تنتهي بعد أيام قليلة المهلة التي أعطتها اللجنة الخماسية للكتل النيابية لإنتخاب رئيس للجمهورية اللبنلا حرب ولا رئيس!انية، في ظل إنسداد كامل للأفق السياسي، مترافقا مع العدوان الاسرائيلي المستمر على الجنوب، والذي لن يتوسع الى حرب مفتوحة بفعل توازن الرعب الذي تفرضه المقاومة، ورغبة إسرائيل في إعادة عشرات آلاف المستوطنين الى المستوطنات الشمالية التي قد تخرجها الحرب المفتوحة من الخدمة نهائيا، ووسط إستمرار الانقسامات السياسية لا سيما بين التيارات المسيحية التي تقصف جبهات بعضها البعض على مدار الساعة، ما يشير الى ترحيل الملف الرئاسي برمته الى ما بعد الحرب وربما الى ما بعد التسوية.
هذا الاستعصاء مرده اليوم، الى أن أحدا من التيارات السياسية المسيحية لا يريد إتمام هذا الاستحقاق، فالتيار الوطني الحر يفتش عن خيار ثالث مفقود، في ظل تمسك الثنائي الشيعي وحلفائه بمرشحهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يرى الداعمون له أنه الوحيد القادر في المرحلة المقبلة على إيجاد الحلول لملفات النازحين وترسيم الحدود البرية، والتهريب المستشري، إضافة الى العديد من الملفات الملحة الأخرى إنطلاقا من إمكانية تواصله مع كل الأطراف داخليا وخارجيا.
وترى مصادر سياسية مواكبة، أن التيار الوطني الحر بات في وضع لا يُحسد عليه، حيث أن العلاقة بينه وبين حزب الله ليست على ما يرام لا بل متوترة، وعلاقته مقطوعة بالكامل مع التيارات المسيحية الأخرى التي تتحين الفرص لإستهدافه وإضعافه في ظل البروباغندا الشعبوية التي تمارسها القوات اللبنانية، وبالتالي فإن التيار بات من دون حليف ومستفرد في الوقت نفسه، الأمر الذي سيضطر باسيل للنزول عن شجرة المواقف التي كان أسيرها منذ بدء الفراغ الرئاسي.
وبات واضحا أن القوات اللبنانية وبتوجيهات من رئيسها سمير جعجع تعتمد السلبية المطلقة في تعاطيها مع كل الملفات بما فيها الاستحقاق الرئاسي، ولم يعد خافيا على أحد أن جعجع يراهن على متغيرات في المناخات الدولية والاقليمية تصب في مصلحته مما يخوله طرح نفسه لرئاسة الجمهورية كما حصل في العام 1982 عندما إجتاحت إسرائيل بيروت، وإنتخب بشير الجميل رئيسا للجمهورية.
وما دون ذلك، فإن جعجع لن ينتخب رئيسا للجمهورية يقبل به الثنائي الشيعي سواء كان سليمان فرنجية أو غيره، أو حتى خيارا ثالثا، وهو سبق وصرح بذلك، حيث قال: “إذا لم يكن مرشحنا مستفزا لحزب الله شو بدنا فيه”، وبالتالي فإن جعجع لا يريد أيضا المشاركة بأي حكومة قد يشكلها رئيس لا يشارك في إنتخابه، وذلك بعدما لمس أن المعارضة مربحة، وأنه إذا لم يتمكن من تحقيق طموحاته الرئاسية، فليستمر في محاولاته الرامية الى تزعم المعارضة بالرغم من صعوبة الأمر حيث يرفض أقرب المقربين من جعجع، لا سيما الكتائب السير تحت مظلته، في الوقت الذي يحاول فيه النائب سامي الجميل مجاراته والمزايدة عليه في بعض المواقف على قاعدة “علّي وخود جمهور في الساحة المسيحية”.
في غضون ذلك، ومع اليأس الذي أخذ مساحة واسعة له في اللجنة الخماسية من الملف الرئاسي ومن التيارات السياسية اللبنانية، ينقل بعض زوار عين التينة بصيص تفاؤل لدى الرئيس نبيه بري بإمكانية أن يصار الى تهريب الاستحقاق في غضون الشهر المقبل أو بعده في لحظة تقاطع دولي إقليمي مع المساعي الجارية لوقف الحرب على غزة، ويستدرك هؤلاء بنظرة تشاؤمية، بعدما سمعوا من بري نفسه، أنه “إذا لم ينتخب رئيس خلال شهر أو أكثر، فإن إتمام الاستحقاق سيكون صعبا ومعقدا وطويلا الى أبعد الحدود”.
غسان ريفي – سفير الشمال