السبت, يونيو 29

الخطيب رعى ندوة حول كتاب: الغدير والإمامة بحوث في الاجتماع والانثروبولوجيا وفلسفة الدّين والتّاريخ

بمناسبة عيد الغدير الأغرّ، وبرعاية وحضور نائب رئيس المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى سماحة العلامة الشّيخ علي الخطيب اقيمت في مقر المجلس غديريّة بيروت – 2024، ندوة في كتاب: الغدير والإمامة بحوث في الاجتماع والانثروبولوجيا وفلسفة الدّين والتّاريخ، بحضور ممثل الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المونسينيور عبده ابو كسم، ممثل سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الشيخ بلال الملا، ممثل عن غبطة البطريرك يوحنا العاشر ( اليازجي) الارشمندزيت جورج يعقوب، ممثل سماحة شيخ العقل الشيخ الدكتور سامي ابي المنى المستشار الإعلامي الشيخ عامر زين الدين، ممثل قداسة الكاثوليكوس آرام الأول الأرشمندريت سركيس ابراهاميان،ممثل البطريرك روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك المطران كريكور باديشاه، ممثل رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي قدور الشيخ احمد عاصي، ممثل سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان السيد مجتبى اماني السيد مهدي نبيوني، النائبين: علي عمار وحسن عز الدين، وكيل مكتب المرجع اليعقوبي في لبنان وسوريا الشيخ حسن تميمي ، ٍرئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران، رئيس الجامعة الإسلامية في لبنان البروفيسور حسن اللقيس وعميدي كلية الاداب والحقوق د. ناصيف نعمة ود. هادية الشامي، د. علي غريب ممثل امين عام حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان الاستاذ علي حجازي ، نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، رئيس الجمعية العاملية يوسف محمد بيضون، ممثل رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم السفير منصور عبد الله، الشيخ حسين غبريس ممثلا تجمع العلماء المسلمين ،ممثل الدول العربية لكفاءة الموارد في الأمم المتحدة للصناعة والبيئة د. علي يعقوب، ممثل رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ يوسف الاشقر امين سر المؤسسة والشيخ هلال سلام، وشخصيات علمائية وتربوية واعلامية واجتماعية وثقافية ومهتمين.

وبعد تلاوة اي من الذكر الحكيم والنشيد الوطني اللبناني، وتقديم الشّيخ الدّكتور عباس فتوني، القى راعي الاحتفال سماحة العلامة الشّيخ علي الخطيب كلمة في الجلسة الافتتاحية توجه فيها بالشكر والتحية الى مبعوثي وممثلي المرجعيات الدينية اللبنانية ولممثل سفارة الجمهورية الإسلامية في لبنان وللسادة النواب والحضور لمشاركتهم هذه المناسبة في قاعة الوحدة الوطنية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وتوجه بالتهنئة والتبريك بمناسبة عيد الغدير التي هي ليست مناسبة طائفية ومذهبية وانما هي مناسبة إنسانية أعلى من المذاهب و الطوائف لأنها تتصل بشخص أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع)، ولذلك كانت مناسبة عيد الغدير فرصة لإصدار كتاب لفضيلة الشيخ الدكتور محمد شقير، وكنت داعياً كما في مناسبات أخرى لتشجيع الكتابة والأفكار وإعمال العقل لإخراج أمثال هذه المسائل من دائرتها الضيّقة من الدائرة التاريخية إلى الدائرة الإنسانية والعلمية والفكرية لأننا في الحقيقة وإن إختلفنا نحن كمسلمين في تفسير معنى الولاية، ربما أننا لم نختلف في ثبوت هذه المناسبة (عيد الغدير وحديث الغدير وواقعة الغدير)، ولكنّ الامام علي ابن أبي طالب ع هو صاحب هذه المناسبة قد أخذ بالأولويات، الولاية عندنا هي مسألة عقائدية، هي مسألة إيمانية خاضعة لإعتقاد كل إنسان وواجب كل إنسان بينه وبين الله سبحانه وتعالى، أخرجها أمير المؤمنين (ع) عن دائرة التجاذب حين قال: “لأسالمنّ ما سلمت أمور المسلمين”، أراد أمير المؤمنين ع إخراج المسلمين من دائرة التمذهب وجعل هذه المسألة مسألة تسبب الإنقسام في الأمة إلى جعلها موضوع إيماني فردي والتعاطي في أعلى مراتب المسؤولية بين المسلمين على أساس الإسلام ، المسلم أخو المسلم شاء أم أبى، ومن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو مسلم حرُمَ ماله ودمه وعرضه، لذلك فرّق الإسلام بين المسألة العقائدية الإيمانية وبين مسألة التعامل والتعاطي، التعاطي بين الناس على أساس الإسلام، ثم ارتقى إلى درجة أعلى فقال ع: “الناس صنفان إما أخٌ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”، وقال الله سبحانه وتعالى:(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنا أكرمكم عند الله أتقاكم)، ولقد فسّر رسول الله (ص) المقصود بالتقوى الواردة في هذه الآية فقال: “الناس كلهم عيال الله”، الناس كلهم ليس المسلمين ولا السنة ولا الشيعة ولا المسيحيين ولا أي صاحب إعتقاد آخر، فقال: “الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله”، المقياس هو التقوى والتقوى هي مقدار ما يُقدّم الإنسان من نفع ومن فائدة للناس وللمجتمع، لذلك أخرِجونا من دائرة المذاهب، ابقوها بينكم وبين الله سبحانه وتعالى، وليبرئ كل إنسان نفسه مع الله، هذه مسألة مع الله، أما المسألة فيما بيننا كحياة هي مسألة التقوى ومسألة النفع، “أحبكم إلى الله أنفعكم إلى الناس” هذه هي القاعدة في مجتمع كالمجتمع اللبناني المتعدد الطوائف والمذاهب، أدخلونا حتى في هذا المجتمع في دوائر ضيقة طائفية ومذهبية وأدخلوها في السياسة وجعلوا الدين طوائف وقبائل، نحن لسنا قبائل، الأديان مع الرأي، الأديان مع الفكرة، أعظم هدف للإسلام في الحياة هو الحفاظ وإيجاد المساحة لحرية الرأي، الرأي المسؤول، أهم شيء أعطاه الله سبحانه وتعالى للإنسان وميّزه فيه هو أنه مسؤول وليس حر، هذه كلمة حرية كلمة بالتعبير العام (هي ضحك على الذقون) كلمة حرية غير صحيحة، لذلك إضطروا فيما بعد أن يُقيّدوها أن يقولوا حرية مسؤولة، والصحيح هي المسؤولية، حينما نعيش المسؤولية في حياتنا سواءً فيما بيننا وبين الله، في إعتقاداتنا أو فيما يجب علينا اتجاه الآخرين واتجاه المجتمع واتجاه الناس، تجاه الذين لا يفكرون مثلنا أو لا يعتقدون مثلنا .
واردف… حينما نتحمل المسؤولية نُخرِج المذهبية ولا نستخدم الدين في المسائل السياسية وفي سبيل المصالح السياسية وحينئذن المجتمع يعيش ويأخذ وضعه الطبيعي ويفكر بشكل صحيح، يخرج من العصبيات القبلية، المسيحي هو أخي في الإنسانية وهو أخي في المواطنة وهو أخي في المسؤولية، والسني والدرزي وكل فئة من فئات المجتمع اللبناني هي مثلي في المسؤولية، “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” هذه القواعد لا تفكروا ولا نفكر بهذه الطريقة التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه، هذا التفكير الموجود في لبنان لا هو منطقي ولا هو علمي وليس فيه مصلحة حتى وإنما أنتج خراباً في العقول أولاً، وأنتج خراباً في العيش بين المواطنين ثانياً ، وثالثاً جعلنا غير متحمّلين للمسؤولية، ان الذين يتحدثون بلغة الطائفية هم يتهربون من واجباتهم ومن مسؤولياتهم ليبرّروا تخاذلهم باللجوء إلى الطائفية والمذهبية، لبنان وطننا جميعاً ونحن جميعاً مسؤولون عنه.
واكد سماحته إن المقاومة هي مقاومة الشعب اللبناني في جنوب لبنان في مواجهة العدو الإسرائيلي المعتدي على لبنان وليس عدواناً على الشيعة وإن صادف أن أكثرية اللبنانيين الجنوبيين هم من الطائفة الشيعية ولكن جنوب لبنان هو جزء من لبنان، من سيادة لبنان، من تعدّد لبنان، من أرض لبنان من ماضي لبنان ومن مستقبله ، من هنا المشكله أنهم لا يريدون أن يبنوا دولة تحفظ السيادة ولا يريدون دولة تدافع عن جنوب لبنان ولا يريدون جيشاً قوياً قادراً على أن يواجه الإعتداء الإسرائيلي، ماذا يريدون من الجنوبيين؟ أن يرفعوا أيديهم ويستسلموا للعدو الإسرائيلي؟ أم يريدون لهم أن يعتمدوا على الأمم المتحدة المخزيّة في غزة؟ مجلس الأمن ومؤسسات الأمم المتحدة التي تحتاج إلى من يدافع عنها تُضرب مؤسساتها في غزة، يُقتل العاملون فيها في غزة، كل مسؤولي مؤسسات الأمم المتحدة تنادي وتصرخ وتقول إرفعوا الأذى، إذا كانت الأمم تحتاج إلى من يحميها فهل هي قادرة على أن تحمينا؟ لا تذروا الرماد في العيون وتقولوا عن المقاومة بأنها إرهابية، إن هناك مشكلة ويجب أن تُحل، ولذلك المقاومة في جنوب لبنان هي نابعة من المسؤولية الوطنية والمسؤولية الإنسانية، يحدثوننا عن الإمام موسى الصدر وهل هناك أحد قبل الإمام موسى الصدر رفع صوته ينادي الدولة لتتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن جنوب لبنان وعن لبنان؟ وهل هناك قبل الامام موسى الصدر من دعا الدولة إلى أن يكون هناك أنصار جيش وأن تكون المقاومة تحت مسؤولية الدولة؟ فرفضوا، من الذي أفسح المجال للفوضى في جنوب لبنان؟ أليس هذه التي تسمونها دولة؟ الغير قادرة على أن تُرتب وضعها وأن لا تفسح بالمجال للفراغ؟ أين هي مؤسسات الدولة؟ أليس الامام موسى الصدر دعا الدولة إلى القيام بواجباتها تجاه الجنوبيين؟ هل تريدونهم أن يحملوا فرشهم على ظهورهم وهم على الطرقات والساحات مع أولادهم؟ هذا ما تريدونه؟ إذا كنتم تريدون هذا فنحن لن نقبل به، والمقاومة هي التي ستدافع ليس عن الشيعة فقط، المقاومة مقاومة وطنية وإن كان إسمها أحياناً إسلامية وأحياناً وطنية، كلها وطنية، تدافع عن الجميع وعن الوطن وحينما تستعدون أن تبنوا دولة وأن تدافعوا عن الجنوب وشعبه حينئذ هذه المقاومة هي سترتاح من دفع هذه الأثمان، أبناؤكم ليسوا أغلى من أبنائنا، ليست هذه مسؤولية الشيعة في جنوب لبنان أن يدافعوا عن جنوب لبنان، لكنّ مسؤوليتهم أن يدافعوا عن كرامتهم وعن مستقبلهم وعن بيوتهم وعن أبنائهم، لذلك لا نريد من بعض أخواننا من بعض المسؤولين من بعض الذين نحترم أن يوجّهوا سهامهم غير المقبولة إلى قلوبنا وأن يتهموا أبناءنا الشهداء في سبيل لبنان بأنهم أرهابيون، هم ليسوا إرهابيين، هؤلاء أكثر وطنية من كل أحد من الذين يتخلون عن مسؤولياتهم ثم يتهمونهم بأنهم إرهابيون.
وختم سماحته بالقول: نحن أكثر تمسكاً بالدولة، نحن نقول بأن المذاهب لا تدخل في الموضوع السياسي وأن على المذاهب والطوائف ومسؤوليها مسؤولية أن يشدّوا اللحمة الوطنية أن يُنبّهوا اللبنانيين عن مسؤولياتهم وأن لا يفرّقوا بين مسلم ومسيحي، المسلم هو أخي هو مواطني هو مسؤوليتي وعليّ الدفاع عن كرامته لأن الله أمرني بذلك حينما قال (ولقد كرّمنا بني آدم) مسيحيا إسلامياً، غير إسلامي وغير مسيحي هذا الإنسان مكرم عند الله وعليَّ إحترامه وإكرامه. وأبارك لأخي فضيلة الدكتور الشيخ محمد هذا الجهد ونحن إن شاء الله هذا هو المقصود ، وهو الحثّ على التفكير المستقل من دون خلفيات مذهبية.
والقى رئيس مركز مشارق الشّيخ الدّكتور محمد شقير كلمة جاء فيها: نجتمع اليوم في غديرية بيروت 2024، الّتي أردناها أن تكون مناسبة للاجتماع على كلمة سواء، ولاستحضار القيم الأصيلة للدين والإسلام، إذ إنّ فلسفة الغدير في وعينا تعني تمظهر العقلانية السياسية والدينية والتاريخية في الإسلام وفي شخص النبيّ(ص)؛ إنّها تعني استمرار – أو التأسيس لاستمرار – المشروع القيمي والحضاري الإسلامي عصيًا أمام مؤثّرات الاجتماع العام ومصالحِ فئاته، أي كما أراد له النّبيّ(ص) أن يستمر في التّاريخ والوجدان.
إن فهمنا للغدير يختزن محورية العدالة كإنصاف، بل هي تمثل جوهر الدين وقيم الإسلام، هذه العدالة الّتي أريد تغييبها أو تهميشها في مسارات الدين ووعيه،(وإذا توافقوني الرأي أنه في مجمل التاريخ الديني نجد انزياحاً من مقولة العدالة إلى مقولة الإيمان، بل تفريغاً لهذه المقولة من محتواها العدالتي)، بهدف تعطيل طاقة الإيمان عن صناعة العدالة ومنابذة الظلم، ليبقى طقوسًا جوفاء، أو مطية ترتضي الامتطاء، من ظالم أو مترف أو فاسد يعادي الصلاح والإصلاح.
إنّه لم يكن أمرًا يتيم الدلالة أن يكون من وصية الإمام عليّ(ع) لولديه الحسن والحسين في آخر ساعات حياته الشريفة قوله: كونا للظالم خصمًا وللمظلوم عونًا؛ حيث لا يمكن أن نفقه الإيمان بمعزل عن العدل وإنصافه، ولا أن نعي العدل بمعزل عن مخاصمة الظلم وجوره؛ فلا حياد أمام الظلم، وخصوصًا عندما يكون هذا الظلم نابعًا من الكيان الإسرائيلي الّذي لم يرتض، ولن يرتضي لنا حيادًا أمام إجرامه وعدوانه، متى رأى في وطننا ضعفًا لدينا، أو سبيلًا إلى مطمع فينا.
وانطلاقًا من جوهرية العدالة هذه في فلسفة الدين والإيمان، يمكن لمؤسساتنا الدينية في لبنان أن تبقى عصية على العصبيات الطائفية(لأن العدالة في جوهرها تنافي العصبية، فهي ذات جوهر إنساني متعالٍ ومتحرر من أي احتباسٍ طائفي أو مذهبي…)؛ بل أن تسهم بقوّة في دفع النموذج الّلبناني إلى الإنبناء أكثر على الإنصاف والتّعاون والتعارف ونبذ الخطاب الطّائفي؛ لأنّ التهديد الأكبر لهذا النموذج إنّما يتأتى من أنفسنا كلبنانيين، من إفساد العلاقات بين الطوائف، من عدم تفهمنا لبعضنا البعض، لهواجسه وآماله وآلامه ومعاناته- وهنا لا بد من القول إن لبعض الخطاب الإعلامي والمواقف أثراً سلبياً فيما تسببه من ضرر في العلاقات البينية الوطنية، بل القضايا الوطنية الكبرى-، حيث لا معين على هذا الإفساد أشدّ من خطاب التفرقة والتباعد، إذ لا سبيل إلى حفظ الوطن وإعادة بناء الدولة، إلّا من خلال ثلاثية الإنصاف والتعاون والحوار. بل إن من يدعو إلى بناء الدولة وهو يهدم بمعاول خطابه ومواقفه البنية الاجتماعية التي تقوم عليها فكرة الدولة(الثقة والتضامن بين مكوناتها وفئاتها) يحتاج إلى مراجعة كلٍ من دعوته وخطابه، لأنهما لا يستويان.
إن فعل المقاومة من أجلى مظاهر مخاصمة الظلم، حيث لا وطن ولا سيادة ولا كرامة، ولا مصالح في عالم تملؤه الذئاب(كما عبّر الإمام السيد موسى الصدر، أعاده الله ورفيقيه، وهنا يحضرني قوله: لا نقبل أن يبتسم لبنان ويبقى جنوبه متألماً، في مقام تداعي الأفكار، كجوابٍ على من يسعى إلى افتعال التباين بين نهجه وما عليه المقاومة اليوم)، إن لم تكن من قوّة تحمي الأوطان، أو منعةٍ تردع العدوان. والشاهد قول أمير الغدير (عليه السلام): ردّوا الحجر من حيث جاء، فإنّ الشرّ لا يدفعه إلّا الشرّ. وعبر التاريخ أكثر من أن تحصى.
وليس بعيدًا عنّا ما يحصل في فلسطين المظلومة من ظلم وإبادة، حيث إنّ العالم أجمع، إمّا متفرّج بعين جامدة، أو معين على الظلم، أو ناطق ببيان لا يسمن من الجور، أو يغني عن مقارعته.
أمّا في موضوع ندوة الغديريّة، وهو كتاب الغدير والإمامة: بحوث في الاجتماع والأنثروبولوجيا وفلسفة الدين والتاريخ، فلقد عملنا فيه على استخدام أدوات منهجيّة معاصرة في بحث خطبة الغدير، كواقعة متموضعة في الاجتماع العام، السّياسي منه والمعرفي، وفي مجرى التّاريخ وسياقاته، وليس كمجرّد نصّ، مِمّا أفضى إلى تقديم معالجات جديدة للواقعة ومختلف دلالاتها، ففي فلسفة الدّين هل يمكن لدين يَعنى بصغائر الأمور ودقائقها، أن يطوي كشحًا عن أهمها وأخطرها “مستقبل القيادة”؟
وفي فهمنا للعقلانية السّياسيّة في شخص النّبيّ(ص) وسياسته، هل يمكن أن نرتضي أن نبيًّا قائدًا حكيماً كمحمد، قد ترك أمّته هَملًا، دون تدبير مسبق، لأخطر تحدٍ لها في تاريخها، عنيت به ذاك الفراغ المرتقب في قيادة الدّولة والأمّة والدين نتيجة لوفاته بعد أيام قلائل؟
هل يمكن لمشروع حضاري، يُراد له أن يقود البشرية إلى خيرها وإنصافها، أن يبقى دون تشخيص المرجعيّة القيميّة والمعرفيّة القادرة على صحيح البيان وحسم الاختلاف وحفظ النموذج والدين؟
وما هي القرائن التي يمكن أن تستفاد من مراسم الواقعة وسياقها وظروفها وأحداثها ومنطق التاريخ لديها؟
وماذا عن إلباس النبي(ص) عمّته-المعروفة بالسحاب- علياً في مراسم الغدير ووقائعه؟ وما هي رمزية العمة في الأنثروبولوجيا الدينية والسياسية يومها؟
هذا ما تجدون إجاباته في الكتاب الّذي أردناه ليكون واحة للحوار والتثاقف العلمي.
أمّا فيما يرتبط بالمركز ونشاطه، فعدا عمّا أنتجه من مادّة ومحتوى ذات صلة بمواقع التواصل الاجتماعي من فيديوهات ومقالات وغيرها، وإصدارات في الحجاب والإلحاد ومسألة الحياد وإشكالية الحضانة، فقد عنى بالاستجابة لواحدة من التّحديّات الّتي تواجه مجتمعاتنا ألا وهي قضية الشّذوذ الجنسي ومسائلها(وهنا للأسف الغرب يرسل السلاح إلى إسرائيل والفساد إلينا)، حيث عمل على معالجتها في خمسة إصدارات متنوّعة، ومن زوايا مختلفة فكريّة وقانونيّة وتربويّة واجتماعيّة وإعلاميّة وفلسفيّة وغيرها، هذا وسوف يكمل المركر في قضايا تتّصل بالإلحاد والزّواج المدني وغيرها من القضايا.
ختاماً، إنّنا إذ نتوجّه بالشّكر إلى راعي حفلنا، وجميع من حضر وشاركنا في برامجه من السادة المتحدثين والشعراء والمداخلين والمديرين، أو ساهم في إنجازه وإنجاحه، فإنّنا نسأل الله تعالى أن يحفظ وطننا لبنان، ويجمعنا فيه على كلمة سواء، ودولة سواء، وأن ينصر مقاومتنا، ويرحم شهداءنا، ويشفي جرحانا، ويفرّج عن المكروبين في بلدنا، وفي فلسطين المظلومة، وعن كل مظلوم في عالمنا.
وتلا الوزير السابق جوزف الهاشم و الشّيخ إبراهيم بريدي قصيدتين من وحي المناسبة.
وادار الندوة الدّكتور حول الكتاب د.علي قصير، والقى الشّيخ الدّكتور محمد أحمد حجازي والدّكتور ميشال كعدي مداخلتين.

Leave A Reply