الأحد, نوفمبر 10
Banner

“حرب” جمعية المصارف: الصغار يواجهون تواطؤ الكبار

لم تشهد جمعية المصارف مواجهة منذ أكثر من 60 عاماً كتلك التي تشهدها اليوم. إذ لطالما كانت الجمعية كياناً جامعاً لكافة المصارف، والحامي لمصالحها بوجه أي تدخل من خارجها. أما اليوم، فالخلافات دخلت جمعية المصارف من بابها العريض، وأحدثت شرخاً كبيراً بين فريقين تفصل المصالح بينهما. وليست الخلافات لأي سبب خارجي، إنما لتضارب المصالح بين كبار المصارف وصغارها.

مواجهة بين الكبار والصغار

تلتئم في هذه الأثناء الجمعية العمومية غير العادية لجمعية المصارف في مبنى بنك الاعتماد اللبناني في العدلية، وعلى جدول أعمالها بند وحيد وضعه رئيس الجمعية سليم صفير، ويتمسّك به بشكل “غير قابل للنقاش”، وهو تعديل المادة 13 من النظام الداخلي، والتمديد للمجلس الحالي وعلى رأسه صفير.

وحسب النظام الداخلي للجمعية، لا يمكن للرئيس الحالي سليم صفير أن يستمر على رأس الجمعية من دون تعديل جديد. فقد تولى دورتين متتاليتين من 2019 إلى 2021، ثم إلى 2023، ثم جرى تعديل المادة 13 عام 2023 لمرة واحدة استثنائياً، وتم التمديد له لعام واحد بسبب الظروف القائمة. وانتهت مدة التمديد له في هذا الشهر. وعليه، لم يعد بالإمكان التمديد ما لم يتم إقرار تعديل جديد للمادة 13.

تعديل النظام الداخلي يستلزم تصويت غالبية الأعضاء، أي 75 في المئة منهم، باعتبار الجمعية العمومية غير عادية. ما يعني أن التعديل والتمديد لمجلس الإدارة الجديد يستلزم توافقاً للغالبية على شخص سليم صفير، واستمراره في منصبه كرئيس للجمعية. وهو ما لا يتوفّر اليوم.

فهناك مجموعة كبيرة من المصارف الصغيرة والمتوسطة، ترفض التمديد للمجلس الحالي. ولذا، تلوّح بتعطيل الجمعية العمومية، واضعة شروطها على الطاولة. ويبدو لافتاً رفض صفير كلّياً التفاوض معها أو طرح شروطها للنقاش، ما يعكس إنكاراً لوجود تلك المصارف على الرغم من أن عددها يتجاوز 15 مصرفاً. ما يفرض على الجمعية التجاوب معها ومراعاة مصلحتها بالحد الأدنى.

ويقول أحد المصرفيين إن المصارف الـ15 وهي الصغيرة والمتوسطة، غير ممثلة في مجلس ادارة الجمعية. وهي تطالب اليوم بتمثيلها في مجلس الإدارة بعضوين. وبدلاً من إجراء انتخابات كاملة، فليتم إضافة عضوين إلى المجلس وتوسعة تمثيله من 12 إلى 14 عضواً.

ويلفت إلى أنه في حال التوجه إلى تعديل النظام الداخلي، فليأخذوا بالاعتبار أن 15 مصرفاً، ونسبتهم 30 في المئة من مجمل الجمعية، لا يرون أنفسهم ممثلين في مجلس الإدارة، الذي عمد في السنوات القليلة الماضية إلى مراعاة مصالح كبار المصارف دون صغارها.

تضارب مصالح

يقرّ مصرفي آخر بحصول تضارب مصالح في هذا الوضع الاستثنائي، بين المصارف الصغيرة والكبيرة. ويقول إن المصارف الصغيرة غير ممثلة في كافة المفاوضات والبحث عن حلول للقطاع المصرفي، “لا بل هناك محاولات لوضع خطط لإعادة الهيكلة على حساب صغرى المصارف” يقول المصدر. فالمصارف الصغيرة ترى أن العمل يجري على استبعادها من السوق لصالح كبار المصارف. وهناك مساعٍ واضحة لوضع حلول تتناسب مع ميزانيات كبرى المصارف وليس مع صغارها ومتوسطيها. علماً أن المصارف الكبيرة كان لديها سابقاً القوة الأكبر، لكن اليوم الوضع اختلف. فالمصرف الكبير لديه مشاكل أكبر وديون أكثر والتزامات أكبر، ويستلزم رساميل ضخمة لإعادة رسملته، بخلاف المصرف الصغير أو المتوسط.

باختصار، وضع المصارف الكبيرة اليوم أصعب من وضع الصغيرة والمتوسطة. وفي ظل كل هذه الأجواء لا تعمل المصارف الكبيرة على الدفاع عن مصالح الصغيرة والمتوسطة منها. وهذه الأخيرة غير ممثلة بمجلس الإدارة. ويختصر المصرفي المطالب بـ”التمثيل بمجلس الإدارة”.

أما العوائق فترتبط فقط بشخص سليم صفير، الذي يرفض تمثيل المصارف الصغيرة والمتوسطة. ولا يبرر أسباب رفضه، “فهو يريد التمديد من دون أي نقاش أو تبرير”، يقول المصدر، ويضيف: “صفير يقف عرقلة بوجه أي طروحات”.

التهويل بانهيار الجمعية

ويضع عدد من المصرفيين محاولات التخويف من الذهاب إلى انتخابات فعلية لجمعية المصارف، في خانة التهويل و”تهبيط الحيطان”. فالبعض يقول إنه في حال لم يتوفر النصاب، فالجمعية ستنهار. وهذا أمر غير صحيح. وهذا تهويل لا معنى له “ففي حال لم يتوفر النصاب سيتم الدعوة إلى جمعية عمومية غير عادية ثانية، ويتقبلون التعديل وزيادة عضوين من المصارف الصغيرة. أما في حال لم يتوفر نصابها، فأيضاً يتم الدعوة إلى جمعية عمومية عادية ويتم انتخاب مجلس إدارة جديد وإزاحة سليم صفير. وفي الحالتين، هناك حلول. أما “تهبيط الحيطان”، فيدلّ على فشلهم بالتوصل إلى حلول وإصرارهم على مواجهة المصارف الصغيرة والمتوسطة”، على ما يرى المصرفي.

باختصار، الفراغ ليس خياراً في جمعية المصارف. ويعلّق أحد المصرفيين الممثلين لمصرف صغير، بأن هناك قلة من المصارف الكبيرة لم تأخذ موقفاً حاسماً وتقول إنها مع التوافق. لكن لا ثقة بموقفها، لأنها بالنهاية ستأخذ القرار الذي يصب في صالحها، أي استبعاد المصارف الصغيرة.

ويكفي العودة إلى العام 2019 ليتّضح أن المصارف الصغيرة والمتوسطة قد تعرّضت للخداع من قبل سليم صفير، لأن الأخير نال أصواتها آنذاك، ليكون صوتهم في مجلس الإدارة. لكنه خيب أملهم وخدعهم بالعمل على حسابه، وسعيه للدفاع عن مصلحة بنك بيروت بالدرجة الأولى دون سواه من المصارف.

مع الإشارة إلى أن عملية تمثيل المصارف الصغيرة والمتوسطة كانت مشكلة “مخفية” منذ سنوات طويلة. وكان القرار النهائي لمجموعة المصارف الكبيرة، وعددها لا يتجاوز 10 مصارف. وكانت المصارف الصغيرة والمتوسطة ممثلة في مجلس الإدارة عبر مصرفين، فينيسيا بنك والبنك اللبناني السويسري. لكن المصارف الـ15 لم تعد تثق بهذا التمثيل لوجود شبهات تواطؤ مع كبار المصارف وتجاهل لمصلحة الغالبية خارج مجلس الإدارة.

عزة الحاج حسن – المدن

Leave A Reply