من المؤسف جداً أن هناك فئة من مسيحيي لبنان لم تسقط من رهاناتها أن الكيان الصهيوني سيقدم لها ما يلزم من الدعم، من أجل حلّ مشكلة “حزب الله” وسلاحه (الخارج عن المألوف) الذي يرفعه بوجه العدو. من دون أن يخطر ببالها ما فعله ذلك العدو (الذي يضع مصالحه فوق كل الاعتبارات) مع زعماء تلك الفئة قبل خمسة عقود حين تخلى عنهم فور تيقنه أنهم لن ينفذوا ما يأمر به فقط لاغير.
فجميع اللبنانيين تراءت لهم لحظة انفجار مرفأ بيروت عصر الرابع من شهر آب عام 2020 وحكاية تخزين النيترات الملغومة، عندما قرأوا “التقرير المشبوه” الذي أعدته صحيفة “التلغراف” البريطانية عن وجود “الصواريخ التكتية” لحزب الله في حرم مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري (مطار بيروت الدولي). وكأن مخططي الحزب بمستوى تلك السخافة التي تحكمت بمعدي التقرير حيث أنهم لم يجدوا مكاناً في لبنان ليخزنوا فيه الصواريخ التي يحوزونها، الاّ ذلك المرفق العام الذي يعتبر المدخل المحوري للاغتراب والسياحة في لبنان وفي حضن الضاحية الجنوبية للعاصمة؟
اللافت ان تشويه صورة المطار الرئيسي في لبنان ومن خلال صحيفة بريطانية بالذات جاء بعد ساعات على توجيه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله تحذيراً لقبرص ومطاراتها التي بينها قواعد عسكرية بريطانية كان لطائراتها دور محوري منذ انطلاق الحرب على غزة في التجسس وكشف المخفي لصالح العدو الاسرائيلي!
واللافت أيضاً أن إتهام حزب الله لوجود صواريخه في مطار بيروت أشبه ما يكون باتهام دولة العراق بامتلاك الاسلحة الكيماوية مطلع هذا القرن قبل شن الحرب عليه وتدمير مقومات الدولة، ليعترف بعد انتهاء الحرب كبار قادة حلف شمال الاطلسي وفي مقدمهم وزير الدفاع الأميركي كولن باول بأن ذلك الاتهام لم يكن له أي اساس.
وبالأمس، وبعد ساعات قليلة على نشر تقريرها تراجعت صحيفة التلغراف عن مصادر معلوماتها التي نسبتها الى “الاتحاد الدولي للنقل الجوي” (أياتا) وكأنها صحيفة صفراء في إحدى دول العالم الثالث!
واللافت أيضاً وأيضاً أن مسؤولين كبار في حزب القوات اللبنانية قد هيأوا أمام الصحيفة للوصول الى ذلك الاستنتاج الاتهام. وهناك من إتهم صراحة النائب غسان حاصباني وغيره باستدراج العدوان).
صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يشار فيها الى تحميل هذا المرفق الحيوي في لبنان هذا الكم من الإتهامات، ولكنها بالتأكيد المرة الأولى التي توجّه فيها أصابع المشاركة في التحريض لمواقف مسؤولين متقدمين في تنظيم سياسي تجاه فريق لبناني. ومن هذه الزاوية اعتبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن في لبنان أناس لئام، ونصّر عليهم ونريد لهم أن يرتقوا إلى مصاف الناس الشرفاء.
وعلى خط موازٍ هناك أفرقاء مسيحيون يكررون القول لإبناء طائفتهم: لا تراهنون على ما يمكن ان يقوم به رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو للحفاظ على رأسه. فالمراهنة أفضل على ان المقاومة قادرة على ردعه ويمكن التفاهم معها كفريق لبناني له حيثيته في التركيبة اللبنانية مهما تبدلت الظروف وقَسَت.
مرسال الترس – الجريدة