الجمعة, يوليو 5

الاستحقاق الرئاسي.. الى السنة المقبلة؟!

يبدو أن ثمة إقتناع لدى التيارات السياسية اللبنانية بأن الإستحقاق الرئاسي بات أسير إستعصاء لا يمكن أن تحله إلا تسوية دولية إقليمية كبرى تفرض رئيسا، لذلك فقد توقفت كل المبادرات من الاشتراكي الى الوطني الحر الى تكتل الاعتدال الوطني الذي سبق واستنفد كل المحاولات والوساطات من دون أن يحقق أي خرق في الجدار الذي يزداد إرتفاعا.

لا رئيس قبل إنتهاء حرب غزة، هكذا أراد اللبنانيون فوضعوا أنفسهم على لائحة الانتظار التي قد تطول الى العام المقبل وربما الى إنتهاء ولاية المجلس النيابي الذي سيسجل التاريخ بأنه أمضى ولاية كاملة من دون أن يتمكن من إنتخاب رئيس للجمهورية.

بات معلوما أن رئيس الجمهورية في لبنان هو نتاج قرار دولي وتوافق محلي، ويبدو أن القرار غير متخذ والتوافق غير متوفر.

على الصعيد الدولي الاقليمي، لم يعد أحد مهتما بالاستحقاق الرئاسي في ظل السعي الدؤوب لتجنب الحرب المفتوحة من قبل إسرائيل على لبنان، والجهود التي تنصب لانهاء الحرب على غزة لتهدئة الجبهة الجنوبية، فضلا عن إنشغال كثير من الدول في إستحقاقاتها من الانتخابات الرئاسية الأميركية الى إنتظار نتائج الاستحقاق الرئاسي الايراني الى الانتخابات التشريعية الفرنسية التي تؤشر الى تراجع شعبية الرئيس إيمانويل ماكرون، الى مواجهة اليوم التالي في غزة وفي إسرائيل المنقسمة على نفسها والتي تريد الانقضاض على نتنياهو المحاصر بين أهالي الأسرى وضغط المعارضة وتمرد ألوية الجيش.

على الصعيد الداخلي، فإن الكل خائف من الكل، في حال الذهاب الى الجلسات المفتوحة، فالفريق الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية يخشى تدخل الدول ودفع الأموال لانتخاب رئيس يشكل تحديا كبيرا له، والمعارضة تخشى توافقات ربع الساعة الأخير لتهريب إنتخاب فرنجية ووضعها أمام الأمر الواقع.

إلا أن هذه الجلسات ليست عصية على الانعقاد في حال تخلت القوات اللبنانية عن الشكليات وقبلت المشاركة بالحوار برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تحدث الى زواره، مؤكدا أنه “ما يزال على ثوابته التي أبلغها الى الخماسية ولأصحاب المبادرات، وهي أنه بمجرد قبول القوات بالمشاركة في الحوار فإن طاولته ستُعقد ومن ثم تعقد جلسات متتالية بدورات عدة وعلى مدار أيام الاسبوع وليكن هناك مرشح أو إثنان أو أكثر وصحتين على قلب اللي بيربح”.

وأشار بري أمام زواره الى أنه “من حقه ومن صلاحياته أن يترأس جلسات الحوار، خصوصا أن القوات وغيرها يشاركون في الجلسات التي تعقد برئاسته ويمارسون دورهم في مجلس النواب الذي يرأسه، وبالتالي فإن جلسة الحوار لا تختلف عنها بشيء”.

ويؤكد بري أنه “لا يمكن أن يقبل بحوار بغياب مكون مسيحي أساسي، واذا أعلنت القوات مشاركتها فإن المجلس النيابي سيكون مفتوحا أمام الجلسات الانتخابية”.

في غضون ذلك، يبدو واضحا أن التعطيل بات له عنوان واضح، هو القوات اللبنانية التي ما تزال تراهن على متغيرات إقليمية ودولية تصب في مصلحة محور اليمين المسيحي المتشدد، بما يمكنها من إيصال رئيسها سمير جعجع الى سدة الرئاسة أو من يسميه، فضلا عن عودة الحديث الذي تم التداول به سابقا، بأن اليمين المسيحي يرى أن “تفكيك لبنان وانهياره أقل كلفة من إعادة ترميمه ووصول رئيس من محور الممانعة”.

ويبدو أيضا أن الخماسية تنتظر ما ستؤول اليه الأوضاع في المنطقة لتبني على الشيء مقتضاه، خصوصا أن الدول التي تمثلها وخصوصا أميركا والسعودية قادرة على ممارسة الضغط على القوات للمشاركة في الحوار وفي جلسات الانتخاب، لكن يبدو أن الجميع في الداخل والخارج بات يركن الى إنتظار ما سينتج من الحرب على غزة ومن جبهة المساندة اللبنانية.

إذا، لا رئيس للجمهورية في الأفق اللبناني، بل عطلة صيفية تخرقها خلافات وإنقسامات ومواجهات بطولية للمقاومة في الجنوب، بانتظار تسوية تُلزّم لبنان الى جهة معينة تشرف على هذا الاستحقاق وتتحكم بنتائجه!..

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply