هل تحمل الأيّام العشرة الأخيرة من شهر أيّار الجاري حلّاً لأزمة الفراغ الرئاسي المستمر منذ قرابة 17 شهراً، وهل نضجت طبخة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، تحديداً خارجياً، حتى يدعو سفراء اللجنة الخماسية المعنيين بالملف الرئاسي لانتخاب الرئيس العتيد قبل نهاية الشّهر الجاري، وأن يحثّوا النواب والكتل على ذلك، وهل ما عجزت عن تحقيقه الجهات المعنية بالملف الرئاسي، داخلياً وخارجياً، خلال نحو سنة ونصف السنة، ستستطيع إنجازه في 10 أيّام؟
أسئلة كثيرة طُرحت في مختلف الأوساط السياسية اللبنانية حول تداعيات بيان سفراء اللجنة الخماسية (الأميركية ليزا جونسون، السعودي وليد البخاري، الفرنسي هيرفيه ماغرو، المصري علاء موسى والقطري عبد الرحمن بن سعود آل ثاني) الذي أصدروه في أعقاب إجتماعهم الأخير الأسبوع الماضي، من أبرزها: هل أنّ في الأفق ملامح إنفراج تدعو للتفاؤل بأنّ الأجواء العامّة، داخلياً وخارجياً، أصبحت مواتية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهل دعوتهم إلى “مشاروات” بين الكتل النيابية لهذه الغاية ستكون بديلاً عن “الحوار” الذي رفضته مختلف قوى المعارضة، وهل أنّ هذه المشاورات تهدف إلى التوافق مسبقاً على إسم الرئيس المقبل، أم أنّ النواب سيذهبون إلى جلسة الإنتخاب بعد “المشاورات” بلا إسم محدد، ما يجعل مصير أيّ جلسة مقبلة لمجلس النواب لا تختلف عن جلساته الـ12 التي عقدها، وآخرها في 14 حزيران من العام الماضي، وبالتالي فإنّ أزمة الفراغ الرئاسي ستبقى تراوح مكانها؟
لا اجوبة على كل هذه الاسئلة وغيرها حتى الان، بل تحليلات وتسريبات مختلفة ومتضاربة، لكن هناك مجموعة نقاط مهمة تستدعي التوقف عندها:
أولاً: هل أنّ الفترة الزمنية التي حدّدتها اللجنة الخماسية كافية لانتخاب رئيس أم أنّ ضيق الوقت سيجعل مصير “إقتراح” اللجنة الخماسية لا يختلف عن مصير مبادرات واقتراحات أخرى سابقة، للخماسية وغيرها، ولم يُكتب لها النجاح، وبالتالي فإنّ فشل الإقتراح الأخير للخماسية سيُنظر إليه على أنّه “ورطة” لها؟
ثانياً: الدعوة لجلسات تشاور بين الكتل والنواب، حسب مبادرة الخماسية، لم تفصح من هي الجهة التي ستدعو النواب إليها، رئيس المجلس نبيه برّي الذي ترفض مختلف قوى المعارضة رعايته لها، أم جهة أخرى يرفضها برّي وحلفاؤه مسبقاً؟
ثالثاً: ليس معروفاً بعد إن كانت مبادرة الخماسية نجحت في فكّ الإرتباط بين العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من جهة، والعدوان على لبنان والملف الرئاسي من جهة أخرى، لأنّ هذا الإرتباط جمّد كلّ المبادرات الرئاسية، وليس هناك ما يشير إلى أنّ تطوّرات معينة قد نجحت في فكّ هذا الإرتباط.
رابعاً: إذا كانت مبادرة الخماسية الأخيرة تنطلق من مبدأ حشر النواب والكتل وحثّهم على انتخاب رئيس للجمهورية، فإنّ أشدّ ما يُخشى منه هو أن يكون الفشل مصير هذه المبادرة، لأنّ تداعيات هذا الفشل ستكون وخيمة على كلّ الصعد، وستجعل الإستحقاق الرئاسي يدخل في جمود طويل قد لا يخرج منه هذا العام على أقلّ تقدير.
عبدالكافي الصمد – سفيرالشمال