عزة الحاج حسن – المدن
بخلاف تطور أسعار النفط العالمية تتّجه أسعار المحروقات في لبنان إلى الارتفاع، مسجّلة زيادات تقارب 3000 ليرة للبنزين والمازوت، منذ أقل من شهر ونصف الشهر. وعلى الرغم من عدم البت بملف رفع أو خفض الدعم عن المحروقات حتى اللحظة، من المتوقع أن تستمر أسعار صفيحتي البنزين والمازوت بالارتفاع، أقله حتى منتصف شهر كانون الثاني المقبل (2021).
فما الذي يدفع أسعار المحروقات إلى الارتفاع؟ وإلى متى ستستمر باتجاهها الصعودي؟
بلغت الزيادات على صفيحة البنزين منذ قرابة 45 يوماً 2800 ليرة، مرتفعة من 24 ألف ليرة إلى 26800 ليرة. وعلى صفيحة المازوت، بلغت الزيادات نحو 3500 ليرة في المدة عينها، مرتفعة من 14600 ليرة إلى 18100 ليرة. وتتوقع مصادر “المدن” استمرار وتيرة الزيادات الأسبوعية على المحروقات، يوم الأربعاء المقبل وما يليه، بما يتراوح بين 700 و800 ليرة. والسبب “التمهيد لرفع الدعم”.
اتفاق ضمني
بعد سلسلة لقاءات ونقاشات، لم يتوصل المعنيون بملف الدعم والمحروقات إلى صيغة نهائية لخفضه، والتخفيف من استنزاف احتياطات مصرف لبنان من العملة الأجنبية. أضف إلى أن رئاسة حكومة تصرف الأعمال ترفض، وفق المصادر، خفض الدعم قبل تشكيل حكومة جديدة، في محاولة لتحييد نفسها عن ما يُمكن أن ينتج من رد فعل شعبي على مسألة خفض الدعم على المنتجات الأساسية الحيوية، وارتفاع الأسعار. خصوصاً أن رفع سعر البنزين من شأنه أن ينعكس ارتفاعاً بأسعار المنتجات الغذائية والاستهلاكية كافة، من دون استثناء.
وبهدف التخفيف من حدة ردود الفعل الشعبية على خفض الدعم على المحروقات بشكل أساسي، جرى اتفاق ضمني، وفق ما يكشف المصدر، بين رئاسة الحكومة ووزارة الطاقة والمياه يقضي بفرض زيادات تدريجية على أسعار المحروقات، لاسيما البنزين، على نحو تسجّل صفيحة البنزين ارتفاعاً ملحوظاً، يقارب السعر المستهدف فيما لو تم خفض الدعم مع بداية العام المقبل 2021.
بمعنى أن وزارة الطاقة تعمد إلى رفع سعري البنزين والمازوت تدريجياً، تمهيداً لخفض الدعم قريباً “كي لا يُحدث ذلك خضة على المستوى الشعبي”، يؤكد المصدر في حديثه إلى “المدن”.
أما الديزل أويل، على سبيل المثال، فكان أقل من 15 ألف ليرة، قبل أن يرتفع من دون مبرّر إلى 18 ألف ليرة. ومن المتوقع أن يرتفع الأسبوع المقبل نحو 800 ليرة. وبذلك يصبح إجراء رفع الأسعار بعد خفض الدعم أقل وطأة مما يمكن أن يُحدثه فيما لو ارتفعت الأسعار بشكل مفاجىء. ما يعني أن الوزارة والحكومة عموماً تحاول الإلتفاف على المواطن، وخداعه تجنباً لردود فعل احتجاجية.
الارتفاع حتمي
ورغم أن قرار خفض الدعم على المحروقات بات محسوماً، غير أن تحديد النسبة الدقيقة للدعم في المرحلة المقبلة لا تزال غير مُتفق عليها. لكن المؤكد أن الخفض من 85 في المئة سيتم إلى 60 في المئة أو 50 في المئة أو أكثر. بمعنى أن الدعم حالياً يطال 85 في المئة من المحروقات من بينها البنزين، والـ15 في المئة يتم تأمين دولاراتها من السوق السوداء. وفي حال خفض الدعم إلى 60 أو 50 في المئة فذلك سيؤدي إلى رفع سعر صفيحة البنزين بما يقارب 25 ألف ليرة أو أكثر. إذ أن كل خفض بنسبة 10 في المئة من الدعم ممكن أن يرفع سعر الصفيحة 10 آلاف ليرة.
أما الكارثة الكبرى فتحل حين يرتفع سعر برميل النفط عالمياً. وهو أمر مرجّح. حينها سترتفع صفيحة البنزين بشكل كبير جداً. أضف إلى احتمال ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء في لبنان. وهو عامل إضافي سينعكس على أسعار المحروقات، خصوصاً أن خفض الدعم سيحتّم على الشركات المستوردة تأمين 40 في المئة أو 50 في المئة أو أكثر من ثمن المحروقات المستوردة من السوق السوداء للدولار.
إن حَسم توجه السلطات الرسمية باتجاه قرار خفض الدعم على المحروقات، مع بداية العام المقبل، دفع بكثير من محطات المحروقات إلى احتكار وتخزين البنزين والمازوت. ووفق المصدر فإن الإحتكار والتخزين لا يقتصر على محطات المحروقات. بل أيضاً على الشركات والتجار الذين يترقبون رفع الأسعار، وتحقيق أرباح إضافية من بيع الكميات المخزنة من المحروقات.
في ظل عدم إقرار خفض الدعم حتى اللحظة، ونظراً لرفع أسعار المحروقات بشكل أسبوعي، لا بد من طرح تساؤل حول مصلحة وزارة الطاقة في تحقيق أرباح طائلة لصالح كارتيل الشركات المستوردة للنفط، جراء زيادة أسعار المحروقات محلياً، مقابل عدم ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً.