كتبت صحيفة “البناء” تقول:
أعلن أبو عبيدة الناطق بلسان قوات القسام أن الاحتلال خسر 100 آلية عسكرية خلال أيام قليلة مضت، وقال إن حرب الاستنزاف الطويلة قد بدأت الآن، وإن الاحتلال الذي توهّم أنه قادر على احتلال رفح سوف يكتشف أنه فتح أبواب الجحيم على قواته وعليه تلقي النتائج، متوعّداً ألوية جيش الاحتلال وقادته بأن قوات القسام سوف تذيقهم مرارة المواجهة التي اتخذوا قرار بدئها، لكنهم لن يستطيعوا التحكم لا بمسارها ولا بكيف ومتى تنتهي.
على جبهة جنوب لبنان تثبت المقاومة بجدارة واقتدار إمساكها بزمام المبادرة، وتتحوّل كوابيس ما يسمّيه المحللون والمعلقون في وسائل إعلام الكيان برعب الشمال، إلى ما يصفونه بالأزمة الوطنية، حيث الارتباك سيّد الموقف رغم الكلام الصاخب الذي يُصدره المسؤولون عن نيات الحسم كل فترة، وهم يعلمون أنهم عالقون حيث المواجهة خطرة وفوق طاقتهم اتخاذ قرار الحسم والخروج من حرب الاستنزاف المفروضة عليهم إلى الحرب الكبرى، بمثل ما يعترفون بأن التحمّل والتعايش مع الوضع الحالي فوق طاقتهم، كما هو فوق طاقة سكان مستوطنات الشمال الذين تحوّلوا إلى قنبلة موقوتة في مناطق التهجير، سياسياً بمواقف نارية معارضة للحكومة وقيادة الجيش، واجتماعياً بحاجاتهم المتزايدة التي تفوق تقدمات الحكومة وقدراتها.
على ضفة ملف النزوح السوري، وتحت تأثير ما صدر عن الجلسة النيابية وما أظهرته من ضيق لبناني بالموقف الأوروبيّ القائم على نية تحويل لبنان الى خزان استقبال للنازحين السوريين ليتحمل في أمنه أثمان قرار أوروبا والغرب بتجويع السوريين، بدلاً من أن تتحمّل أوروبا باستقبال النازحين تبعات قرارها. ويبدو أن صرخة لبنان قد وصلت كما يجب الى الأسماع الأوروبية، وجاء أول الغيث على لسان وزير خارجية قبرص، كونستانتينوس يوانو الذي كشف أن بلده من ضمن ثماني دول أوروبية «تريد إعلان مناطق آمنة في أجزاء من سورية للسماح بإعادة اللاجئين من الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن». وأوضح يوانو أن «الحكومات الثماني تعتقد أنه بعد 13 عاماً من الصراع، يحتاج الاتحاد إلى إعادة تقييم الظروف الأمنية المتغيرة في سورية»، لافتاً إلى أنه «حان الوقت للاتحاد الأوروبي أن يُعيد تحديد موقفه» بشأن سورية. ولفت الى أنه «لم تتم استعادة الاستقرار في البلاد بشكل كامل لكن يجب علينا تسريع العمليات لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لتهيئة الظروف التي تسمح بعودة الأفراد إلى سورية». ودعا إلى «تقديم المزيد من الدعم المالي للبنان»، مؤكداً أنه «إذا ترك لبنان ينهار، فإن العواقب على الاتحاد الأوروبي بأكمله ستكون لا تحصى». بينما قالت حكومات ثماني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، أمس الجمعة، إنه تجب إعادة تقييم الوضع في سورية للسماح بالعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم. وفي إعلان مشترك، أفاد مسؤولون من النمسا وجمهورية التشيك وقبرص والدنمارك واليونان وإيطاليا ومالطا وبولندا أنهم اتفقوا على إعادة تقييم من شأنها أن تؤدي إلى «طرق أكثر فعاليّة للتعامل» مع اللاجئين السوريين الذين يحاولون الوصول إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. وذكرت الدول الثماني، التي أجرت محادثات خلال اجتماع قمة في العاصمة القبرصية، أن الوضع في سورية «تطور بشكل كبير»، على الرغم من عدم تحقيق الاستقرار السياسي الكامل. وشهدت قبرص في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً فى عدد اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى الدولة الجزيرة من لبنان على متن قوارب متهالكة.
وحافظت الجبهة الجنوبية على سخونتها مع محاولة جيش العدو الإسرائيلي فرض قواعد اشتباك جديدة من خلال استهداف مناطق بعيدة عن الحدود وللمرة الأولى واغتيال قيادات في المقاومة، ما دفع حزب الله الى الضرب في عمق شمال فلسطين المحتلة وبأسلحة جديدة وأهداف حساسة وحيوية.
ووفق خبراء عسكريين فإن حزب الله يكشف يومياً عن مفاجآت عسكرية واستخبارية وتقنية وتكنولوجية فائقة الأهمية وتغيّر في مسار المواجهة الدائرة وتكبّد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة وتُحدث صدمة وقلقاً لدى قيادة الاحتلال العسكرية والأمنية، وبالتالي تزيد الضغط على المستوى السياسي صاحب القرار في «إسرائيل». وأشار الخبراء لـ»البناء» الى أن المقاومة منعت الكيان من فرض قواعد اشتباك جديدة من خلال الحفاظ على معادلات ميدانية معينة، أي أن الحزب لا يمرّر أي عدوان إسرائيلي من دون رد مماثل. وهذا ما يحمي معادلات الردع ويمنع العدو من تكريس أمر واقع على المقاومة. ولاحظ الخبراء المسار التصاعدي الذي تتبعه المقاومة وفق تطوّر الميدان لكي تُبقي زمام المبادرة بيدها، لا سيما أن حزب الله لم يستخدم سوى نسبة ضئيلة من قدراته على كافة الصعد، وطالما أنه يكشف المفاجآت كماً ونوعاً وطبيعة الأهداف الحساسة والدقيقة والاستراتيجية، يعني أن لديه قدرات أكثر تطوراً وحداثة وفعالية قد يستخدم بعضها في هذه الحرب ويُخفي البعض الآخر إلى المواجهة الشاملة إن اندلعت.
ورداً على الاغتيال الذي قام به العدو الإسرائيلي في محيط بلدة قانا، استهدفت المقاومة الإسلامية خيم استقرار ومبيت ضباطه وجنوده، فأصابت أهدافها بدقة وأوقعت عدداً منهم بين قتيلٍ وجريح. وأطلق حزب الله رشقة صاروخية كبيرة من جنوب لبنان باتجاه «إسرائيل» حيث دوّت صفارات الإنذار في كتسرين جنوب الجولان وأعلن لاحقاً عن استهداف قاعدة تسنوبار اللوجستية في الجولان بـ 50 صاروخ كاتيوشا، فيما طاول القصف المدفعي الإسرائيلي محيط بلدة راشيا الفخار.
كما استهدفت المقاومة مبنيين يتموضع فيهما جنود العدو في مستعمرة المطلّة بالأسلحة المناسبة وأصابتهما إصابة مباشرة.
وزفت المقاومة الإسلامية المجاهد حسين خضر مهدي «أبو خضر»، من مواليد عام 1962 من بلدة النجّارية في جنوب لبنان، والذي ارتقى شهيدًا على طريق القدس.
وأفادت هيئة البثّ الإسرائيلية، بأنّ «حزب الله بدأ يكثف عمليات إطلاق الصواريخ على «إسرائيل» ويستخدم صاروخ أرض – جو إيراني الصنع». وأعلنت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن حرائق واسعة في الجولان في أعقاب إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان ولم يُسيطَر عليها حتى الآن.
وبعد أيام على وصف الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله لوزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بالـ»المسطّل»، زعم غالانت من جبهة الشمال عند الحدود مع لبنان، «الاستعداد لكل الخيارات، كما قلت للجنود قبل دخول غزة، أقول لكم انتظروا فسوف نعمل، نعلم أن للحروب أثماناً وعلينا الاستعداد وكل شيء قد يحدث». وأقرّ بحجم الخطر الكبير على «إسرائيل»، وقال: «أدرك حجم الضرر هنا، لكن الجانب الآخر تعرّض لضرر أكبر».
في المقابل، أشار رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك، خلال تشييع أحد عناصره في بعلبك الدكتور محمد حسن علي فارس شمص، الى أننا «أقوى من أيّ وقت مضى وقد أتيحت الفرصة لمواجهة هذا العدو لأن كل المقاومين، وكل الذين سبقوا شهداء، وكل الذين ينتظرون هم على بصيرة ووعي من أمرهم». وأكد يزبك، أننا «لن نتراجع ولن نتخاذل ولن نخذل فلسطين وغزة والجنوب، بل سنستمرّ في مواجهة هذا العدو حتى ينتصر الحق، ونحن على يقين من أمرنا بأننا منتصرون مهما بلغت التضحيات». واعتبر أن «فلسطين بحاجة إلى فعل وليست بحاجة إلى بيانات، والمقاومة الإسلامية فرضت معادلتها بفضل المقاومين والمجاهدين»، داعياً الأمة «لأن تنتفض وتتجاوز الحدود لنصرة غزّة وفلسطين».
على صعيد آخر، وبعد إحالة توصيات المجلس النيابية لمعالجة أزمة النزوح في لبنان إلى الحكومة تباشر في تنفيذها، دعا وزير الداخلية القبرصيّ كونستانتينوس يوانو، إلى «تقديم المزيد من الدعم المالي للبنان»، مؤكداً أنه «إذا تُرك لبنان ينهار، فإن العواقب على الاتحاد الأوروبي بأكمله ستكون لا تُحصى».
ولفت الى أن «قبرص من بين ثماني دول أعضاء على الأقل في الاتحاد الأوروبي تريد إعلان مناطق آمنة في أجزاء من سورية للسماح بإعادة اللاجئين من الحرب المستمرّة منذ أكثر من عقد من الزمن».
وبحسب أوساط معنية في ملف النزوح لـ«البناء»، فإن المقاربة الأميركية والأوروبية للأزمة لم تتغير وإن خرجت بعض المواقف الداعية لإعادة النازحين والتي تندرج في إطار المناورة والخداع والتضليل واحتواء الغضب اللبناني، لا سيما الحديث القبرصي عن الإعلان عن مناطق آمنة في سورية، علماً أن الجزء الأكبر من الجغرافيا السورية بات محرّراً من التنظيمات المسلحة ويخضع لسلطة الدولة والقوات المسلحة السورية منذ سنوات. وكل المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية هي مناطق آمنة ويمكن للنازحين العودة إليها باعتراف كل المنظمات الأممية العاملة في سورية، ومن بينها ممثل الأمم المتحدة المقيم في سورية، وذلك في اجتماعات عدة حصلت مع المسؤولين السوريين وبحضور وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب الذي أبلغ من الدولة السورية استعدادها للتعاون مع الحكومة اللبنانية لإعادة النازحين».
وشدّدت الأوساط استعداد سورية للتعاون بهذا الملف لكن بعد توافر إرادة لبنانية جدية وخطة واضحة وتنسيق كامل وتوحيد الموقف مع سورية في المؤتمرات الدولية بشأن النزوح، وخصوصاً في مؤتمر بروكسل، وأن تكون العودة بشكلٍ تدريجي، والضغط على الدول الأوروبية لرفع العقوبات عن سورية وإعادة إعمار ما هدمته الحرب لكي تتمكّن من استعادة نهوضها وتستقبل مواطنيها المهجّرين.
وأفيد أمس، أن مركباً على متنه 20 سورياً اتّجه إلى قبرص قبل 4 أيام من السواحل السورية وتمّت مطاردته من قبل البحرية القبرصية، فوصل إلى السواحل اللبنانية عند العريضة الحدودية. وقامت البحرية اللبنانية بتسليمه إلى البحرية السورية في إطار التعاون بين الجانبين في هذا الصدد.
وفي سياق ذلك، تمكّنت دوريّة من مديريّة عكار الإقليميّة من توقيف اللبنانيّ (ز.ط.)، الذي وبنتيجة التحقيق معه، تبيّن أنّ هذه المجموعة تقوم بتهريب السوريّين إلى لبنان ومنه عبر البحر إلى الخارج بطريقة غير شرعيّة، وتبيّن أنّه توجد بحقّه مذكّرة توقيف غيابيّة بجرم الاتّجار بالبشر. بعد أخذ إشارة القضاء، اتُّخِذت الإجراءات القانونيّة المناسبة بحقّه، والعمل جارٍ لتوقيف باقي أفراد المجموعة».
على خط رئاسة الجمهورية، وبُعيد اجتماع سفراء الخماسية في عوكر، كتبت السفارة الأميركية على منصة «إكس»: «لا يمكن للبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحقّ رئيساً يوحّد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإن انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليميّة وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسيّ مستقبليّ بشأن حدود لبنان الجنوبية».
وأضافت «محادثات سفراء الخماسية أظهرت أن هذه الكتل متفقة على الحاجة الملحّة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وهي مستعدّة للمشاركة في جهد متصل لتحقيق هذه النتيجة، وبعضها مستعدّ لإنجاز ذلك بحلول نهاية شهر أيار 2024. وبالتالي، يرى سفراء دول الخماسيّة أن مشاورات، محدودة النطاق والمدة، بين الكتل السياسيّة ضروريّة لإنهاء الجمود السياسي الحالي. وهذه المشاورات يجب أن تهدف فقط إلى تحديد مرشّح متفق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة، وفور اختتام هذه المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعدّدة حتى انتخاب رئيس جديد. ويدعو سفراء دول الخماسيّة النواب اللبنانيّين إلى المضي قدماً في المشاورات والوفاء بمسؤوليتهم الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية».
ولفتت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن محاولات جدية تجري بعيداً عن الأضواء للتوصل إلى مخرج يُرضي جميع الأطراف بشأن عقد جولة تشاور وطنيّ بين ممثلي الكتل النيابية في مجلس النواب، على أن تليها دعوة رئيس المجلس نبيه برّي لجلسات نيابية لانتخاب الرئيس في حزيران المقبل.
ولفتت أجواء عين التينة وفق مصادر إعلامية الى أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيدعو إلى جلسات بدورات متتالية، وليس إلى جلسة واحدة بدورات متتالية».
بدوره، أوضح عضو تكتل الاعتدال الوطني النائب وليد البعريني أن «بيان اللجنة الخماسية يتضمّن آلية معينة بموضوع انتخاب رئيس للجمهورية»، سائلًا إن كان الفريق الذي يرفض الحوار سيقبل بالتشاور. واذ نفى وجود أيّ مؤشر لانتخاب رئيس قريبًا، تمنّى البعريني أن «يترجم حراك اللجنة على الأرض»، لافتًا إلى «أن اللقاءات والتحركات لا تزال مفتوحة». وكشف أن «من خلال تحركات تكتل الاعتدال الوطني، تبيّن أنه إذا تمّت الهدنة في غزة سيكون هناك رئيس للجمهورية في لبنان وإذا لم يكن هناك هدنة فلا رئيس».