انتهت زيارة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان بالاعلان عن النعي الرسمي للاستحقاق الرئاسي، واتضح ان حضوره شخصيا الى بيروت كان فقط للمشاركة في مراسم “الدفن” التي لم يعرف بعد اسباب اصرار باريس على المشاركة فيها بهذا المستوى الرفيع. ولعلمه المسبق ان ثقل بلاده يعادل “الصفر” ولا وزن لها داخليا وخارجيا، لم يفاجأ لودريان من عدم وجود من يصغي اليه على الرغم من تحذيره من تبعات الفراغ القاتل، وغادر”محبطا” من دون ان يتمكن من فك طلاسم احجية الخلاف على “جنس الملائكة” حيث قضى جل وقته في شرح الفرق بين “التشاور والتحاور”، وفي النتيجة لم يعقد هذا ولا ذلك، واكتشف ان المعنيين لا يتعاملون مع بلاده بجدية وينتظرون الاميركيين، كما نقل عنه احد الاصدقاء اللبنانيين! في هذا الوقت، خيبة امل ثانية اصيبت بها الدبلوماسية الفرنسية بعد حديث الخارجية الفرنسية عن رد ايجابي نسبي من لبنان بشان مقترح خفض التصعيد جنوبا، لكن “اسرائيل” امتنعت عن الرد حتى الآن، اي ان النتيجة ايضا “صفر”.
وقد غادر المبعوث الفرنسي جان لودريان بيروت “محبطا” من نتائج محادثاته، بعدما شعر ان من التقاهم في لبنان لا يتعاملون بجدية مع الجهد الفرنسي. ووفقا لمصادر صديقة التقت المبعوث الفرنسي، فهو لمس ان معظم من التقاهم ينتظر “كلمة السر” الاميركية، ولا يقيم وزنا للجهد الفرنسي، باعتبار ان باريس بالنسبة اليهم لا تملك وزنا دبلوماسيا في الداخل والخارج، ولمس ضعف موقف بلاده التي لا تملك “العصا” “والجزرة”.
ووفقا لمصدر ديبلوماسي فرنسي، فإنّ لودريان “لم يحقّق أي خرق يذكر” في الملف الرئاسي، بعد لقائه قوى سياسية رئيسية في لبنان بينها “حزب الله”. وأضاف المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ كل فريق متشبّث بمواقفه، ممّا دفع لودريان الى تحذير المسؤولين الذين التقاهم من أنّ وجود لبنان السياسي نفسه بخطر”، مع استمرار الشرخ في البلاد. وقال ان لودريان حذر خلال لقاءاته في بيروت من “مخاطر إطالة أمد الأزمة” وسط السياق الإقليمي المتوتّر، مشدّداً على “الضرورة الملحة لانتخاب رئيس للجمهورية من دون تأخير”.
ووفقا لمصادر مقربة من عين التينة، لم يقدم لودريان اي طرح او رؤية ولم يعرض على الثنائي ولا على فرنجية مسألة “الخيار الثالث”. ولفتت الى ان بري رفض المس بآلية الجلسة على الرغم من موافقته على تسمية “الحوار” “بالتشاور” ورفض اي كلام حول “الاسم الثالث” قبل انعقاد الجلسة التشاورية. وكشفت تلك المصادر،ان بري كان مستعدا للقبول بان يترأس جلسات الحوار نائب رئيس المجلس الياس بوصعب، شرط الحصول على ضمانة من “الخماسية” بحضور جميع القوى السياسية، الا ان سلبية مواقف المعارضة، وفي مقدمتها موقف رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع دفعته الى التراجع خطوة الى الوراء، والتمسك بترؤس الحوار.
“الديار”