التطبيع يتمدّد «إسلامياً»: إندونيسيا تسقط
ليس المغرب آخر العنقود؛ فالمطبّعون، كما قال دونالد ترامب، ذات صيف تطبيعيّ حامٍ، ما زالوا متراصفين لنيل الرضى الأميركي والهدايا الثمينة لقاءَالتطبيع يتمدّد «إسلامياً»: إندونيسيا تسقط التطبيع مع كيان العدوّ. رضىً ستكون إندونيسيا التالية لكسبه، بعدما قدّمت أوراق اعتمادها سِرّاً لكسب بعض الاستثمارات الأجنبية، بينما تجاهر، كَذِباً، بأن إسرائيل لن تحوز اعترافها ما دامت مطالب إقامة دولة فلسطينية لم تتحقّق. وبانضمام أكبر بلدٍ ذي غالبية مسلمة إلى القافلة، يصبح جنوب آسيا على مرمى حجرٍ من الكيان الإسرائيلي، فيما لا تزال باكستان ترفض، حتى الآن، الإذعان للضغوط الأميركية – السعودية، والنظر في العرض المخصّص لها
توسّع دائرة التطبيع إلى جنوب آسيا: إندونيسا تنضمّ إلى الركب
هو بلدٌ يقع بعيداً في اتجاه الشرق، مسلمٌ وليس صغيراً، لكنّه ليس باكستان. هذا “اللغز” الصعب، كما جاء على لسان مسؤول إسرائيلي، سيُعمل على تفكيك أحجيته في وقتٍ قريب، لإماطة اللثام عن خامس الدول العازمة على تطبيعَ علاقاتها مع إسرائيل قبل مغادرة الرئيس الأميركي الذي ستنتهي ولايته قريباً، دونالد ترامب، منصبه في العشرين من الشهر المقبل. اتفاقٌ تُبيّن كل المؤشّرات أنه بات بحكم الناجز، ولا ينقصه سوى ترتيب بروتوكولات الإعلان عنه واختيار التوقيت المناسب لإخراج لائحة المريدين المتضخّمة إلى العلن. هذا البلد ليس، للمفارقة، إلّا إندونيسيا الواقعة إلى جنوب شرق آسيا، والتي يناهز تعداد سكّانها 240 مليون نسمة. وفي حال إتمامه، سيمثّل انضمامها إلى الحلف العربي – الإسرائيلي خرقاً كبيراً، لِمَا لموقعها الجغرافي مِن وزن على مستوى الجغرافيا السياسية، ولا سيما أنها ستكون، بنظر الولايات المتحدة وحلفائها، بديلاً لباكستان التي لا تزال ترفض الركون إلى الضغوط الأميركية – السعودية.
ومع قرب انتهاء ولايته، لا يزال الرئيس الأميركي المنصرف منكبّاً على إكمال مهمّته القاضية بجرّ ما أمكن من الدول العربية والإسلامية إلى قاطرة التطبيع مع إسرائيل، قبل أن يحين موعد مغادرته البيت الأبيض. وبعد المغرب الذي استأنف علاقاته مع إسرائيل هذا الشهر، يبدو أن ترامب نجح في تحقيق خرق آخر متمثّل في موافقة أكبر بلدٍ ذي غالبية سكّانية مسلمة على الانضمام إلى حلقة المطبّعين. خرقٌ كانت الإدارة الأميركية ترغب في أن يتمثّل بضمّ باكستان، لو أن رئيس وزرائها، عمران خان، لم يرفض الإذعان لضغوط حليفته السعودية. وبما أن لكلّ بلدٍ مفتاحه، فإندونيسيا ليست استثناءً. فهي ستحصل، وفق مسؤول أميركي، على مليارات الدولارات كتمويلات إضافية من الولايات المتحدة، إذا انضمّت إلى جهود الرئيس الأميركي ووافقت على تطبيع علاقاتها مع كيان الاحتلال. ونقلت وكالة “بلومبرغ” للأنباء عن أدام بويهلر، الرئيس التنفيذي لـ”الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”، قوله إن الوكالة تستطيع مضاعفة استثماراتها البالغة حالياً نحو مليار دولار في هذا البلد الآسيوي، بشرط موافقته على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وفي مقابلة مع “بلومبرغ” من القدس المحتلّة، حيث كانت برفقة الوفد الأميركي برئاسة مستشار الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنر، أكّد هذا المسؤول: “نحن نتحدّث إليهم (إندونيسيا) في شأن هذا الأمر… إذا كانوا مستعدّين لذلك، فسيُسعدنا أن نُقدّم لهم دعماً مالياً أكبر ممّا نقدّمه بالفعل”. ولفت إلى أنه لن يشعر بالمفاجأة إذا زادت المساعدات التي تقدّمها “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية” إلى جاكرتا – وهي أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان – بمقدار مليار أو مليارَي دولار.
ستحصل إندونيسيا على استثمارات بمقدار مليار أو مليارَي دولار حالَ تطبيع علاقاتها مع إسرائيل
في مقابل الوضوح الأميركي، سعت إسرائيل، على لسان أحد وزرائها، إلى إبقاء اسم البلد، كما جرت العادة، طيّ الكتمان، على رغم تأكيد الوزير، أمس، أن الكيان العبري يشتغل على إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع بلدٍ إسلامي خامس، قد يكون في آسيا. وردّاً على سؤال عمّا إذا كان من الممكن انضمام بلدٍ خامس إلى ركب المطبّعين قبل انتهاء ولاية ترامب، قال وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي، أوفير أكونيس، لقناة “واي نت” التلفزيونية الإسرائيلية، “(إننا) نعمل في هذا الاتجاه”، لافتاً إلى أن “إعلاناً أميركياً سيصدر عن أن بلداً آخر سيكشف عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل… وأسّس لاتفاق سلام”. وتحدّث الوزير عن دولتَين مرشّحتين بقوّة للتحرّك تالياً نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وإذ أحجم عن تحديد اسم أيٍّ منهما، فقد أشار إلى أن إحداهما في منطقة الخليج، وقد تكون سلطنة عُمان، لكن ليس السعودية، فيما البلد الآخر المرشّح يقع أبعد في اتجاه الشرق، وهو “بلد مسلم ليس صغيراً”، لكنه ليس باكستان. وتجيء تلك الإشارات بينما تلوذ إندونيسيا بالصمت، ولا سيّما بعد تأكيدها، الأسبوع الماضي، أنها لن تعترف بإسرائيل ما دامت مطالب إقامة دولة فلسطينية لم تتحقّق، فيما أشارت ماليزيا، من جهتها، إلى اتباع سياسة مماثلة. وقال نائب وزير الخارجية، قمر الدين جعفر، للمجلس الأعلى في البرلمان، إن “موقف ماليزيا الحازم حيال القضية الفلسطينية لن يتغيّر”، مؤكداً أن كوالالمبور لن تتدخّل في قرارات الدول الأخرى حيال إسرائيل. وفي داكا، قال مسؤول في وزارة الخارجية إن بنغلادش ليست مهتمّة بإقامة علاقات دبلوماسية مع الكيان العبري، وإن موقف بلاده “يظلّ كما هو”.