لا يعرف مسلسل الفضائح الجنسية في لبنان نهاية ولا يُدرك الوصول إلى ما يرضي ضحايا التحرش والاستغلال سيما إن تعلق الأمر بما له ارتباط بشكل مباشر أو غير مباشر بالدين. إنه لبنان، حيث لا تصل الضحية إلى حقها إلّا إن ضغط الإعلام ورفع الصوت حتى تسارع الجهات المعنية إلى التخلي عن التخاذل والتباطؤ في الحسم.
فضيحة اليوم مركزها المحكمة المارونية وهي تأتي على مستويين الأول يتعلق بالرشاوى لقاضٍ ما يسمح بالفوز بأحكام عن غير وجه حق. أمّا الثانية والأخطر فترتبط بالتحرش بموكلات قررن الانفصال عن أزواجهنّ، وفي الحالتين المرتكب واحد وهو محامٍ.
في معلومات حصرية حصل عليها موقع “السياسة”، فإنّ محامٍ ينتسب إلى نقابة الشمال ومجاز بالقانون الكنسي صار برأيه بطلًا يتفاخر في أروقة المحاكم بأنّ أحدًا لم يطله بعد رغم حجم الفضيحة.
والمتحرش المذكور يعمد إلى التحرش بموكلاته ويرسل إليهنّ صورًا فاضحة وغير أخلاقية وصورًا لأعضائه التناسلية، ولأنّ زمن التستر عن المتحرشين ولّى تداعت الموكلات الضحايا وقدمن ملفًا يوثق جرائم المحامي، الذي تعرف “السياسة” اسمه كاملًا، وقدمنه إلى مرجع كنسي من دون أن يأخذ الملف بعد مسلكه الطبيعي في هذه الحالة علمًا أنّ محامين بجرائم أخف طُردوا من المحكمة الروحية.
والمحامي الذي يدّعي أنه بطل لا يطاله أحد وأنّ له من السلطة ما يحميه، زوجته قاضية أيضًا غير أنها لم تكن على علم سابقًا بارتكاباته إلى أن فُضح ولم يرتدع.
وفي استكمال للفضيحة، فقد شهدت المحكمة الروحية إقالة أحد القضاة على خلفية تلقيه الرشاوى من المحامي المتحرش وذلك حتى يضمن الأخير الحصول على أحكامٍ تناسبه ما يلحق الظلم بأطراف أخرى. وهذا يعني أنه يحق لكل من خسر دعواه أمام القاضي المُقال التقدم بطلب لإعادة النظر لأنه على الأغلب ظُلم بالقرار الصادر ولم يُنصف.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ المحامي المعني معروف في الأوساط القانونية وهو ما زال يُمارس عمله المعتاد رغم حجم الارتكابات ورغم أنه متحرش ومثبت عليه ذلك بأدلة مادية لا يمكن نكرانها، ما يطرح علامات استفهام حول أسباب صمت نقابة محامي الشمال حتى هذه اللّحظة.
وصحيح أنّ الخبر قد يُزعج المحكمة الروحية غير أنّ المزعج فعلًا في الملف هو سكونها وهي اليوم أمام فرصة التحرك ضدّ المحامي المذكور حتى تُثبت أنّ لا مكان للمتحرشين لا في الكنيسة ولا في محاكمها لأنّ الحديث عن عدالة تقدمها مستحيل في ظلّ وجود متحرش حرّ طليق ستقع بين أنيابه نساء أخريات. فالمجرم يكرر جرمه إن لم يُحاسب.
وقد أثبتت الكنيسة مؤخرًا في قضية كاهن القبيات أنها تضرب بيد من حديد في حالات مماثلة لذا عليها استكمال الصورة التي بدأت ترسمها للمؤمنين حتى لا تخسرهم.