألة وقف اطلاق النار من دون ان يحدد موعد حضوره الى بيروت أقله في هذا التوقيت. ولا تنفك التحذيرات الاميركية عن القول ان في الامكان رغم كل التهديدات المتبادلة في الجنوب ان يتم تشغيل الاتصالات الديبلوماسية غير المباشرة بين تل أبيب والحزب قبل وقوعهما في مواجهة كبرى على غرار تموز 2006. ونُقل عن هوكشتاين قوله ايضا: “انتبهوا من حرب كبرى” في معرض مخاطبته النواب اللبنانيين، وان من الاسلم للبنان التمسك بالقرار 1701 والبحث عن تسوية والاستفادة من نافذة هذه الفرصة لتكون محل قبول عند جانبي الحرب تؤدي الى عودة المستوطنين في شمال اسرائيل والنازحين الجنوبيين الى بلداتهم الحدودية. ويلتقي هوكشتاين في الوقت نفسه مع مضمون الورقة الفرنسية من حيث إبعاد وحدات “حزب الله” العسكرية مسافة تكون محل اطمئنان عند اسرائيل. ولا يحسم اي مسؤول اميركي اقتراب موعد انتهاء حرب غزة إذ ان نتنياهو يعمل على “قضم” قدرات “حماس” في رفح بغية السيطرة عليها. واذا كان هوكشتاين يتابع التطورات الامنية والعسكرية على الحدود، الا ان مسؤولين في الخارجية واعضاء في الكونغرس من المولجين بمتابعة انتخابات الرئاسة المعطلة يقولون ان لبنان لا يمكنه ان يستمر في مرحلة الشغور الرئاسي، الامر الذي سيترتب عليه المزيد من الارتدادات السلبية في انتظام الحياة السياسية اولاً، الى الازمة المالية وملف النزوح السوري المتعثر. ولا يبدو في ملف الرئاسة ان الاميركيين يثقون بالدور الذي تؤديه فرنسا، وبلغة ديبلوماسية لا يرون خرقاً في هذا المضمار مع اعطاء واشنطن المجموعة “الخماسية” العناية المطلوبة في الآونة الاخيرة اكثر من السابق.
ويبقى ملف النازحين السوريين والضجيج القائم حياله والذي سيظهر على السطح في الجلسة العامة النيابية بعد غد الاربعاء وبعد زوبعة هبة المليار يورو من الاتحاد الاوروبي، يخلص الزائرون لواشنطن من نواب وغيرهم انها لا تريد عودة النازحين السوريين الى بلدهم حاليا، مع ملاحظة ان “اللوبي” السوري الذي يضم شخصيات معارضة ينشط بعضها في اميركا قبل عام 2011 حيث يعمل هؤلاء وبقوة مع دوائر القرار في الخارجية والكونغرس وصولاً الى البيت الابيض واركان الدولة العميقة ويملكون طاقات لا بأس بها، فضلاً عن علاقات تربطهم مع منظمات دولية عدة من بينها “هيومن رايتس ووتش” حيث ينشط سوريون من المعارضة في المساهمة في منع تسهيل عودة النازحين من لبنان وغيره من الدول ويستمرون في ممارسة الضغوط على نظام الرئيس بشار الاسد والتضييق عليه وعدم تراجع واشنطن عن “قانون قيصر” وغيره من العقوبات على مسؤولين سوريين. ويقول نائب لبناني على تواصل مع الاميركيين إن هذا “اللوبي” يملك تأثيرا في صفوف الخارجية الاميركية. ويفهم من كل هذا الحراك المفتوح على فضاء ديبلوماسي غربي انه لم يقل كلمته او بالاحرى يرفض حتى الآن فتح اي صفحة مع النظام في دمشق ولن يسمح حتى الآن بعودة النازحين رغم كل الضجيج السياسي المفتوح في بيروت والذي لن يؤدي الى عودة هؤلاء الى بلدهم ولا الى انتخاب رئيس ولا انتظام المؤسسات اذا بقيت هذه العقلية من المراوحة في التعاطي بين الكتل النيابية ومزايداتها في ما بينها حيث لا تنفعها “الخماسية” وكل العالم اذا لم تساعد نفسها وتعي حجم المسؤوليات الوطنية الملقاة على عاتقها.
رضوان عقيل – النهار