يومان يفصلان عن انطلاق إمتحانات الشهادة الرسمية بفرعيها العلمي والأدبي على سائر الأراضي اللبنانية، وسيتقدم حوالي 55 ألف طالب للشهادة التي أحدثت شرخاً بين سائر الطلاب، وطلاب الجنوب خصوصاً، ولا تزال محط جدل قبل خوضها بـ48 ساعة، فيما الأمل موجود لدى الطلاب بإلغائها.
كان من المقرر أن يعتصم طلاب من مختلف المناطق أمام مبنى وزارة التربية والتعليم العالي أمس الأربعاء، تضامناً مع طلاب الجنوب والظروف التي يعيشونها، وتبادلوا الدعوة الى التجمع على مجموعات “الواتساب” التي تنسق تحركاتهم، ولتكون الوقفة الأخيرة قبل الاستسلام للأمر الواقع والمضي بقرار وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي لاجراء الامتحانات.
ولعل التلاميذ فقدوا الأمل بعد أن نفدت لديهم كلّ وسائل الضغط على المعنيين للتراجع عن قرارهم، فلم يلبِّ الدعوة سوى ثلاثة شبان، اثنان جاءا من مدينة النبطية وآخر من بيروت.
وصل الطالب محمد ناصر إلى محيط الوزارة في الموعد المحدد للتجمع، ليفاجأ بأنه وحده، وما لبث أن تقدم منه عنصر من الدرك مستوضحاً “شو مش جايين؟”، ثم انضم إليه شابان آخران، بدا وكأنهما يبحثان عن التجمع “غير الموجود”.
يقول ناصر وهو طالب في الفرع الأدبي، لموقع “لبنان الكبير”، انه سيتقدم للامتحان في نطاق مدينة بيروت، لكنه متضامن مع زملائه في الجنوب الذين لم يتمكن بعضهم من انهاء المنهاج المطلوب. التظاهرة الأخيرة، كانت نهار الأحد الفائت، إلاّ أنها كانت من دون جدوى أيضاً.
بعيداً عن أصوات القصف والطيران، يشير ناصر الى أن الكثير من رفاقه الذين نزحوا إلى مناطق أخرى، يعيشون أكثر من عائلة في بيت واحد، ما يجعل إمكان الدرس والتركيز شبه معدوم.
ورداً على الإتهامات التي تقول إن الطلاب لا يريدون الدرس ويتحججون بالأوضاع الأمنية، يقول ناصر: “يطلعوا يقدموا امتحانات بالجنوب”، أمّا هو فأكمل المنهج، ودرس كل المطلوب، إذا أراد أن يفكر بنفسه فقط، لكن الأمر ليس عادلاً.
ويؤكد أنهم حاولوا بكل الوسائل مع الوزير من أجل إيصال صوتهم، فلم يتغيّر شيء، كما استعانوا بناشطين ومؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي لخلق نوع من التضامن، واتصلوا ببعض الشخصيات والسياسيين، معتبراً أنه على الرغم من كل شيء، الأمل بإلغاء الإمتحانات لا يزال موجوداً.
حسن رضا، تلميذ آخر، سيقدم امتحاناته المقررة في النبطية، يشير لموقع “لبنان الكبير”، الى أنهم انقطعوا عن الدرس لحوالي شهر في بداية الحرب، ليلتحقوا من جديد بما فاتهم.
“منكون عم ندرس بيطلع الطيران، وبيروح التركيز”، بحسب رضا، وبعض الطلاب فقد أقاربه وأصدقاءه في الحرب.
ولا يعارض رضا فكرة اجراء الامتحانات لكن يجب أن تكون الأسئلة “على قد ما درسنا”، ليكون الأمر عادلاً لتفادي الافادات، فمعظم الأساتذة لم يداوم في المدرسة خوفاً من الأوضاع، فتلقينا بعض المواد عن بعد. أمّا الأمل بإلغاء الامتحانات موجود ولو قبل ساعات قليلة من إجرائها.
13 ألف تلميذ شاركوا في الاحصاء التالي، وجاءت النتيجة بحسب رئيس لجنة طلاب لبنان عمر الحوت، كالتالي: 91% كانوا مع اعطاء الإفادات، 5% مع اعطاء الإفادات لطلاب الجنوب، و4% فقط مع إجراء الامتحانات.
وأمام هذه النتائج، يقول الحوت: “ان اجراء الامتحانات أمر غير عادل، لأن هناك فروقاً في إستعدادات الطلاب والظروف المغايرة، الأمر الآخر هو اطلاق توصيفات جديدة للإمتحان قبل أسبوع، الأمر الذي خلق نوعاً من الإرباك للطلاب”.
ويضيف: “مش مقبول يطلع جدار صوت وتلميذ عم يعمل إمتحان”، فالأمر ليس عادلاً على الإطلاق، والغارات التي حصلت امس أثناء عودة التلاميذ من الامتحانات الرسمية المهنية والتقنية خير دليل، فحتى الطرق ليست آمنة.
ويعوّل الحوت على الساعات الأخيرة من أجل تراجع الوزير عن قراره، خصوصاً أن هناك ضغوطاً سياسية من مختلف الكتل المؤيدة لقرار الغاء الامتحانات، وكل الترجيحات واردة!
فاطمة البسام – لبنان الكبير