الإثنين, نوفمبر 25
Banner

التوافق المستحيل والأكثرية الضائعة!

مبادرة نواب المعارضة التي سيتم تسليمها لسفراء الخماسية اليوم، تُعتبر خاتمة المطاف في المبادرات النيابية المتعددة، والتي لم تفلح في تحقيق الإختراق المنشود في جدار الأزمة الرئاسية، وإيجاد الصيغة المناسبة لكسر الجمود الحالي، وتقريب المواقف المتباعدة بين مختلف الأطراف السياسية. ويبدو أن مصير المبادرة الجديدة لن يختلف عن سابقاتها، في ظل المعاندة الراهنة التي تتحكم بتموضع معظم الأفرقاء، حيث يرفض كل واحد منهم التنازل قيد أنملة عن مواقفه، معتبراً كل واحد منهم أنه على حق، وغيره على خطأ!

ولكن الإشكالية الأساسية التي «تكربج» الإستحقاق الرئاسي تكمن بإستمرار الرهان على حصول «التوافق المستحيل»، على آلية إنجاز الإنتخابات الرئاسية، في ظل الإنقسام العامودي بين من يرى الحوار ممراً لا بد منه للوصول إلى الجلسات الإنتخابية المتتالية، ويقود هذا الفريق الثنائي الشيعي. وبين فريق المعارضة الذي يتقدمه حزب القوات، ويتوجس من الحوار والتشاور المسبق، قبل الجلسات الإنتخابية،حتى لا يصبح عرفاً يجري فرضه عشية كل إستحقاق رئاسي.

ورغم أن حجم الكتلة النيابية المؤيدة للتشاور تحت قبة البرلمان تكبر يوماً بعد يوم، خاصة بعد إنضمام كتلة التيار الوطني الحر ورئيسها إلى خيار التشاور مؤخراً، إلا أن الرئيس نبيه برّي مازال متمسكاً بمبدأ التوافق، أو الإجماع، للدخول إلى قاعة التشاور بين النواب، قبل الولوج إلى جلسات الإنتخاب المتتالية، إلى حين صعود الدخان الأبيض وفوز المرشح الذي يحصل على أكثرية الأصوات.

لكن ماذا لو طال إنتظار تحقيق التوافق المطلوب، بعدما إتخذ الإنقسام النيابي طابع التحدي بمنازلة عض الأصابع، والرهان على من يصرخ أولاً؟

الواضح أن البلد وشعبه المنكوب هم من يتحمّل مضاعفات هذا الشلل السياسي، والمغالاة في الذهاب بعيداً في الخلافات الحزبية، وإمتداداتها الشخصية، وإرداداتها المدمرة على دور الدولة، وفعالية الإدارات والمرافق العامة في تأمين الضرورات الحياتية للناس من كهرباء ومياه، وشبكة إتصالات سليمة، فضلًا عن متطلبات الأمن والإستقرار.

مع العلم أن الدستور المنبثق عن إتفاق الطائف ينص صراحة على إعتماد التوافق في القرارات الوطنية وفي جلسات مجلس الوزراء، وفي حال تعذر حصول التوافق، يتم التصويت وتُتخذ القرارات بالأكثرية.

وفي حال توفرت أكثرية الثلثين(٨٦ نائباً)، لجلسات التشاور، تكون الميثاقية حاضرة، بشكل تلقائي، الأمر الذي من شأنه أن يبرر الذهاب إلى التشاور بمن حضر، دون أن يعني ذلك عزل الطرف، أو الأطراف التي تُصر على مقاطعة التشاور، وتبقى في مواقع المعارضة.

ولكن يبدو أن هذه الأكثرية مازالت ضائعة في متاهات التشرذم النيابي الحالي،والوقت المهدور في إنتظار التوافق المستحيل!

صلاح سلام – اللواء

Leave A Reply