الأحد, سبتمبر 8

خلل سيبراني يشلّ أنشطة العالم.. وعجز إسرائيلي عن تعطيل أنظمة المقاومة!

تحديثٌ بسيط أجرته شركة “كراودوس سترايك” على نظام الأمن السبراني لديها، كانت نتيجته شلل في أنحاء العالم كافة، فلا مطارات ولا قطارات ولا إتصالات ولا مصارف ولا تواصل ولا إتصال وفوضى عارمة.

الخلل السبراني أدى الى خسائر كبيرة للشركات لا سيما شركة “مايكروسوفت” التي فاقت خسارتها الستين مليار دولار، ما يؤكد أننا أمام عالم هشّ ضعيف لا يحتمل تحديث نظام، في حين أن مقاومة الفلسطينيين في غزة تؤكد صلابتها وقوتها وصمودها يوما بعد يوم، فلا حرب إبادة إسرائيلية تضعفها، ولا حصار يشل حركتها، ولا تطور تكنولوجي يعطل أنظمتها أو يعيق إنتاج أفلامها التي توثق جرائم العدو ومواجهاتها البطولية معه وتنشرها في كل أنحاء المعمورة لتفعل فعلها في الرأي العام العالمي.

في غمرة إنشغال العالم بالخلل السبراني، قلبت اليمن المعادلات بمسيّرة “يافا” التي إستهدفت مبنى سكنيا في تل أبيب وأوقعت خسائر بشرية ومادية، حيث أكدت الوقائع أن المسيّرة عبرت من اليمن الى فلسطين على مدار تسع ساعات ووصلت الى هدفها من دون أن تكتشفها أجهزة الرادار والرقابة، ليس بفعل الخلل التكنولوجي الذي أصاب العالم، بل فعل الفشل العسكري والاستخباراتي الصهيوني الذي بدأ في طوفان الأقصى وما زال مستمرا، في وقت وسّعت فيه المقاومة الاسلامية في لبنان من دائرة إستهدافاتها لتشمل مستعمرات إضافية وبإستخدام صواريخ جديدة، وذلك ردا على توسيع العدوان الاسرائيلي على لبنان.

في غضون ذلك، أزهر الصمود الفلسطيني قرارا تاريخيا من محكمة العدل الدولية في لاهاي، قضى بإلزام إسرائيل إنهاء إحتلالها لفلسطين ووقف كل أنشطة الاستيطان والانتهاكات في الأراضي الفلسطينية وتقديم التعويضات اللازمة لأبناء الأرض.

ولا شك في أن هذا القرار الاستثنائي الذي أربك إسرائيل الى حدود إصابة بعض مسؤوليها بالهذيان، وقبل ذلك توصية المجمع الكنسي بتكذيب روايات “أرض الميعاد”، والتأكيد على عدم أحقية إسرائيل بالتواجد على أرض فلسطين وتهجير أبنائها، كل ذلك يؤكد أن ثمة إنقلابا عالميا على إسرائيل بسبب ما إرتكبته من مجازر وحرب إبادة في غزة، وبفعل تمسك الفلسطينيين بخيار المقاومة منذ نحو سبعين عاما.

هذا الخيار جرى تتويجه بمعركة طوفان الأقصى، ومن ثم بالصمود الاسطوري للمقاومة التي تلقن أقوى جيش في الشرق الأوسط (بحسب المزاعم) دروسا يومية في التكتيك العسكري وفي مواجهات الميدان، وتلحق به الخسائر التي لم تعد قيادته قادرة على تحمل تبعاتها، ما دفعها الى الطلب من حكومة نتيناهو بضرورة إنهاء هذه الحرب العبثية التي لم يعد لها أي أفق، بعد الفشل الذريع في تحقيق أهدافها، وبعد الإدانات الكثيرة من مختلف دول العالم لإسرائيل على إرتكابها المجازر والدعوات الى محاسبتها ومعاقبتها، فضلا عن الرفض الشعبي الأميركي مساعدتها عسكريا لأن هذه المساعدات تستخدم في قتل الأطفال.

هذا الرفض، فرض نفسه على الادارة الأميركية التي لم تعد قادرة على تغطية المجازر الاسرائيلية في ظل الحراك الشعبي الذي كان له تأثيره على مستوى العالم وليس فقط على مستوى الولايات المتحدة، لذلك فإنها بدأت تقدم أوراقا للحل ووقف إطلاق النار وتنادي بالدولتين، إقتناعا منها ولو بعد حين، بأن الحرب لا يمكن أن تضع أوزارها إلا بإيجاد دولة فلسطينية وإعادة الحق الى أصحابه، وأن هذا الكيان لا يمكن أن يستمر في ظل الوحشية التي يتعاطى بها، خصوصا أن ما إرتكبه في غزة قطع الطريق على مسار التطبيع معه، وأضر بعلاقاته مع كل دول العالم.

لذلك، فإن ما صدر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي، قد يكون أول الغيث، وكمقدمة لكثير من القرارات التي ستصدر تباعا لإدانة إسرائيل التي باتت أسيرة صمود وقوة المقاومة وجبهات المساندة، ما المسيّرة “يافا” من اليمن والصواريخ المتطورة من جنوب لبنان سوى نموذجا عما يمكن أن تكون عليه الجبهات في الأيام المقبلة من إستهدافات بمسيرات وصواريخ قد تحمل كل أسماء المدن والبلدات الفلسطينية.

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply