دأب جيش الإحتلال الإسرائيلي ومعه وسائل الإعلام في دولة الكيان على ترداد مقولة لم يكفّ رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو عن قولها مراراً في الآونة الأخيرة، وهي أنّ جيشه لن يذعن للضغوط التي تمارس عليه من أجل الإمتناع عن خوض معركته، التي وصفها بالأخيرة، ضد المقاومين في قطاع غزّة، وتحديداً في مدينة رفح وجوارها، وصولاً حتى القضاء عليهم واسترجاع أسراه منهم.
هذان الشّعاران رفعهما جيش الإحتلال ـ القضاء على حركة حماس واسترجاع جنوده الأسرى، بهدف تحقيقهما منذ اليوم الأول لشنّه العدوان على قطاع غزّة قبل 234 يوماً، لكنّ الأيّام التالية والوقائع على الأرض أثبتت أنّ مدّة الأشهر الثمانية تقريباً كانت كافية للتأكّد من فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيقه مبتغاه، برغم الجرائم والمجازر وأعمال الإبادة الجماعية التي ارتكبها ويرتكبها يومياً، وحجم الدمار الهائل في القطاع.
مساء أول من أمس السّبت وقبل ظهر أمس الأحد تأكّد فشل جيش الإحتلال في تحقيق مراده، بعدما تلقى ضربتين موجعتين لم يكن يتوقعهما، وأثبتتا أنّ ادعاءه السيطرة على معظم قطاع غزّة، باستثناء رفح التي يستعد لاقتحامها، ليس سوى أوهام لم يتحقق منها أي شيىء على الأرض التي كذّبت التطوّرات مزاعمه كلّها.
الضربة الأولى التي شكّلت مفاجأة للعدو من العيار الثقيل، تمثلت في ما أعلنه الناطق العسكري باسم كتائب “القسام” التابعة لحركة حماس، أبو عبيدة، عن قتل وأسر جنود إسرائيليين في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، أيّ في المنطقة التي يدّعي الإسرائيليون منذ زمن أنّها واقعة تحت سيطرتهم، موضحاً أنّ “العملية جاءت بعد تنفيذ “عملية مركبة” تمّ فيها إستدراج قوة صهيونية لأحد الأنفاق بمخيم جباليا”، مشيراً إلى “الإشتباك مع أفراد هذه القوة من مسافة صفر، ومن ثم هاجم مجاهدونا بالعبوات قوة الإسناد التي هرعت إلى المكان وأصابوها بشكل مباشر”، مؤكّداً أن “مجاهدينا إنسحبوا بعد تفجير النفق المستخدم في هذه العملية، بعد أن أوقعوا جميع أفراد هذه القوة بين قتيل وجريح وأسير، واستولوا على العتاد العسكري لها”.
وقبل أن يستفيق العدو من صدمته في مخيم جباليا، كانت المقاومة توجّه إليه صفعة أخرى لا تقلّ وجعاً عن الأولى، عندما ذكرت كتائب القسام أمس أنّها قصفت تل أبيب برشقة صاروخيّة كبيرة، “ردًّا على المجازر الصّهيونيّة بحقّ المدنيّين”، حسب قولها، ما يؤكّد جهوزية المقاومة على أعلى المستويات، وحفاظها على قوتها برغم الإستهداف الشرس لها من قبل العدو.
وهكذا، في حين كانت الأنظار موجّهة نحو رفح، حيث كان الصهاينة يزعمون أنّهم هناك سيسترجعون هيبتهم التي كُسرت شوكتها في عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأوّل الماضي، واسترجاع أسراهم لدى المقاومة الفلسطينية، أعادت الأخيرة الأنظار إلى المربع الأول، إلى شمال القطاع، وإلى الداخل المحتل، لتؤكّد بأنّ قدراتها ما تزال على حالها، سواء في ردّ العدوان على القطاع، أو في استهدافه العدو داخل حدود كيانه.
عبدالكافي الصمد – سفير الشمال