كتبت صحيفة “البناء” تقول:
الحدث كان من واشنطن، حيث اعلن الرئيس الاميركي جو بايدن ما وصفه بمقترحات إسرائيلية لاتفاق ينهي الحرب في غزة، يقوم على نسبة كبيرة من بنود العرض التفاوضي الذي قدمه الوسطاء وعلى رأسهم وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات الأميركية، وقبلته حركة حماس قبل شهر، ورفضه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لكن المبادرة التي تبناها بايدن الى حد وصفها بالفرصة التي لا يجب تفويتها، سواء في مخاطبته لقيادة كيان الاحتلال أو لقيادة حركة حماس، بما يؤكد ان المبادرة أميركية جرت مناقشتها والحصول على تبنيها، من قطر من جهة، ومع قادة في الكيان ليس بينهم نتنياهو من جهة أخرى، يرجح أنهم قادة الجيش والمؤسسات الأمنية وربما وزير الحرب يوآف غالانت.
المبادرة تضمنت تعديلات تقوم على عدم البت بحتمية التوصل عبر التفاوض إلى التوافق على شروط التهدئة المستدامة، لكنها تعدو في هذه الحالة الى تطبيق المراحل اللاحقة من الاتفاق، بما في ذلك استكمال تبادل الأسرى، وتمديد وقف الأعمال الحربية، مع ضمانة أميركية لحماس بأن هذا الاتفاق هو إعلان نهاية الحرب، وأن طلباتها بفك الحصار والانسحاب الشامل سوف يتم تحقيقها، وان إعادة الإعمار حلقة مركزية في الاتفاق، وضمانة موازية للكيان بأن حماس لن تستطيع العودة إلى شن هجوم شبيه بما جرى في 7 أكتوبر، ولن تعود إلى إمساك السلطة في غزة، وأن الاتفاق يفتح طريق التطبيع مع السعودية، وبدا بوضوح من نص كلام بايدن أن تعقيدات موافقة الكيان هي العقبة أمام مبادرة بايدن. وقد دعا الرأي العام في الكيان لتلقف هذه الفرصة، مؤكدا أن أوهام النصر التي يتحدث عنها بعض قادة الكيان سوف تعني خسارة كبرى، محذراً من عزلة متنامية يواجهها الكيان، ومن قادة يعرضونه للخطر.
حركة حماس سارعت الى اعلان النظر بإيجابية لمبادرة بايدن، مؤكدة انفتاحها على مناقشة أي أفكار تؤدي الى تحقيق الوقف النهائي للحرب وتحرير الأسرى وانسحاب الاحتلال وفك الحصار وإعادة الإعمار؛ بينما كانت المواقف الصادرة في الكيان سواء من نتنياهو أو من المناخات القريبة منه تعبر عن رفض مبادرة بايدن، رغم الحرص على عدم الإشارة المباشرة إلى بايدن ومبادرته، بينما نقلت وسائل الإعلام في الكيان عن مسؤول كبير هو عادة نتنياهو كلاماً يتهم بايدن بالضعف والجهل بالواقع.
في لبنان تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمناسبة تأبين العلامة الشيخ علي كوراني، فتوقف أمام جبهة الجنوب وقال إنها تعني مستقبل لبنان والثروة والسيادة اللبنانية، لافتًا إلى أن «الأميركي شريك في صنع كل معاناة الكهرباء في لبنان، كما كانت له اليد الطولى في تعطيل موضوع حقول النفط في المياه اللبنانية». وشدد على أن «هذه معركة ستحدّد مصيرنا جميعًا، ويجب أن نكون فيها جميعًا، ونحن موجودون فيها إن شاء الله في جنوب لبنان»، وأضاف «هذه الجبهة جبهة إسناد وجزء من المعركة التي تصنع مصير فلسطين ومصير لبنان ومصير المنطقة بعيدًا عن الحسابات الضيقة التي يغرق فيها بعض اللبنانيين». وتابع «جبهة جنوب لبنان جبهة ضاغطة وقوية ومؤثرة على العدو الصهيوني، وقادة الكيان أتوا إلى الشمال ليفاخروا بإبعاد المقاومة إلى كيلومترات بعيدة وجاء الرد بعملية على قرب أمتار قليلة من الموقع (موقع راميا) ولو أرادوا الدخول إلى الموقع لدخلوا».
وفي بيروت انعقد المؤتمر القومي العربي برئاسة أمينه العام المرشح السابق للرئاسة في مصر حمدين صباحي، وكان المؤتمر إعلاناً عن ملاقاة طوفان الأقصى بـ»طوفان الأمة»، استضاف في جلسته الافتتاحية قادة محور المقاومة، حيث كانت كلمة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، كما كانت كلمات لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ونائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، وكلمة المقاومة الإسلامية في العراق ألقاها الأمين العام لكتائب سيد الشهداء أبو ألاء الولائي إضافة الى كلمة لأنصار الله.
رأى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال الحفل التكريمي الذي أقامه الحزب للعلامة الشيخ علي كوراني، في الضاحية الجنوبية لبيروت، أن استمرار نتنياهو في إصراره على حربه من الواضح أنه يأخذ الأمور إلى الأسوأ على الكيان، مذكرًا بأن رئيس البنك المركزي الصهيوني تحدّث عن كارثة، كما أن قادة الجيش ومسؤولين كبارًا في الشأن العسكري في الكيان تحدثوا عن الأزمات والكوارث.
ولفت السيد نصرالله إلى أن «عضو مجلس الحرب الصهيوني غادي آيزنكوت يقول، إن فرقة كاملة (الفرقة تتألف من عدة ألوية) للجيش الصهيوني تخوض معارك ضد كتيبة كنّا أعلنّا عن تفكيكها في جباليا وأن القتال صعب»، وأضاف: «بالتزامن مع معركة رفح يضطرون للدخول إلى جباليا بفرقة كاملة من الجيش «الإسرائيلي». وقال السيد نصر الله «إن هذه المعركة كما ينظر إليها نتنياهو والمتطرفون في الكيان على أنها معركة وجود، يجب أن ننظر إليها على أنها معركة وجود ومصير».
كما أن هذه المعركة وفق السيد نصرالله تعني مستقبل لبنان والثروة والسيادة اللبنانية، لافتًا إلى أن «الأميركي شريك في صنع كل معاناة الكهرباء في لبنان، كما كانت له اليد الطولى في تعطيل موضوع حقول النفط في المياه اللبنانية». وشدّد على أن «هذه معركة ستحدّد مصيرنا جميعًا، ويجب أن نكون فيها جميعًا، ونحن موجودون فيها إن شاء الله في جنوب لبنان»، وأضاف «هذه الجبهة جبهة إسناد وجزء من المعركة التي تصنع مصير فلسطين ومصير لبنان ومصير المنطقة بعيدًا عن الحسابات الضيقة التي يغرق فيها بعض اللبنانيين». وتابع «جبهة جنوب لبنان جبهة ضاغطة وقوية ومؤثرة على العدو الصهيوني، وقادة الكيان أتوا إلى الشمال ليفاخروا بإبعاد المقاومة إلى كيلومترات بعيدة، وجاء الرد بعملية على قرب أمتار قليلة من الموقع (موقع راميا) ولو أرادوا الدخول إلى الموقع لدخلوا».
الأمين العام لحزب الله أضاف «لا ترسيم للحدود البرية في لبنان، وهناك تطبيق للحدود المرسّمة، وهناك أماكن يحتلها العدو يجب أن يخرج منها»، وتابع «نعتبر أننا أكبر قاعدة شعبية في لبنان وأكبر حزب في لبنان ولم نتحدّث بهذا المنطق، وترى في المقابل من يقول إن أغلبية الشعب اللبناني ترفض الإسناد والدعم لغزة!»، مؤكدًا: «ليس صحيحًا أن رفض الجبهة هو موقف أغلبية الشعب اللبناني».
وحول ملف رئاسة الجمهورية في لبنان، أوضح إلى أن هناك من يقول بأن سبب عرقلة الانتخابات الرئاسية هي جبهة إسناد غزة، مؤكدًا أن هذا غير صحيح، وأن الذي عطّل الانتخابات قبل بدء طوفان الأقصى هي الخلافات الداخلية والتدخل الخارجي الذي يقدّم نفسه بعنوان مساعد. وشدّد على أن لا علاقة للمعركة في الجنوب وغزة بانتخابات الرئاسة في لبنان، ولا ربط بين الملفين، مؤكدًا أن نتائج معركة الجنوب أعلى وأكبر من المكاسب الداخلية والسياسية، كما كان التحرير في عام 2000 والانتصار في عام 2006.
وقال «ننتمي إلى جبهة المقاومة التي أصبحت الآن أوسع من أيّ زمن مضى، وهذه الجبهة أفقها أفق مشرق ونحن أمام مستقبل واضح». كما أكد السيد نصرالله أن «جبهة المقاومة اليوم أوسع وأشمل وأكبر من أي وقت مضى، وأن جبهة العدو باعتراف مسؤولين صهاينة يقولون «إننا نمر في حالة سيئة لم يمر مثلها منذ 79 عامًا».
ووفق قراءة محللين في الشؤون السياسية والعسكرية لكلام السيد نصرالله، فإن الحرب في غزة دخلت مرحلة جديدة بالغة الخطورة وقد تكون حاسمة وتمتدّ لأشهر وربما أكثر، ولم يعد أمام المقاومة في غزة إلا الصمود والاستمرار بالقتال حتى الرمق الأخير، وما على جبهات الإسناد إلا الاستمرار بالقتال ورفع وتيرة التصعيد تدريجياً»، وأوضح الخبراء لـ»البناء» أنه وطالما أن السيد نصرالله وصف الحرب الدائرة بأنها مصيرية ووجودية للكيان الإسرائيلي كما لمحور المقاومة، فإن جبهات محور المقاومة لم تعد تزِن وتدوزن عملياتها العسكرية على إيقاع ضرورات الجبهة الغزاويّة فحسب، بل لإسقاط المخططات الأميركية الإسرائيلية في غزة وفلسطين والمنطقة، لأن نتائج الحرب في غزة ستقرّر مصير حركات وشعوب ودول المنطقة لا سيما لبنان وسورية والعراق واليمن، ولذا اتخذ هذا المحور القرار الحاسم بخوض هذه الحرب المفتوحة وفق ما تفرضه مقتضيات الميدان وتطوّراته، لا سيما إذا ثبُت أن الإدارة الأميركية قررت المغامرة والمقامرة والوقوف مع كيان الاحتلال في هذه الحرب حتى النهاية لكسب تأييد أصوات اليهود الأميركيين ودعم اللوبيات الصهيونية العالمية في الانتخابات المقبلة. وهناك مؤشرات على ذلك تظهر في الدعم الأميركي المطلق لكيان الاحتلال في مجازر رفح واستمرار التسليح والدعم الدولي إضافة الى الضربات الأميركية البريطانية المكثفة على اليمن.
وكانت المقاومة نفذت سلسلة عمليات نوعية، فاستهدفت ثكنة «برانيت» بصواريخ بركان ثقيلة ما أدّى إلى احتراقها وتدمير جزء منها، في حين استهدفت موقع البغدادي بصواريخ بركان ثقيلة أيضًا.
ونشر الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية مشاهد من استهداف مقر الفرقة 91 في «ثكنة برانيت» عند الحدود اللبنانية الفلسطينية.
إلى ذلك، أعلنت المقاومة عن استهدافها مستوطنة «راموت نفتالي» بصلية صاروخية. وشنّت هجومًا جويًا بمسيّرات انقضاضيّة استهدفت منصات القبة الحديدية في مربض الزاعورة وأطقمها وأماكن استقرارهم وعملهم وأصابت أهدافها بدقة، مما أدى إلى تضررها واشتعال النيران فيها.
هذا، واستهدف مجاهدو المقاومة مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة «شوميرا» (قرية طربيخا) بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابة مباشرة، في حين استهدفوا موقع »معيان باروخ» بالأسلحة الصاروخية وقذائف المدفعيّة وأصابوه إصابة مباشرة. كما قصف المقاومون موقع الرمثا في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابة مباشرة.
ورداً على الاعتداء الذي طال الدفاع المدني في بلدة الناقورة وسيارة الإسعاف التابعة له والمسعفين فيها والذي أدى إلى استشهاد وجرح الطاقم، قصف حزب الله مستعمرات جعتون وعين يعقوب ويحيعام بعشرات صواريخ الكاتيوشا.
وأعلن جهاز «الإسعاف الإسرائيلي»، عن «نقل 4 إصابات جراء القصف الصاروخي الأخير من لبنان على الجليل الغربي». وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، عن «اندلاع حريق قرب الطريق السريع (89) في الجليل الغربي جراء سقوط عدد من الصواريخ».
في المقابل وسّع العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب، واستهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة إسعاف تابعة للهيئة الصحية في بلدة الناقورة، ما ادى الى استشهاد مسعف وجرح آخر، كانا يعملان على إطفاء الحرائق المشتعلة نتيجة القصف الإسرائيلي على أطراف الناقورة، اللبونة وحامول لحظة استهداف مسيّرة لسيّارتهم.
وزعم المتحدّث باسم جيش الإحتلال افيخاي ادرعي: «أن طائرات حربية أغارت الليلة الماضية على أربعة مباني عسكرية لحزب الله في عيترون ومركبا جنوب لبنان».
وتقدّمت بعثة لبنان الدّائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بناءً على توجيهات وزارة الخارجية والمغتربين، بشكوى أمام مجلس الأمن الدولي، تتناول استهداف «إسرائيل» سيّارةً كان يستقلّها مواطن لبناني، ما أدّى إلى مقتله وإصابة ثلاثة طلّاب كانوا على متن حافلة مدرسيّة، تعرّضت لأضرار لدى نقلها الطلّاب إلى مدرسة شوكين، جرّاء الغارة أثناء مرورها على طريق شوكين – كفردجال؛ الواقعة جنوب غربي مدينة النبطية.
في غضون ذلك، وغداة مغادرة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لبنان خالي الوفاض، كشف عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله عن «تحرك متجدّد لتكتل اللقاء الديمقراطي بحثًا عن مخارج لإنهاء الفراغ الرئاسي». ولفت الى أن «التكتل سيطلق مبادرة في جولة على مختلف الافرقاء بهدف بناء قنوات تواصل بين الجميع، لبلورة الحل الرئاسي والخروج بموقف موحّد». وشدّد على أن «المشكلة السياسية في لبنان تفرض الذهاب الى المزيد من الانتظار في هذا الشأن في ظل العناد الداخلي القائم»، معربًا عن «الخشية من استمرار هذا الواقع إلى ما بعد الانتخابات الاميركية في انتظار انتهاء الحرب في غزة».
وأشارت مصادر مواكبة للحراك الرئاسي وتطور المشهد السياسي لـ»البناء» إلى أن «لا تغير في الواقع الداخلي في لبنان، لا على الجبهة الجنوبية المرشحة للمزيد من التصعيد ولا الملف الرئاسي المعلق على الصراع السياسي الداخلي والحرب في الجنوب والمنطقة، وبطبيعة الحال للملفات والاستحقاقات السياسية والاقتصادية والمالية والكهربائية الأخرى». ولفتت المصادر الى أنه اضافة الى الأسباب الداخلية للأزمة الرئاسية فإن التدخلات الخارجية لا سيما الأميركية عبر حلفائها في لبنان من كتل متعددة، تحول دون إنجاز الملف الرئاسي من خلال الضغط على هذه الكتل وخاصة النواب الرماديين لعدم التصويت لأي مرشح يدعمه فريق المقاومة». وتربط المصادر ما بين التعطيل الأميركي للاستحقاق الرئاسي وبين الضغوط على المقاومة لجرّها للتفاوض على ملفات عدة والمقايضة بينها وبين ضمانات تتصل بأمن «إسرائيل» ومن ضمنها تهدئة الجبهة وفصلها عن ما يجري في غزة. وفي هذا الإطار تندرج تصريحات مبعوث الرئاسة الأميركي اموس هوكشتاين التي حملت إغراءات مالية وكهربائية ونفطية للبنان مقابل أثمان مطلوب من حزب الله تسديدها لم يفصح هوكشتاين عنها.
على صعيد آخر، أعلنت قيادة الجيش أنه و»على أثر تعرّض منطقتَي جبل البداوي ووادي النحلة – الشمال مؤخرًا لسلسلة من الأعمال المهدِّدة للأمن والسلم الأهلي، وأبرزها إطلاق النار على آلية عسكرية عائدة لأحد ضباط المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، باشرت مديرية المخابرات في الجيش عمليات تَقَصٍّ ومتابعة أمنية».
ولفتت الى أنّه «تنفيذًا لإشارة مدعي عام التمييز، أوقفت المديرية 8 مواطنين، تَبيَّنَ بالتحقيق معهم أنهم من مؤيّدي تنظيم داعش الإرهابي، واعترفوا بقيامهم بأعمال سرقة من أجل تمويل مخططاتهم الإرهابية، بالإضافة إلى إطلاق النار على محال تجارية واستهداف الآلية العسكرية المذكورة، إلى جانب تصوير أحد مراكز الجيش اللبناني بهدف استهدافه. كما ضبطت المديرية أسلحة وأعتدة استخدمتْها المجموعة في أعمالها».