بقلم محمد الحسن
يعيد البعض في مدينة طرابلس التعطل وتراجع الحركة الثقافيّة والإجتماعية ومختلف المناسبات الى توقيت الأزمة في لبنان ، ثم الى تفشي وباء كورونا ، وهذا الامر في جانب ما صحيح ولكنه ليس دقيقا تماما .
فمدينه طرابلس منذ عام 2005 شهدت تراجعا كبيرا جدا في الحركة الثقافيّة وبالتالي في مختلف المناسبات التي تستقبلها ، ولولا المناسبات التي اقامها تباعا الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة طرابلس لجهة عقد مؤتمرات الوسطية المتتالية وتحويل بيت الفن الى حارة عتيقه تقام فيها في مواسم مختلفة الأنشطة والفعاليات الرمضانية وفي الميلاد وراس السنة وغيرها ، وايضا لا ننكر على مؤسسة الصفدي القيام بفعاليات مقابلة ، لولا هذه الفعاليات المحصورة ، من قبل هاتين المؤسستين، وخاصة من قبل جمعية العزم والسعادة التي احيت ما احيت من مناسبات ومن مطابخ رمضانية ومناسبات دينية ومناسبات تربوية واجتماعية وثقافية ، لولا ذلك لغابت تماما الحركه الاقتصادية والحركة الثقافيّة في المدينة .
من هنا يصح القول ان اعتماد طرابلس عاصمة للثقافة العربية ، الذي جاء بها فاعلا مفعلا الوزير القاضي محمد وسام المرتضى اعادت الحياة بالفعل الى الرقعة الكبيرة للمناسبات في المدينه فضخ الدماء في الاوصال ، في مدرسة الارض المقدسه في الميناء ثم في مار الياس ثم في روضة الفيحاء ثم في مدرسة الروم ثم في مؤسسات اخرى ومرورا ايضا بالرابطة الثقافية التي تحافظ على انسيابية وعمل منذ سنوات ، فقد قام بذلك الوزير المرتضى مكافحا ، لم يحمل درعا لمواجهه تبعات الازمات المتتالية في مدينه طرابلس وبخاصة ما نشب في المدينة بين العام 2007 و 2012 حيث حتى حرمت المدينه من توجه الباعة بالجملة اليها فكان ما يحصل ان يذهب ابن المدينة الى خارج الفيحاء لياتي بالبضائع واما يمتنع البائعون عن الوصول اليها ، والنقطة التي كان الاتفاق عليها لتبادل البضائع كانت في شكا او البترون .
من هنا فان الوزير المرتضى تمكن بجسده وبامكانياته المتجددة، تمكن من اختراق هذه الحواجز النفسية التي وضعت لمدينة طرابلس ، ثم كالمايسترو وزع الادوار بين المؤسسات التي كانت قد ذهبت الى رتابة ، والى شبه نوم سريري ، وشبه غفلة ثقافية كاملة ، وشبه انعدام في الرؤية والرؤيا ، وفي التصرفات والسلوك ، جاء الى حيث غطت الاعشاب الادراج المؤدية الى المواسم الثقافية ، واقفلت ابواب القلعة ابواب برج السباع، وحيث انقطع العمل بشكل شبه نهائي .
بالطبع مجددا باستثناء الاخبار والمناسبات التي تتكرر في رابطه طرابلس الثقافيه وجمعية العزم ومؤسسة ، الصفدي من هنا فان هذا الضيف المقيم حرك رمالا راكدة واستبدل مياها رائدة اسنة باخرى منعشة نظيفة الى حد بعيد ، وهو اطلق يده بين الناس داعيا الايادي لتلتقي وتنقل بجرأه وبمحبة بين جبل محسن وطرابلس فالميناء في نهار واحد ، ودفع ما دفع الى التل بامكانيات ضئيلة ، يؤخذ على من لا يشارك فيها ، فمثلا وهو يرعى عملا شخصيا للجنة تجار ساحة جمال عبد الناصر التل يؤخذ على باقي فعاليات المدينه انها لم تذهب الى مشاركة فاعلة في توسيع رقعة هذه الاحتفالات وحصرها بعامر رحيم الذي يحظى ما يحظى به الان من انتقادات ، والا ماذا يراد بالفعل من ساحة عبد الناصر التل اليوم ، يراد منها ان تتحول الى مهرجان واسع فاعل وبالطبع لا يمكن لمؤسسة واحده اي لجنة التجار ان تقوم بهذا الامر .
نقول ان الحراك في مدينة طرابلس كان منقطعا وما حدث مؤخرا هو اختراق جلل لعطلة طويلة الامد تجاوزت الساحات الى الممارسات والعقول فرضيت بعض العقول بذلك الهدوء وبتلك الاستكانة ، رضيت بلغة المهانة وبلغة الانصياع لما تتعرض له طرابلس من ازمات متتاليه ومن فوضى البعض يضخمها لاسباب وغايات .
ثم ان ما استجد من وقائع سياسيه في مدينه طرابلس على مستوى الكتل النيابية ، ما استجد يستحق الانتقاد ويحفز في الوقت عينه الدعوة لكثير من النواب في المدينة ولا نقول جميل عبود ولا أشوف ريفي ، ولا اي نائب بذاته بل نقول ان نواب المدينة معنيون اليوم بان يباركوا ” عمليا ” ما يقام من عمل وبان يشاركوا في ضخ دم جديد في المناسبات المتتالية وان يحولوا اعيادها الى مناسبات جريئة الى مناسبات تسلط الاضواء ، فلا ينتظر جوني نحاس هذا الرجل المقدام لاقامة احتفال برأس السنة والميلاد فيكتفون بالتصفيق تحت شجرة ميلاد يبنيها الرجل ، ولا يكتفون ايضا بمناسبة ما تطلق من هنا او من هناك بمسعى من سفارة او مسعا من وزارة ، فان العمل المحلي في مدينة طرابلس هو الاساس ولا نقول ايضا ان المجلس البلدي يقوم بما هو مطلوب منه فهو مشغول بالنزاعات وبالسباق نحو رئاسة البلدية ، وحبذا لو الغت السلطات في لبنان المجالس البلدية وذهب مجلس النواب الى قانون جديد يسمي عمدة مدينة ، في كل بلدة وكل مدينة ، ويسمي مجالس مدن محصورة الدور مجلس مدينة وليس مجلسا بلديا على ان يتحمل كل عمدة مدينة او عمدة بلدة مسؤوليات المجلس البلدي ، ففي مدينه طرابلس مجلس البلدية غائب عن الحضور والحياة هو يتلهى بالمناكفات وبتشكيل العصابات داخليا ، هذا الامر الذي دفع بمجلس بلدية ميناء الى الحل، وطرابلس مجلسها قائم على المحاولات التي تعمل على منع سقوطه.
اذا نجح الوزير المرتضى في كسر حواجز وهمية ، وما وضعه اهل المدينة لانفسهم ، ونجح ايضا في ضخ الدماء في مؤسسات كانت تذهب الى الحصرية الذاتية والى المناسبات الداخلية البعيدة عن الاضواء، وهي ايضا لم تكن تنشر اضواءها بالفعل خارج مساحاتها الضيقة .
فمدينه طرابلس كانت بالفعل تحتاج الى ذلك ، واليوم المسألة هي مسالة تراخي سياسي وتواكل سياسي من قبل من يريدون من بعض الاشخاص في طرابلس ان يقوموا بكل الادوار وان يتدخلوا في الصحة والسياسة والبلدية والكياسة، وهم غافلون متغافلون لا يحضرون الا في مواسم سياسية يريدها البعض يخطط لها البعض واحيانا من خارج المدينه، ولا نتحدث اليوم عن فشل القوات اللبنانية في مدينة طرابلس او فشل قوى اخرى، نريد ان نكتفي بالحديث عن الثقافة وعن المناسبات الحيوية التي تعطي لمدينة طرابلس حياة جديدة .
من هنا تبدو الاصوات التي هاجمت الاحتفالات في التل وهاجمت وزير الثقافه في بعض عمل هنا او هناك تبدو اصواتا ممجوجة، مرفوضة واصحابها مدعوون للنزول الى الساحات وللعمل في هذا الموسم المدعوم عربيا بموسم من قبل الجامعة العربية يسمي طرابلس عاصمه للثقافة العربية ، فلا يراد لهؤلاء مثلا ان يبقوا في ما خلف حواجز الفيسبوك والتويتر يرمون الكلام ولا يمارسون الافعال على ارض الواقع ، وامس اختار الوزير المرتضى اشخاصا على قدر كبير من الكفاءة ليرافقوه الى المملكة العربية السعودية والى قطر ، ذهب بوفد طرابلسي كامل الى هذه الدول ليحمل عاصمة الثقافة العربية الى هذه الدول مقنعا مشجعا محمسا املا راغبا بما هو افضل، ثم ان الوزير المرتضى وضع في احضان الطرابلسيين امرا بغاية الأهمية ، اذ يقول لهم هذه مدينة طرابلس ليست عاصمة مؤقته للثقافة العربية انها عاصمة دائمة ، اذهبوا واحصلوا على حقكم من خلال هذا العنوان ومن خلال هذا الواقع، وهذه الحقيقه.
الآن اذا تغير وزير الثقافه وجاء وزير يهتم بجبل لبنان او بغير منطقة او بالبقاع وانكفأ الرجل المقبل عن مدينة طرابلس هل سيعود هؤلاء الى كهوف ما قبل الالف ما قبل الالوف من السنوات الغابرات قبل الميلاد وبعده ، هل سيعود هؤلاء الى كهوف الفيسبوك والارتجال والتسخيف والتزييف واللا تثقيف.
من هنا فانه ينبغي على معترضي مسالك واعمال الوزير المرتضى ان يصمتوا فعلا ان يركنوا الى السكوت فهو مفيد لهم ولعله انجع في هذه المرحلة لمدينة طرابلس وهي تخترق الحواجز ، فهي لا تحتاج لمن يريد ان يحدث حواجز وهمية تكبل المدينة ولا تحررها من قيود لا تريدها لنفسها.