الخامس من حزيران/يونيو1967، يعتبر أكثر التواريخ السلبية التي يستذكرها سكان المنطقة العربية لاسيما في سوريا ومصر والأردن، حيث استطاعت إسرائيل الدويلة الناشئة حديثا بشكل غير شرعي من هزيمة ثلاثة جيوش عربية في حرب عُرفت في عام 1967 بحرب الأيام الستة، والتي أطلق عليها لاحقا نكسة حزيران.
وخاضت هذه الحرب مع إسرائيل كل من مصر وسوريا والأردن والعراق، وبمساعدة فنية من لبنان والجزائر والسعودية والكويت، وبعد فوزها في هذه الحرب احتلت إسرائيل أراضي فلسطينية جديدة، قدرت تقريبا بثلاثة أضعاف ما احتلته في حرب 1948.
بانتهاء الحرب حققت إسرائيل نصرا كبيراً كانت له نتائج مهمة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً. وخسر العرب في هذه الحرب المزيد من الأراضي لصالح إسرائيل، أما الخسائر البشرية والعسكرية للحرب فغالب بياناتها قد تضاربت لكونها معلومات سرية. أما النتيجة الكبيرة التي حازتها إسرائيل اقتناع العرب قبل غيرهم أن جيشها لا يقهر، ما ساعدها على ممارسة الغطرسة العسكرية على الدول المحيطة بها وتحديداً لبنان، قصفاً وتدميراً واغتيالاً داخل العمق اللبناني، إلى حد أن أحد مسؤوليها صرح أن لبنان يمكن احتلاله بالفرقة الموسيقية للجيش الإسرائيلي.
يومها كانت قوة لبنان في ضعفه، وكان مجلس الأمن حائط مبكاها، دون أن تكلف الدولة اللبنانية نفسها عناء التصدي ولو شكلياً للاعتداء المتكرر على السيادة الوطنية، حتى أتى من اقصى المدينة رجل يسعى قائلاً أن ” إسرائيل شر مطلق” وأن ” إسرائيل بوجودها وبما لها من أهداف تشكل خطراً علينا محدقاً على جنوبنا وشمالنا، على أرضنا وشعبنا، على قيمنا وحضارتنا، على اقتصادنا وسياستنا”، مطلقاً أفواج
المقاومة اللبنانية ” أمل” ” للذود عن كرامتنا وحياة أبنائنا”، لقد اعتبر الإمام السيد موسى الصدر أنه “يجب إزالة إسرائيل من الوجود”، زارعاً بذرة المقاومة في نفوس خصبة تواقة للموت في سبيل تحرير الأرض والدفاع عنها.
ستة أيام فقط في العام 1967 كانت كافية لهزيمة مدوية للدول العربية، بغض النظر عن أسبابها، أما اليوم وقد مضى على معركة طوفان الأقصى بفرعيها غزة وجنوب لبنان تسعة أشهر تعيش فيها إسرائيل أسوأ كوابيسها، لم تستطع هزيمة المقاومة رغم كل التدمير الممنهج، ولم تستطع تحقيق أي نصر ميداني، على العكس فقد انتقلت المعركة الى الداخل الإسرائيلي، وصارت تتسول المساعدة الخارجية، وتكابر في سبيل حفظ ماء الوجه ولو بانتصار وهمي، وفوق كل ذلك سقطت مقولة الجيش الذي لا يقهر للمرة الرابعة على التوالي بدءاً من معركة خلدة في العام 1982 وصولاً الى طوفان الأقصى وما بينهما من التحرير وحرب تموز وحرب غزة، ولم يكن هذا الإنجاز ليحصل لولا الإيمان المطلق ان المقاومة هي السبيل الوحيد لعودة المجد لهذه الأمة.