كتبت صحيفة “البناء”: منتصف الليل كانت جبهة جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة تشتعل بعشرات الصواريخ التي تطلقها المقاومة على مستوطنات ومواقع الاحتلال في شمال فلسطين، رداً على عمليات الاغتيال التي استهدفت كوادر المقاومة، في ظل التمادي في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين، ما استدعى تفعيل المعادلة التي رسمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب عاشوراء أول أمس، لجهة إضافة مستوطنات جديدة تستهدف للمرة الأولى إلى بنك أهداف المقاومة، كل مرة يُستهدف فيها المدنيون.
كان السيد نصرالله في خطاب عاشوراء قد رسم معادلات جديدة للحرب، كاشفاً عن التزام المقاومة بمسؤوليتها في جبهة الإسناد حتى تفرض المقاومة في غزة شروطها لوقف الحرب وتخرج منتصرة. والمقاومة في هذا السياق غير معنية بالمراحل التي يطلقها الاحتلال على حربه، فلا مرحلة ثالثة ولا رابعة تهمّ المقاومة، وهي تبني على إعلان المقاومة التوصل الى اتفاق يرضيها، قرار وقف النار على جبهة لبنان، كما سائر جبهات الإسناد.
تحدّث السيد نصرالله عن ما بعد وقف النار فأعلن التزام المقاومة بإعادة بناء ما تهدم، كما حدث في حرب تموز عام 2006، ونفى كل الشائعات التي تتحدّث عن مفاوضات جرت مع المقاومة حول ترتيبات ما بعد وقف النار، مؤكداً أن الجهة الوحيدة المخوّلة بالتفاوض هي الدولة اللبنانيّة، وأن لا وجود لأي اتفاق جاهز لترتيبات منّا بعد وقف النار. وهذه الترتيبات تخضع في قوتها لظروف الجبهة التي يفرضها الميدان خلال المواجهات.
وكان السيد نصرالله قد تعرّض في كلمته لإنجازات جبهات المقاومة في غزة وسائر جبهات الإسناد، خصوصاً لجهة خسائر كيان الاحتلال وجيشه على مستوى ما خسره من أفراد خرجوا من الخدمة إلى غير رجعة يقاربون الـ 10 آلاف وفقاً للجهات الرسمية في كيان الاحتلال، بين معاق ومشلول وأعمى والمبتورة أطرافهم، فيما بلغت خسائر الآليات نسبة تجعل الحرب بظروفها الراهنة فوق طاقة الجيش، فكيف بتوسيع الحرب، مضيفاً إلى هذه الخسائر الجانبين الاقتصادي والسياسي، وحال التآكل والعزلة التي يعيشها الكيان، ونزيف الرساميل والهجرة المعاكسة، ليصل إلى تأكيد أن أي حرب مع لبنان فوق طاقة الكيان وجيشه، قائلاً لقادة الكيان والجيش، إذا كنتم تشكون اليوم من نقص الدبابات فإن فكّرتم بحرب على لبنان لن تشكوا من النقص في الدبابات، بل أعدكم أنه لن تبقى لديكم دبابات.
ورأى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أن الكيان الصهيوني يعيش أسوأ أيامه منذ تأسيسه، ولأول مرة يتحدّث الصهاينة عن خراب «الهيكل الثالث» بعد خراب «الهيكلين» السابقين عبر التاريخ.
وفي الكلمة التي ألقاها في ختام المسيرة المركزية التي نظمها حزب الله في ختام المجلس العاشورائي في الضاحية الجنوبية لبيروت، شدد السيد نصر الله على أن الكيان الصهيوني وللمرة الأولى يجد نفسه عاجزًا عن تحقيق أهدافه ويعاني في جيشه وأجهزته الأمنية وحكومته وأحزابه وهجرته المعاكسة وثقته بنفسه وثقة شعبه بالبقاء فيه ونظرة العالم كله له، معتبرًا أن كلّ ذلك هو حصيلة المقاومة والقتال والصمود.
ولفت إلى أن القوات المسلحة اليمنية استطاعت أن تفرض الحصار على ميناء «إيلات» بحيث تمّ الاعتراف بأنّه أفلس وارتفعت أسعار الشحن إلى نسبة 200% و300% وهذا له انعكاسات خطيرة على الكيان الصهيوني.
وأشار إلى أن كلّ محاولات الكيان الصهيوني لإخفاء خسائره البشرية والمادية سواء في قطاع غزّة أو الضفّة أو جنوب لبنان بدأت تظهر.. 9254 فردًا بين ضابط وجنديّ بينهم 3 آلاف بُترت أطرافهم و650 حالات شلل و185 أصيبوا بالعمى الكامل وعدة آلاف صدمات نفسيّة حادّة.
وأكد السيد نصر الله أن جبهة المقاومة الإسلاميّة في لبنان لن تتوقف ما دام العدوان الصهيوني مستمرًا على غزّة وأهلها ومقاومتها بأشكاله المختلفة.
واعتبر أن الولايات المتحدة الأميركية تتحمّل المسؤولية الكاملة عن المجازر التي يرتكبها العدوّ الصهيونيّ بسبب تزويده بالأسلحة الأميركية.
وكشف السيد نصر الله أننا «سنشيّد قرانا الأمامية كما كانت وأجمل مما كانت»، معتبرًا أن هذه البلدات والقرى «هي رمز لصمودنا ومقاومتنا»، مكرّرًا توجيه التحيّة للبيئة الصامدة الواعية التي تستند إليها المقاومة.
وقال: «كلّ ما يُشاع عن اتفاق جاهز حول الوضع على الجبهة اللبنانية غير صحيح ومستقبل الأوضاع في الجنوب سيتقرّر على ضوء نتائج المعركة التي ستنتصر فيها المقاومة وجبهات الإسناد». مشيرًا إلى أنه في حال توقف إطلاق النار فإن الجهة المعنية بالتفاوض وإعطاء الأجوبة هي الدولة اللبنانية.
وحذّر السيد نصر الله العدوّ الصهيوني من أن التمادي في استهداف المدنيين في لبنان سيدفع المقاومة إلى إطلاق الصواريخ واستهداف مستعمرات جديدة لم يتم استهدافها في السابق.
ولم يمض أكثر من ٢٤ ساعة على الخطاب حتى ترجمت المقاومة تهديدات السيد نصرالله بقصف طبريا وذلك ردًا على الاعتداءات والاغتيالات التي نفّذها العدو «الإسرائيلي» في بلدتي غزة (البقاع الغربي) وجبال البطم الجنوبية، حيث شَنَّت المقاومة هجومًا جويًا بِسرب من المسيّرات الانقضاضية على قاعدة «فيلون» جنوب شرق مدينة صفد المحتلة، مُستهدفة أماكن تموضع ضباطها وجنودها واستقرارهم، حيث أصابتها بِدقة وحققت فيها إصابات مؤكدة.
وللمرة الأولى منذ بداية معركة طوفان الأقصى، تستهدف المقاومة قاعدة «فيلون» جنوب مدينة صفد المحتلة. وتبعد هذه القاعدة عن الحدود اللبنانية الفلسطينية حوالي 15,5 كلم، وتضم مقرّ ألوية الفرقة 210 لدى جيش العدو حيث استهدف مجاهدو المقاومة أماكن تموضع ضباطها وجنودها واستقرارهم.
وتتبع القاعدة لقيادة المنطقة الشمالية في جيش العدو حيث تضمّ مخازن لوجيستية ومخازن ذخيرة.
كما استهدفت المقاومة التجهيزات التجسسية التي استحدثها العدو الصهيوني في موقع حدب يارين بالأسلحة المناسبة وأصابتها إصابة مباشرة.
وبصاروخ موجّه استهدف مجاهدو المقاومة التجهيزات التجسسية المنصوبة على المركز المستحدث لطواقم الجمع الحربي والاستطلاع في مستعمرة المطلة وموقعي بركة ريشا والراهب والمرج بصواريخ بركان محققين إصابات مباشرة.
كما استهدفت المقاومة موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانيّة المحتلة بالأسلحة الصاروخية، ودبابة ميركافا في موقع حدب يارين بصواريخ ضد الدروع وأصابتها بشكل مباشر، مما أدّى إلى تدميرها واشتعال النيران فيها.
كذلك شنّ مجاهدو المقاومة هجومًا جويًا بِسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر قيادة اللواء الغربي (300) المُستحدث جنوب مستعمرة يعرا، مُستهدفةً أماكن تموضع ضباطه وجنوده واستقرارهم وحققوا فيها إصابات مؤكدة.
وأشار خبراء عسكريون لـ «البناء» الى ان السيد نصرالله أرسى معادلة ردع جديدة مع «إسرائيل» وهي توسيع الحرب باتجاه استهداف المدنيين سيقابله توسيع مع جانب المقاومة لمستعمرات جديدة لم تقصف في السابق ما سيوسّع رقع النار في شمال فلسطين المحتلة وهجرة المزيد من المستوطنين، وبالتالي تعميق أزمة الحكومة الإسرائيلية التي تعد مستوطنيها باستعادة الأمن الى الشمال وإعادتهم الى مستوطناتهم.
ووفق معلومات «البناء» فإن وتيرة الاتصالات والجهود الدوليّة تكثفت لمحاولة تجنّب توسيع دائرة الحرب على الحدود الجنوبية في المدة الفاصلة عن التوصل الى هدنة في غزة. لكن مصادر دبلوماسية حذرت من حماقة ترتكبها حكومة نتنياهو بضرب أهداف جديدة في عمق الجنوب والبقاع لخلط الأوراق في المنطقة والضغط على الإدارة الأميركية وللخروج من المأزق الصعب الذي يواجهه نتنياهو.
إلا أن خبراء في الشؤون العسكرية يستبعدون احتمال الحرب الشاملة بين حزب الله و«إسرائيل» في ظل معادلات الردع التي تطبقها المقاومة عملياً في الميدان والوضع الصعب الذي يواجههه الجيش الإسرائيلي على كافة الصعد، خصوصاً التقارير التي تكشفها الصحف الأميركية والغربية والإسرائيلية عن حال الجيش الإسرائيلي. ويشير الخبراء لـ«البناء» الى ان الظروف الدولية والحسابات في الولايات المتحدة الأميركية ليست مؤاتية لشن عدوان شامل على لبنان.
وأشار رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان في بيان الى أن الإعلان الرسمي لنتائج انتخابات أعضاء مجلس الشعب السوري ونسبة المشاركة في هذه الانتخابات، حيث أتمّت الدولة السورية استحقاقاً ديمقراطياً في موعده الدستوري، رغم ظروف الحصار وجسامة التحديات، لتراكم من خلاله ما دأبت عليه، من احتكام لإرادة الشعب وموجبات الدستور، خصوصاً منذ العام 2011، في ذروة الحرب الإرهابية الكونية على سورية.
ولفت حردان الى ان هذا الاستحقاق يؤكد على أن سورية شديدة الحرص على ترسيخ الديموقراطية واحترام الدستور، وهذه ميزة لازمت استحقاقاتها الانتخابية كافة، الرئاسية منها والبرلمانية والبلدية والحزبية والعمالية والشبابية، وهي اليوم تأخذ بعداً أوضح وأشمل، يتواكب مع مرحلة نهوض سورية وتعافيها بعد سنوات عجاف من الإرهاب والاحتلال والجرائم المرتكبة بحق السوريين.
واعتبر أنّ إدارة هذا الاستحقاق منذ تحديد موعد الانتخابات إلى الدعوة إليها إلى الترشيحات وتشكيل اللوائح، دليل على قدرة مؤسسات الدولة وفاعليتها على إنجاز هذا الاستحقاق وغيره، بشفافيّة مطلقة وبأن مشاركة حزبنا في هذا الاستحقاق، وبالتالي فوز مرشحيه ضمن قوائم الوحدة الوطنية، هما نتاج الدور الذي يؤدّيه على الصعد كافة، لا سيّما لجهة انخراطه في العمل الجبهويّ البناء، تعاوناً وتعاضداً، مع كل الأحزاب والقوى وفي طليعتها حزب البعث العربي الاشتراكي، وذلك في سبيل مصلحة سورية والسوريين.
وقال: إذ نهنّئ رفقاءنا بالنتائج التي حققوها في هذه الانتخابات وأفضت إلى فوزهم، نرى أن هذا الفوز دليل على أن حزبنا حاضر في وجدان الناس. وهذا يضاعف عليهم الأعباء والمسؤوليات، ليكونوا على قدر ثقة السوريين بهم، وبأن يكون للكتلة القومية الاجتماعية في مجلس الشعب مساهمات بناءة إضافية، وأن تعمل مع مختلف الكتل ضمن الإطار الجبهويّ الجامع وصولاً الى غد سوريّ واعد، مرتكزه مسيرة التحديث والتطوير والنهوض والارتقاء والازدهار، وفقاً للثوابت الوطنية والقومية وصوناً للسيادة والكرامة.
في غضون ذلك عقد مجلس الوزراء جلسة في السراي الحكومي برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي. واعلن وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري بعد الجلسة أن «رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكد أنه لن يسمح بأن يتسلل الفراغ إلى المؤسسات وأنه يقدر تضحيات أهلنا في الجنوب».
وقرّر المجلس الموافقة على طلب وزير الدفاع الوطني الرامي الى الموافقة على مضمون كتاب قيادة الجيش رقم 19326 تاريخ 11/7/2024 بحيث يصبح العدد الإجمالي 200 تلميذ ضابط لصالح الجيش مع باقي القوى الأمنية، مع إكمال العدد عبر مباراة إضافية تُجرى بالسرعة الممكنة ويتم إلحاق الناجحين فيها والمحدّد عددهم بـ 82 تلميذ ضابط مع أولئك الذين نجحوا في المباراة السابقة ليصار بعد ذلك الى إلحاق جميع الناجحين وعددهم 200 في الكلية الحربية في آن واحد، قبل أواخر شهر تشرين الأول المقبل».
وكشف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أنه «أبلغ الوزراء أن وزير الخارجية عبدالله بوحبيب سيقوم بزيارة الى سورية بعد عودته من نيويورك».