الجمعة, نوفمبر 22
Banner

المساعي الأميركية تسابق الحرب واستحقاقات تموز مصيرية… المرحلة الثالثة في غزة تُنذر بتأجيج الصراع جنوباً؟

على وقع السباق بين الاستعدادات للتصعيد جنوباً، وبين المساعي الديبلوماسية التي لا تزال قائمة بعد مغادرة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين المنطقة، ارتفع منسوب التفاؤل في إمكان تجنب الحرب المفتوحة، من دون أن يعني ذلك أن التسوية باتت قريبة، إذ تستمر العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية بين “حزب الله” وإسرائيل، تارة تسلك مساراً تصاعدياً وثانية تتراجع وفق ما ما تمليه الحسابات والانسداد في المسار السياسي واستمرار الحرب في غزة.

المخاوف من الحرب لا تزال قائمة، تعززها الحشود العسكرية ومناورات الجيش الإسرائيلي، إلا أن الحسابات على الجانبين تخفف من وطأة اشتعالها، بالتوازي مع الضغوط الأميركية المستمرة والتي دفعت بوزيرالدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى الحديث عن قبوله باتفاق يبقي “حزب الله” بعيداً عن الحدود، موضحاً للأميركيين وفق ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل لا تسعى للحرب بل لتسوية.

لكن الكلام الإسرائيلي يشترط اي اتفاق بإعادة سكان المستوطنات إلى الشمال وبإبعاد “حزب الله” إلى شمال الليطاني، وهو أمر غير ممكن، وفق نتائج الوساطات الدولية، ما يعني أن الحرب لا تزال داهمة أو استمرارها بوتيرتها الحالية مع تغيرات على الأرض. وعلى الرغم من تراجع التهديدات بالحرب، إلا أن الأجواء تعكس مجموعة من التناقضات داخل إسرائيل قد تؤدي إلى مسار مغاير لجبهة الجنوب، إذ أن الضغوط لم تحسم في منع إسرائيل من توسيع عملياتها. فبنيامين نتنياهو الذي أعلن أن حكومته جاهزة للتسوية والإتفاق في حال تم الوصول الى تفاهم حول إعادة السكان الى مستوطنات الشمال، لا يزال يسعى، وفق مصدر ديبلوماسي إلى انتزاع ضوء أخضر أميركي لشن الحرب ضد “حزب الله”. وبعكس ما يحكى عن أن الولايات المتحدة لا تزال تحجب أنواعاً من الأسلحة والذخائر عن إسرائيل، إلا أن المعلومات تشير وفق المصدر إلى أن غالانت تمكن خلال زيارته الأميركية من حصول إسرائيل على كميات من الذخائر الثقيلة وقنابل تدميرية استخدمت في حرب غزة، وهي مؤشر لإمكان استخدامها في الحرب ضد لبنان إذا توسعت المعركة.

في العلاقة الأميركية- الإسرائيلية، تشدّد واشنطن على انهاء العمليات العسكرية في رفح والانتقال إلى مرحلة جديدة، تسمى المرحلة الثالثة، أي اقتصار الحرب إسرائيلياً على عمليات موضعية واجتياحات محدودة. وهذا الأمر من شأنه أن يعيد التركيز على لبنان، مع استمرار نقل وحدات إسرائيلية إلى الجبهة الشمالية، وهو عبارة عن تهويل أو حرب نفسية بالنسبة إلى لبنان الرسمي و”حزب الله”.

لكن استمرار الجبهة مفتوحة جنوباً، ينذر بأخطار على الوضع اللبناني، خصوصاً في شهر تموز (يوليو). فاستحقاقات هذا الشهر تشكل منعطفاً في مسار الاحداث، أولا بزيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة لإلقاء خطاب في الكونغرس الأميركي، في 24 تموز (يوليو)، والمتوقع أن يعلن تقدماً في المعركة ضد حماس، والانتقال إلى مرحلة جديدة من العمليات، ومحاولة نيل موافقة أميركية على توسيع حربه ضد “حزب الله”. وتأتي زيارة نتنياهو في وقت ينشغل فيه الأميركيون بالانتخابات خصوصاً بعد المناظرة بين جو بايدن ودونالد ترامب والتي عكست ضعفاً في أداء الرئيس الديموقراطي، وهو ما سيحاول نتنياهو اللعب على تناقضاته بتوفير الدعم والضمانات لإسرائيل.

تبقى الجبهة الجنوبية في دائرة الخطر وسط كل الاحتمالات، ففي شهر تموز (يوليو) يتولى رئيس جديد الأمور في إيران، حيث ينتظر العالم ما ستؤول اليه المعركة بين المرشحين الاصلاحي مسعود بزشكان واليميني المحافظ سعيد جليلي، وعليه سترسم سيناريوات كثيرة للأداء الإيراني في الملفات مع الولايات المتحدة، ومن بينها جبهة جنوب لبنان. وحتى الآن لا مؤشرات على تقدم المفاوضات للتوصل إلى حل لجبهة الجنوب، فيما تتحدث معلومات عن تحرك جديد لهوكشتاين ينطلق بعد زيارته المنتظرة الى فرنسا للقاء الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، والتي يتوقع أن تتناول جولته الوضع في الجنوب وبلورة مبادرة سياسية تساهم في اطلاق المفاوضات للحل على الحدود. علماً أن هوكشتاين التقى غالانت خلال زيارته إلى واشنطن، مشدداً على ضرورة احتواء التصعيد.

وبينما يتمسك “حزب الله” بوقف شامل لاطلاق النار في غزة، كشرط للتهدئة، إلا أن الاجواء الميدانية لا تشير الى تهدئة على الجبهة. فالحزب وفق المصدر الديبلوماسي لا يقدم ضمانات لوقف عملياته في حال تراجعت الحرب على غزة. ويبدو أنه كلما اطلقت قذيفة إسرائيلية واحدة في غزة سيواصل تصعيده وفق وتيرة مختلفة ضمن جبهة الإسناد. لكن هذه الوجهة هي سيف ذو حدين، وفق المصدر، إذ أن استمرار العمليات، حتى في حال تراجعت الحرب الإسرائيلية، يعني إبقاء جبهة لبنان مفتوحة مع حالة الاستنزاف، وهو ما يمدّد الحرب، ويعزز وجهة القائلة إن تراجع العمليات في غزة سيعني انتقالها الى الشمال، طالما أن إسرائيل ترفض عودة إلى ما قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

وفي حال استمرار العمليات جنوباً، سينعكس الامر على مفاوضات التمديد لقوات اليونيفيل في الجنوب المقرر في آب (أغسطس) المقبل، والحفاظ على مهمتها الأساسية. وفي كل الاحتمالات، سيكون وضع هذه القوات مرتبكاً ومحدوداً مع استمرار العمليات الحالية أو إذا تدحرجت إلى مواجهات أوسع، علماً أن أي تسوية في الجنوب ستلحظ تغييرات في صلاحيات القوات الدولية بالتوازي مع المفاوضات حول تطبيق القرار 1701.

الثابت أن طبول الحرب لا تزال تقرع، رغم كل المساعي الديبلوماسية. وعلى هذا يبقى الانتظار لما ستسلكه التطورات، وما إذا كانت الحرب ستنشب حتى لو لم تكن هناك جاهزية لدى طرفيها. فيما المخاطر تبقى قائمة على لبنان الذي تلفحه الرياح الإقليمية من كل حدب وصوب.

ابراهيم حيدر – النهار

Leave A Reply