أصبحت مشروبات الطاقة مؤخراً، ظاهرة واسعة الانتشار في الأسواق العالمية عموما واللبنانية خصوصا، وتُسوق على أنها تُحسن الأداء البدني والذهني، وتتكون عادةً من كميات مرتفعة من الكافيين والسكر، بالإضافة إلى مكونات أخرى مثل “التورين”. ورغم كل الإغراءات التي تقدمها، إلا أن هناك مخاوف صحية جدية تستدعي الانتباه والتحذير.
اما من الناحية العلمية، فان الافراط في استهلاكها يرتبط بمجموعة مشكلات صحية مهلكة، مثل الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، لاشتمالها على معدلات عالية من المُنبهات. والأدهى من ذلك، أن السكر المضاف اليها بمقادير ضخمة يسهم في زيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني والسمنة.
ويمثل شيوع هذه المشروبات بين الشباب والمراهقين تحديا خاصا، حيث أن تأثيراتها الضارة قد تكون ملموسة وأكثر وضوحا في هذه الفئات الناشئة. لذلك يوصي أطباء القلب والشرايين الأشخاص الذين يعانون من ازمات صحية معينة، مثل اضطرابات القلب أو الحساسية على الكافيين، بعدم ابتلاعها نهائياً.
مصادر شبكات التواصل ركيكة!
وفي العصر الرقمي الحالي، أصبح تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في العادات الاستهلاكية كبيرا جدا، خاصةً بين الفتيان والراشدين. اذ ان تطبيق “تيك توك” على وجه الخصوص، يعتبر منصة رئيسية لترويج مختلف المنتجات الصحية وغير الصحية، بما في ذلك مشروبات الطاقة، حيث يُسوق لهذه الأنواع بشكل واسع عبر مقاطع “الفيديو” التي تعرض تأثيرات فورية مثل زيادة الطاقة والتركيز، مما يجعلها تبدو جذابة للغاية للمستخدمين اليافعين.
الا ان شبكات التواصل الاجتماعي غالبا ما تتجاهل الآثار الصحية السلبية المحتملة لمشروبات الطاقة، لان اللقطات المصورة التي تبث عبر “الانترنت” قد لا تتضمن معلومات دقيقة عن الاضرار الصحية المرتبطة بالاستهلاك المفرط للكافيين والسكر، مما يعرض الشباب لخطر سوء الفهم حول سلامة هذه المشروبات.
وتجدر الإشارة الى وجود أنواع جديدة تكتسح بشكل مخيف وعلى نطاق واسع الأسواق اللبنانية، ومعظمها مصنوع في الصين. وفي هذا المجال كشف عدد من المواطنين لـ “الديار” عن “ان هذه الأصناف الحديثة تحتوي على قطع من الجيلاتين بدلا من الفواكه، وهذا يتناقض مع المعلومات المكتوبة على العبوة من الخارج وطعمها مقزز جدا”.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل تقوم وزارة الصحة بفحص هذه المشروبات قبل طرحها في الاسواق؟
الجسم لا يحتاج الى طاقة سامة!
انطلاقا من كل ما تقدم، أكد طبيب متخصص بأمراض القلب والشرايين في مستشفى رزق لـ “الديار” ان “مشروبات الطاقة تتسبب بوفاة أكثر من 70 ألف شخص سنويا، لذلك انصح الجميع لا سيما الرياضيين بعدم شربها بتاتا، سواء قبل الجهد او بعده او قبل التمرين او بعده، لأنها ثرية بمحفزات عالية جدا مثل “التورين”، والجسم لا يحتاج الى هذه النسب الضخمة من الكافيين والسكر”. وأشار الى انها “تسرع معدل ضربات القلب، وفي حال كان الشخص يعاني من زيادة كهرباء في القلب، قد يتعرض لازمة قلبية ويموت، لذلك أشدد على ان تركها كليا يبقى أفضل من تناولها ولو مرة أسبوعيا”.
وختم “تتألف مشروبات الطاقة من مكونات مضرة بصحة الانسان وسلامة العقل، وهي غير مفيدة لا على المدى القريب ولا البعيد”.
المراهقون بخطر!
من جانبها، اوضحت اختصاصية التغذية كريستال باشي لـ “الديار” ان “مشروبات الطاقة تتضمن عدة نقاط هامة تتعلق بالتغذية والصحة العامة، وتشتمل على الاضرار الآتية:
1- الكافيين: يجعل الشخص متنبها، إلا أن قدراته على العمل تبقى غير كافية، لذلك قد تكون قوته على التركيز والاستجابة ضعيفة، مما قد يعرضه لخطر الحوادث القاتلة، ناهيكم بالعواض الصحية الخطرة والموت المفاجئ. وفي هذا السياق، بيّنت الدراسات العلمية “ان الشباب الذين يستهلكون مشروبات الطاقة وتتراوح أعمارهم بين الـ 17 و19 عاما، يعانون من تضخم وتسارع في ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، والأرق واضطرابات النوم، وبشكل خاص عند تناولها في وقت متأخر من اليوم”.
سم فتاك!
وتشير الدراسات العلمية الى ان هذه المشروبات تؤثر في الجهاز العصبي وتزيد من التوتر والقلق مساء، وبالتالي تقلل من جودة النوم، وتؤدي الى الإصابة بتشنج المعدة وعسر الهضم واضطراب الجهاز الهضمي.
وقد أظهرت دراسة أجريت على شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و16 عاما “ان تناول مشروب غني بالكافيين قد ضاعف من نسبة العنف لديهم. ونحن نعلم ان الكافيين مدر للبول ويخلّص الجسم من السوائل، وهذا يشكل خطرا على الرياضيين الذين يمارسون التمارين الرياضية في جو حار، مما قد يعرضهم الى الجفاف والهلوسة”. وحذرت الدراسة بشدة “الأطفال والمراهقين من استهلاك هذه المشروبات، حيث يمكن أن تؤثر في نموهم وتطورهم.
وكشفت دراسة أجريت في السويد واميركا على هذه الفئة العمرية تحديدا (بين 15 و16 عاما) عن “ان مشروبات الطاقة تؤدي الى تذويب الاسنان ، نظرا لامتلاكها مستويات عالية من الحموضة والسكر”.
– تحتوي على كميات عالية من السكر المضاف، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة، وخطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، مع العلم ان السكر الزائد يمكن أن يؤثر أيضا في صحة الأسنان.
– توفر مشروبات الطاقة سعرات حرارية بدون فوائد غذائية تذكر، مما يمكن أن يسهم في سوء التغذية إذا استُبدلت بوجبات غذائية متوازنة.
وختمت الدراسة ” ان نمط الحياة السريع والمُجهد يتطلب من البعض البحث عن حلول سريعة لزيادة الطاقة والتركيز، لذلك تُسوق مشروبات الطاقة كحلول فورية لتعزيز اليقظة والأداء البدني والذهني، اثناء القيام بالتمارين الرياضية او عند بذل أي مجهود شاق خلال دوام العمل. وبالرغم من ذلك يمكن اكتساب الطاقة عن طريق تناول وجبات غذائية متوازنة تتضمن الفواكه والخضروات والبروتينات والحبوب الكاملة. كما يساعد شرب الماء بانتظام والحصول على نوم كافٍ أيضا في الحفاظ على مستويات طاقة صحية، لذلك نوصي بالاعتماد على مصادر طبيعية وغذائية لتحصين وحماية الصحة العامة والعافية”.
ندى عبد الرزاق – الديار