الأربعاء, يوليو 3

سرطان الدولة أقوى من سرطان الناس..!

تُفاجِئنا شاشات التلفزة بين الحين والآخر بمقابلات مع أهالي مرضى بالسرطان، وبينهم أطفال ونساء، وأحياناً رجال من أرباب عائلات محدودة الدخل، ومستورة بالكفاف، الذي بالكاد تستطيع تحصيله، في خضم موجات الغلاء، التي طالت كل شيء، وجعلت الإنسان في هذا البلد، أرخص من السلع البالية.

معالجة أمراض السرطان، على أنواعها ، مازالت هي الأكثر كلفة، مقارنة بالعديد من العمليات الجراحية الأخرى، فضلاً عن أن الأدوية التي يتوجب على مرضى هذا الداء العضال تناولها، لم تعد هي الأغلى وحسب، بل هي غير متوفرة في كثير من الأحيان. وعندما تكون موجودة في وزارة الصحة، تلعب الوساطات ونفوذ المحاسيب دورها في تخصيص المحظوظين وإعطائهم الأولوية، رغم الجهود التي يبذلها وزير الصحة فراس الأبيض، للحد من هذه الظاهرة البشعة، وتفعيل خطة متابعة توزيع أدوية وزارة الصحة، عبر تطبيقات ألكترونية تم وضعها لهذه الغاية.

لبنان مازال من الدول المتخلفة التي تكتفي بمعالجة المرض، وتحمل الأعباء الإنسانية والمالية لهذ المعالجة، دون محاولة الذهاب إلى الحد من أسباب الإنتشار المتزايد للأمراض السرطانية في لبنان.

وحذرت دراسات منظمة الصحة الدولية، التابعة للأمم المتحدة، من مخاطر التوسع الحالي للإصابات بالسرطان في لبنان، لعدة أسباب، يبقى أهمها التخريب الذي يصيب البيئة اللبنانية بوتيرة متسارعة، إلى جانب وجود هذا العدد الكبير من المولدات الكهربائية، والتي يفتقر معظمها إلى أبسط ظروف السلامة العامة، وغياب الرقابة الرسمية الفاعلة على تشغيل هذه المولدات بين المنازل وفي المناطق السكنية والساحات العامة.

والأنكى من كل ذلك، أن الدولة العليّة غائبة عن القيام بواجباتها البديهية تجاه مواطنيها، مكتفية بفرض الرسوم والضرائب على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، التي تطالهم قبل غيرهم، عبر القيمة المضافة المفروضة على السلع الأساسية. ولا توفر مقابل ذلك الحد الأدنى من الخدمات والمساعدات للمصابين بالإمراض المستعصية، لا سيما مرض السرطان.

إنه السرطان الذي يهدد حياة الآلاف من اللبنانيين، والدولة في غيبوبة سرطان الفساد الذي ينهب مرافقها!

ولكن يبدو أن سرطان دولة الفساد أقوى من سرطان الناس المغلوبة على أمرها.

د. فاديا كيروز

Leave A Reply