الجمعة, نوفمبر 22
Banner

دراسة تكشف سر إبطاء شيخوخة الخلايا لصحة متينة مدى الحياة

النظام الغذائي هو مفتاح الصحة، فهو لا يؤثر على الوزن فحسب إنما على الصحة العامة للجسم. حسب أحدث الدراسات، فإن ما يتناوله الشخص من سعرات حرارية يؤثر على سرعة أو إبطاء شيخوخة الخلايا.

فقد كشف باحثون في جامعة بنسلفانيا عن أدلة علمية مدعومة تربط بين الرجيم وشيخوخة الخلايا. واعتمدت الدراسة على ملاحظة مسارات التيلوميرات، وهي “الأغطية النهائية” الجينية التي تحمي الكروموسومات.

وأشارت الدراسة إلى أن خفض السعرات الحرارية من شأنه إحداث تأثير على شيخوخة الخلايا والتي تسبب لاحقاً كل تبعات الشيخوخة سواء على الجلد والشكل أو الصحة.

نشر الفريق النتائج التي توصلوا إليها في مجلة Aging Cell، حيث فحص الفريق بيانات تمَّ جمعها على مدار عامين حول خفض السعرات الحرارية لدى البشر، ووجد الباحثون أن أولئك الذين قاموا بخفض السعرات الحرارية فقدوا التيلوميرات بمعدلات أقل مقارنة بالمجموعة التي تناولت سعرات حرارية أعلى.

ووفقاً للنتائج السابقة، فإن تقييد السعرات الحرارية بنسبة 20 إلى 60 في المئة أدى إلى إبطاء شيخوخة الخلايا بين الحيوانات (عينة البحث).

كيف نحمي الخلايا من الشيخوخة؟

في كل مرة تنقسم فيها خلايا الشخص، يتم فقدان بعض التيلوميرات عندما يتم نسخ الكروموسومات إلى خلية جديدة، وبعد ذلك، يتم تقصير الطول الإجمالي للتيلوميرات في الخلية. بمرور الوقت، ومع استمرار الخلايا في الانقسام، يختفي غطاء التيلوميرات تماماً. تصبح المعلومات الوراثية الموجودة في الكروموسوم أكثر عرضة للتلف، مما يمنع التكاثر في المستقبل أو الوظيفة الأساسية للخلية. وهذا ما يسمى الشيخوخة الخلوية.

بمعنى آخر، تعد الخلايا ذات التيلوميرات الأطول “أصغر سناً” من الخلايا ذات التيلوميرات الأقصر. لذلك، يمكن لشخصين في نفس العمر أن تكون لهما أعمار بيولوجية مختلفة بناءً على طول التيلوميرات.

عوامل تؤثر على العمر البيولوجي للإنسان

بالإضافة إلى الشيخوخة الطبيعية يؤثر الإجهاد والمرض والوراثة والنظام الغذائي وعوامل أخرى على عدد مرات تكاثر الخلايا ومقدار التيلومير المتبقي، وفقاً لإيدان شاليف، الأستاذ المساعد في الصحة السلوكية الحيوية في جامعة بنسلفانيا.

ويقول وايلون هاستينغز، باحث حاصل على درجة الدكتوراه في الصحة السلوكية الحيوية عام 2020 وكان المؤلف الرئيسي لهذه الدراسة، في إحدى وسائل الإعلام: “هناك العديد من الأسباب التي تجعل خفض السعرات الحرارية سلوكاً يحمي صحة الإنسان، ولا يزال الموضوع قيد الدراسة”. وأضاف. “إحدى الآليات الأساسية لإبطاء شيخوخة الخلايا هي عملية التمثيل الغذائي. عندما يتم استهلاك الطاقة داخل الخلية، تسبب النفايات الناتجة عن هذا عملية الأكسدة، ما يؤدي إلى تلف الحمض النووي وتلف الخلية. عندما تستهلك خلايا الشخص طاقة أقل بسبب تقييد السعرات الحرارية، يكون هناك عدد أقل من النفايات، ولا تتحلل الخلايا بالسرعة نفسها”.

اختبر الفريق طول التيلومير لـ 175 مشاركاً في البحث باستخدام بيانات من بداية الدراسة، وهي أول تجربة سريرية تقيس التأثير الدقيق لخفض السعرات الحرارية لدى البشر على الخلايا والعمر البيولوجي، وحتى انتهائها على مدى 24 شهراً. شارك حوالي ثلثي المشاركين في خفض السعرات الحرارية، بينما كان المشاركون الباقون جزءاً من المجموعة الحرة.

وأظهرت النتائج أنه خلال السنة الأولى، فقد المشاركون الذين كانوا يقيدون السعرات الحرارية الوزن، وفقدوا التيلوميرات بشكل أسرع من المجموعة الحرة. وبعد مرور عام واحد، استقر وزن هؤلاء المشاركين، واستمر التقييد لمدة عام آخر. خلال العام الثاني، فقد المشاركون الذين يقيدون السعرات الحرارية التيلوميرات بمعدل أبطأ من المجموعة الحرة.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة شاليف إن النتائج أثارت العديد من الأسئلة. وللإجابة الدقيقة ومعرفة تأثير النظام الغذائي على عمر الخلية وأدائها سيتم جمع البيانات للمشاركين في الدراسة بعد مرور 10 سنوات، وأضاف شاليف أنه يتطلع إلى تحليل النتائج في ذلك الوقت. لكن يعتقد شاليف أن هناك فوائد صحية كبيرة لتقييد السعرات الحرارية لدى البشر.

كيف يؤثر النظام الغذائي على شيخوخة الخلايا؟

تقليل السعرات الحرارية يؤثر بشكل جيد على الوزن، من ثم يحسِّن معدلات ضغط الدم والسكر في الدم ومستويات الكوليسترول، ولذلك يتوقع العلماء أن تقييد السعرات الحرارية من شأنه إبطاء شيخوخة الخلايا. كما أنه يحد من الالتهابات، لكن نحن بحاجة إلى المزيد من الأبحاث على مستوى الكروموسومات لتأكيد الافتراضية.

أشار الباحثون القائمون على الدراسة إلى أن تقييد السعرات الحرارية ليس من الضروري أن يكون شديداً. إن فكرة تناول سعرات أقل مألوفة فيما يخص إنقاص الوزن، لكن الأمر وفقاً للأبحاث تخطى هذه الأهمية؛

لذلك ينصح الخبراء بخفض السعرات الحرارية حتى وإن كان محدوداً من خلال تخطي الوجبات الخفيفة المليئة بالسكريات والدهون.

نظرية الجذور الحرة

تفترض هذه النظرية أن الشيخوخة تنتج عن الأضرار الخلوية المتراكمة التي تسببها الجذور الحرة – وهي جزيئيات شديدة التفاعل يتم إنتاجها أثناء عملية التمثيل الغذائي. يمكن أن يؤدي تقييد السعرات الحرارية إلى تقليل إنتاج الجذور الحرة، وبالتالي تقليل تلف الخلايا وإبطاء الشيخوخة.

تسلط كلتا النظريتين الضوء على العلاقة المعقدة بين النظام الغذائي، والتمثيل الغذائي، والشيخوخة، وتعتبر تقييد السعرات الحرارية على أنه ليس مجرد اتجاه غذائي، بل هو مفتاح محتمل لحياة أكثر صحة.

Leave A Reply