على طريقة «عنزة ولو طارت»، يستمر هذا الصراع المرير بين طرفي الممانعة والمعارضة، حول إحتمالات التشاور أو الحوار، والإنتخابات الرئاسية، دون أن يستطيع أي طرف أن يُقنع الآخر بوجهة نظره، ودون أن يتمكن أي فريق بفرض خياراته على الآخر، الأمر الذي أبقى الإستحقاق الرئاسي يدور في حلقات فارغة من المراوحة، رغم كل المحاولات التي بُذلت، والتي يمكن أن تُبذل لاحقاً.
مبادرة نواب المعارضة التي إنطوت على شيء من الليونة في تدوير زوايا الموقف الرافض أساساً للتشاور أو الحوار تحت قبة البرلمان، قوبلت ببرودة من الطرف الآخر، قبل أن يجهر نواب الممانعة بالرفض الكامل لمضمون المبادرة، وإعتبارها مجرد مناورة في الوقت الضائع، لنفي تهمة التعطيل عن فريق المعارضة.
أما فريق الممانعة وحلفائه في السلطة، فيبدون وكأنهم ليسوا على عجلة من أمرهم، وتقديم التنازلات اللازمة، والتخلي عن مرشحهم، الوزير السابق سليمان فرنجية، طالما أن السلطة بين إيديهم، ويتخذون القرارات التي تناسب حساباتهم السياسية والفئوية، فيما أطراف المعارضة تبقى عاجزة عن المحاسبة، وغير قادرة على المساءلة، لأنها أصبحت أسيرة موقفها المقاطع لجلسات مجلس النواب، تحت شعار رفض التشريع قبل إنتخاب رئيس الجمهورية العتيد.
ولكن المؤسف فعلاً، أن مواقف الطرفين المعطل للإنتخابات الرئاسية، قد أدى، بشكل أو بآخر، إلى تعطيل فعالية اللقاءات التي عقدها سفراء الخماسية مع مختلف الأطراف السياسية، لصياغة قواسم مشتركة، تفتح الطريق أمام الإنتخابات الرئاسية، الأمر الذي يهدد بإعادة مساعي الخماسية إلى نقطة الصفر.
وبين فشل التوصل إلى التوافق المستحيل في الداخل، وتريث الخماسية في إعادة تشغيل محركاتها، عاد الملف الرئاسي إلى رف الإنتظار مرة أخرى، ريثما تضع الحرب أوزارها في غزة، وتهدأ جبهة الجنوب، ويظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود في بوادر «التسوية الكبرى» في المنطقة، ومآلاتها على دول الإقليم، وفي مقدمتهم لبنان، البلد المتهاوي على إيقاع الدولة الفاشلة!
صلاح سلام – اللواء