يفترض بزيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان يوم غد الثلاثاء، أن تعيد تحريك الملف الرئاسي في الشكل، أما في المضمون فإن الإستعصاء ما يزال سيد الموقف نتيجة عدم الجدية بإنجاز هذا الاستحقاق.
كثيرة هي التساؤلات عن سبب زيارة لودريان بعد طول غياب، خصوصا أن العقبات التي تحول دون إتمام الانتخابات يعلمها الطرف الفرنسي بشكل جيد وهي لم تُذلل بعد، كما أن الانقسامات والخلافات الداخلية ما تزال على حالها سواء حول هوية الرئيس ومواصفاته، أو بالدعوة الى الحوار ورئاسته، وكذلك فإن الظروف الاقليمية والدولية لم تنضج بعد بإنتظار إنتهاء العدوان على غزة.
أكثر من سيناريو يمكن أن يُطرح حول الزيارة لجهة:
أولا: حرص الفرنسي على التذكير بأنه ما يزال صاحب اليد الطولى في الملف الرئاسي اللبناني، وأن محاولات الاقصاء التي تعرض لها في اللجنة الخماسية سابقا لمصلحة تسليم مهام التفاوض للجانب القطري قد باءت بالفشل.
ثانيا: أن تكون الزيارة عبارة عن جسّ نبض للكتل النيابية، وتقييم عمل اللجنة الخماسية على مستوى السفراء، وما قام به تكتل الاعتدال الوطني من جهود على مدار الأشهر الماضية.
ثالثا: أن يدعم لودريان فكرة التشاور بين الكتل النيابية والتي توصل إليها الاعتدال، وأن يضغط بإتجاه التخلي عن الشكليات سواء في الدعوة أو في الترؤس.
رابعا: أن تكون الزيارة بمثابة تأكيد على فصل الملفات بين الرئاسة التي يهتم بها الفرنسي، ووضع الجنوب بما في ذلك تطبيق القرار 1701 الذي يهتم به الأميركي.
خامسا: أن يكون لودريان مكلفا بإعداد تقرير عن الحراك الرئاسي في المرحلة الماضية وعن المخارج المطروحة لرفعه الى القمة الأميركية ـ الفرنسية التي ستعقد في 6 حزيران المقبل.
سادسا: أن تكون الزيارة للتغطية أو التعمية على البيان المتسرع الذي صدر إثر إجتماع سفراء الخماسية في السفارة الأميركية والذي أعطى مهلة لانتخاب رئيس للجمهورية أقصاها آخر أيار الجاري، خصوصا أن المهلة بدأت تنتهي من دون أي نتيجة إيجابية في هذا المجال.
حتى الآن، يتقدم طرح أن لا حديث في الرئاسة اللبنانية أو بالقرار 1701 في الجنوب اللبناني قبل إنتهاء العدوان على غزة، حيث تشير المعلومات الى أن الأميركي يعمل على إعداد مسودة متكاملة حول وضع الجنوب سيقوم آموس هوكشتاين بعرضها على المعنيين إعتبارا من اليوم التالي للحرب، كما يفترض بالفرنسي المتوافق مع الأميركي أن يستأنف جهوده الرئاسية من خلال جان إيف لودريان في نفس التوقيت بدعم من الخماسية، وبالتالي فإن الجهود تنصب اليوم على تذليل العقبات وتهيئة الظروف للإنطلاق بالعمل على هذين الخطين المتوازيين بمجرد إنتهاء الحرب.
لذلك، فإن زيارة لودريان يوم غد الثلاثاء ستكون إستطلاعية من دون أية طروحات، مع تأكيده بأن لبنان أمام فرصة أخيرة في ظل تنامي الاهتمام الأميركي الفرنسي بالملف الرئاسي وقبل إنشغال أميركا بإنتخاباتها، ودخول أوروبا في عطلتها، وإرتفاع وتيرة التهديدات الاسرائيلية، لكن في الوقت نفسه يبدو أن البعض في لبنان لا يعطي زيارة لودريان الأهمية التي تستحق وخصوصا رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي إعتذر عن لقائه لوجوده خارج البلاد، حيث أشارت المعلومات الى أن باسيل غادر الى إيطاليا وتحديدا الى فلورانسا لحضور مناسبة ترافقه عائلته وهو سيمضي هناك فترة إستراحة تمتد لأربعة أيام.
غسان ريفي – سفير الشمال