د. بثينة بيضون
أوقف وزير التربية الدكتور عباس الحلبي الامتحان الوطني للصف الأساسي التاسع في شهر أيار من العام الدراسي 2023-2024 دون أن يبيّن سبب ذلك هل هو الوضع الأمني الراهن أو الشوائب الموجودة في المرسوم الذي أقرّه؟ لفتنا وضع على جدول أعمال مجلس الوزراء مشروع مرسوم يقضي بتعليق العمل بإجراء الامتحان الوطني الموحّد لتلامذة الصف التاسع الأساسي المنصوص عليه في المادة الثانية من المرسوم رقم 15153 تاريخ 5- 4- 2024.
وهنا يتبادر لأذهاننا على الفور سؤالين. السؤال الأول وهو بديهي حول آلية تقييم طلاب الصف التاسع الأساسي التي سيتم اعتمادها هذا العام، هل ستعطيهم وزارة التربية إفادات؟ أم أنها ستعتمد على العلامات المدرسية؟ الخيار الثاني أصعب من الأول لوجود علامات استفهام كبيرة حول مصداقية بعض المدارس في وضع علامات طلابها. ففي حال تبيّن فيما بعد وجود تلاعب في علامات بعض تلاميذ هذه المدارس، نتساءل عن إمكانية مواكبة وزارة التربية لمصداقية هذه العلامات. وماذا ستكون النتيجة؟
أما السؤال الثاني والأهم الذي نطرحه هنا، لماذا تضمّن مشروع المرسوم المطروح على جدول أعمال مجلس الوزراء طلب تعليق العمل بالامتحان الموحد وليس الغاءه خاصةً وأن هذا الامتحان الموحد هو عبارة عن تقييم وطني لا علاقة له بنتيجة الطلاب وهو الذي لا يهدف إلى تبيان نجاح الطلاب أو رسوبهم؟ ومن جهة أخرى لماذا يتم طلب تعليقه وليس إلغاءه في ظل وجود عدّة شوائب تتعلّق بمبادئ الامتحانات كالنزاهة والشفافية والمصداقية التي بينتها المفتشية العامة التربوية ببيان الرأي؟
فقد قدّمت المفتشية العامة التربوية بيان رأي مفصل حول إجراء الامتحان الوطني والثغرات التي تطاله وأولها، أنّ الامتحان الموحد الذي أقره المرسوم يخالف ما جاء في الأوراق المساندة للمركز التربوي للبحوث والإنماء حول تعريف الامتحان الوطني وأهدافه وآلية وشروط إجرائه، ذلك أن الامتحان الوطني يقتضي إجراؤه بعد البدء بتطبيق المناهج الجديدة بعدة سنوات وليس الآن. كما شدد البيان على صعوبة تطبيق الامتحان الموحد لعدم وجود التحضيرات اللوجستية له. وهنا نستهجن عدم صدور أي موقف للمركز التربوي للبحوث والإنماء يتعلق بالامتحان الوطني الموحد لناحية قانونيته ومدى إمكانية تطبيقه في الأوضاع الراهنة.
أما النقطة الأهم التي جاءت ببيان المفتشية العامة التربوية هي عدم ضمان نزاهة الامتحانات حيث يسمح الامتحان الوطني البديل عن الامتحان الرسمي بأن يجري تحت سلطة مدير المدرسة وفي حرمها مما يطرح مسألة مدى قدرته على تحقيق الانضباط فيه وتأدية أعماله وتأمين سلامة إجرائه. علمًا أن الإمتحانات الرسمية في السابق لم تخلُ بالرغم من قلة عدد مراكزها من محاولات الغش وتسريب الأسئلة التي ضبطها التفتيش التربوي واتخذ إجراءات صارمة بحقها. فكيف يغيّب هذا الجهاز الرقابي عن الامتحانات وإن كانت وطنية؟ أما عن طريقة إرسال الأسئلة فحدث ولا حرج حول نزاهتها، إذ طرح بيان الرأي نقاط عدّة تشوبها النقص حول تسلّم المدارس لتلك الأسئلة الكترونيًا وعن إمكانية إجرائها بنزاهة؟ وهل ستكون النتيجة مرضية في جميع المدارس؟ كما قدمت المفتشية العامة التربوية في بيان الرأي عدّة شوائب ذات أهمية كبيرة تصل إلى حد طلب إلغاء المرسوم لتعلّق هذه الشوائب بالنزاهة والمصداقية والشفافية التي تبنى عليها الامتحانات الرسمية. والحل الذي يفرض نفسه هنا، استنادًا لكل الشوائب الموجودة في المرسوم والمتعلّقة بالامتحان الموحّد يقتضي إصدار مرسوم يتعلّق بإلغاء هذا الامتحان الموحّد وإقرار طريقة تقييم طلاب الصف التاسع الأساسي لهذا العام. وبالتالي يجب أن يصدر عن مجلس الوزراء قرارًا بإلغاء الامتحان الموحّد للشوائب الواردة فيه على أن يتم مستقبلًا وضع مشروع مرسوم يتضمن آلية اجراء الامتحان الموحد او التقييم الوطني يتم تفادي فيها كل الشوائب الواردة في المرسوم والتي قدّمتها المفتشية العامّة التربوية في بيان الرأي بما يضمن الأرضية اللازمة لإجراء التقييم الوطني في السنوات القادمة بشكل نزيه وشفاف.