الأربعاء, يونيو 26

أوساط ديبلوماسيّة: الحرب لن تشتعل في لبنان هذا الصيف!

يبدو أنّ احتمالات شنّ ضربة “إسرائيلية” وشيكة على لبنان وجعل صيفه ساخناً، قد تراجعت كثيراً الى الوراء. فتبنّي مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين الفائت، مشروع القرار الأميركي الذي حمل الرقم 2735 و الذي يدعو الى “وقف إطلاق النار في غزّة”، وانسحاب القوّات “الإسرائيلية” منه، وتطبيق غير مشروط لصفقة تبادل الأسرى”، يدلّ بشكل واضح على رفض المجتمع الدولي لأي حرب مستمرّة في المنطقة. وإذ بُني مشروع القرار على أساس المقترح الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بادين بتاريخ 31 أيّار المنصرم، فهذا يعني أنّ الولايات المتحدة لن تدعم “أي حرب جديدة” تُهدّد “إسرائيل” بالقيام بها ضدّ حزب الله في لبنان.

أوساط ديبلوماسية مواكبة أكّدت أنّ التصويت على مشروع القرار من قبل 14 دولة من أصل 15، باستثناء روسيا التي امتنعت عن التصويت من دون استخدام حقّ النقض “الفيتو” ضدّه، يعني أنّ المجتمع الدولي بات يرفض اليوم استمرار الحرب في قطاع غزّة التي تدوم منذ 8 أشهر، ولا يؤيّد بالتالي أي حرب أو ضربة شاملة على لبنان. فالمجتمع الدولي متيقّن من أنّ المواجهات العسكرية على الجبهة الجنوبية ستتوقّف، فور بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في غزّة وانسحاب القوّات “الإسرائيلية” منه، والاتفاق بين الطرفين على صفقة تبادل الأسرى.

وتقول الاوساط انّ “إسرائيل” خسرت الحرب في غزّة، كونها لم تُحقّق الأهداف التي أعلنت عنها وهي القضاء على قادة حركة حماس، وتحرير الرهائن الذين احتجزوا في 7 تشرين الأول خلال عملية طوفان الأقصى. فإطلاق سراح عدد من الأسرى حصل سابقاً إثر التفاوض مع حماس على “صفقة تبادل”. أمّا تحرير 6 رهائن من أصل أكثر من مئتي أسير، فلا يُمكن اعتباره إنجازاً، سيما أنّ فكّ أسر 4 “إسرائيليين” أخيراً تطلّب قتل أكثر من مئتي فلسطيني في مخيّم النصيرات، وهو أمر يدلّ على وحشية الحرب “الإسرائيلية” على الفلسطينيين، التي تخلّلتها جرائم إبادة جماعية ضدّ الإنسانية تجري محاكمتها عليها في محكمة العدل الدولية في لاهاي.

ومَن خَسر في حرب دامت أشهراً طويلة ضمن مساحة جغرافية لا تتخطّى الـ 65 كلم2، على ما أوضحت الأوساط نفسها، لا يمكنه بالتالي الذهاب الى فتح حرب جديدة على لبنان. الأمر الذي يجعل التهديدات “الإسرائيلية” تدخل ضمن باب التهويل وتذهب أدراج الريح، إذ لا يُمكنها تنفيذ تهديداتها من دون دعم دولي وتحديداً أميركي لها. وقد اعتاد عليها لبنان لأنّها متواصلة منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا. كذلك، فإنّ استقالة وزير الدفاع في حكومة حرب العدو بيني غانتس، ووزاء آخرين تهدف الى زعزعة حكومة بنيامين نتنياهو التي تُعارض مواقف حليفتها الولايات المتحدة، من أجل ضمان بقاء رئيسها في السلطة وعدم محاكمته وزجّه في السجن فور وقف الحرب وسقوط حكومته.

ويبقى الأهم التساؤل حول مصير هذا القرار ومدى إمكانية تطبيق بنوده: فهل سيلجأ الطرفان الى تطبيق القرار 2735 الذي يؤدّي الى وقف إطلاق النار في غزة، وانعكاس هذا الأمر إيجاباً على الجبهة الجنوبية؟ وهل سيقود الإتفاق الذي يشير اليه القرار المذكور بشكل واضح الى إنهاء الحرب، وانسحاب جيش العدو الإسرائيلي من قطاع غزّة، فضلاً عن إنجاز صفقة تبادل الأسرى، وإعادة إعمار القطاع، وعودة الفلسطينيين النازحين الى مناطقهم فيه ورفض أي تغيير ديموغرافي فيه؟!

تجيب الأوساط الديبلوماسية المطلعة بأنّ هناك بعض المؤشّرات تشير الى احتمال بدء تطبيق هذا القرار. فوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أعلن ضمن جولته الأخيرة الى المنطقة والتي تخللتها زيارة إلى “إسرائيل” أن “نتنياهو أكد التزامه بمقترح بايدن”. مع العلم بأنّ هذه الأخيرة لم تلتزم يوماً بقرارات مجلس الأمن، سيما وأنّه لا يعتمد غالباً على “صيغة حازمة” في قراراتها الصادرة ضدّها، غير أنّها ستكون مرغمة على التنفيذ مع عدم الدعم الدولي لمخططها التهجيري للفلسطينيين الى خارج القطاع.

في المقابل، يبدو أنّ المقاومة الفلسطينية تنظر بإيجابية الى ما ورد في القرار 2735، على ما أكّدت الاوساط، سيما وأنّه يفتح الباب واسعاً أمام التوصّل الى وقف شامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، وانسحاب كامل لقوّات العدو منه. علماً بأنّها كانت تنتظر صدور مثل هذا القرار منذ وقت طويل، وليس بعد 8 أشهر على الحرب.

وأشارت الأوساط الديبلوماسية عينها الى أنّ قرارات مجلس الأمن مُلزمة قانوناً… غير أنّ “إسرائيل” لم تُنفّذ أي منها لا القرار 425 (الصادر بتاريخ 19 آذار 1978) ولا القرار الأممي 1701 (الصادر في 11 آب 2006). علماً بأنّهما ينصّان على الإنسحاب الفوري للقوّات “الإسرائيلية” من الأراضي اللبنانية، واحترام سلامة لبنان الإقليمية وسيادته داخل حدوده المعترف بها دولياً. كذلك لم تُطبّق حتى الساعة القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194 (11 كانون الأول 1948) القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، ودفع التعويضات عن ممتلكات الذين يختارون عدم العودة، وعن الخسائر أو الأضرار التي ألحقتها بالممتلكات للراغبين بالعودة، وفقاً للقانون الدولي.

ولهذا تبقى العبرة، على ما ذكرت الاوساط، في ضغط المجتمع الدولي من أجل حصول الاتفاق بين الطرفين وتنفيذ بنود القرار الجديد 2735. وما يهمّ لبنان هو انعكاس هذا الأمر إيجاباً عليه وعلى وضعه الأمني، ووقف تهديده من قبل العدو بـ “ضربة وشيكة” عليه أو بـ “صيف ساخن”.

 دوللي بشعلاني – الديار

Leave A Reply