رعى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ممثلاً بالكاتب والإعلامي روني الفا الندوة الفكرية بعنوان “سليم حيدر الدولة والنظام ” في المكتبة الوطنية – الصنائع بدعوة من وزارة الثقافة وبحضور النواب حسن مراد، غازي زعيتر، ميشال موسى، نائب سفير الجمهورية الإسلامية الايرانية توفيق صمدي وحشد من الفاعليات السياسية والقضائية والديبلوماسية والروحية والأدبية والاجتماعية.
وكانت كلمات لكل من الوزير المرتضى، مفتي بعلبك-الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، الدكتور انطوان مسرة، الدكتور حسن حمادة، النائب السابق ناصر قنديل وحيان سليم حيدر .
ادار الندوة الكاتب والإعلامي روني الفا الذي القى كلمة الوزير المرتضى ومما جاء فيها: “سليم حيدر والنظام اللبناني. مقاربةُ قضية النظام اللبناني في فكر سليم حيدر، أو أيِّ فكرٍ سياسيٍّ آخر، يقتضيها طرحُ أسئلةٍ كثيرة تتوالدُ علاماتُ استفهامِها بلا انقطاع. لكن أول الأسئلة وأهمَّها ينبعُ من وجوب تحديد معنى المصطلح: ماذا نقصدُ بكلمةِ “نظام”، كي لا نقع في محذور الضبابية والتنابز بالمعاني الفضفاضة المتضاربة في أكثر الأحيان، كما يحصل معنا نحن اللبنانيين في مفرداتِنا الوطنية العليا، كالسيادة والاستقلال والعيش الواحد والمقاومة والحرية، وسوى ذلك من كلماتٍ يعسرُ أن نجدَ معيارًا واحدًا نلجأ إليه لتحديد معانيها السامية. ذلك أن بعضًا منا يفهم النظام على أنه الشكل الدستوري للدولة الذي على أساسه يتم توزيع سلطاتِها المركزية والمحلية. وبعضًا يفهم اللفظةَ على أنها السلطة بذاتِها يمارسُها القيمون على المواطنين، وآخَرينَ، ونحن منهم، ينظرون إلى النظام باعتباره الأساس الفكريَّ الذي عليه تقوم طبيعة العيش بين الجماعة اللبنانية، أو الجماعات إذا شئتم، تحقيقًا لمصالحِها الوطنية المشتركة، التي تنعكسُ في المحصلة، وبالضرورة، مصلحةً لكل فرد”.
أضاف: “هذا المعنى الأخير للنظام، هو الذي أحبُّ أن أتناولَه تناولًا سريعًا في هذه المداخلة، ليقيني أنه يتلاقى مع نظرة سليم حيدر إلى طبيعة النظام اللبناني، كيف ينبغي لها أن تكون. فهذا الوطن الذي شُيِّدَ كيانُه الحاليُّ بجغرافيتِه المعروفة، يرقى بتاريخه إلى قرون سحيقة، لكنَّ مشكلةَ حاضرِه أن أغلبيةَ أبنائه ما زالوا مقيمين في المتخيَّلِ التاريخيّ بإيجابياتِه وسلبياته على الأفراد والمجموعات، وهو تاريخٌ يحتملُ بطبيعتِه اختلافًا في القراءات، بحسبِ الحبر الذي كُتِبَ به. وإذا كانت مقتضيات الانتماء تفرضُ التعلق بالماضي كأساس للهوية، فإنما لا يجوز أن يصبح ما مضى سيد الحاضر والمستقبل، خصوصًا إذا استُثيرت في الذاكرة الفردية والجَمعية، أزماتُه ومشاكلُه الغابرة، ولو دمويةً، وأُسقِطت على معطياتِ هذا الزمان. المشكلةُ الفكرية التي تخترمُ نظامَنا الوطني تكمن إذن في هذا السؤال: كيف نحافظ على الماضي كأساس للهويات الخاصة، ونجعلُه جسرًا إلى مستقبل الهُوية الوطنية الجامعة؟ ولعلَّ الجوابَ البدَهيَّ على هذا السؤال هو حِفظُ التنوع. فما من شكٍّ في أن لبنان أريدَ له منذ إنشائه أن يتمتع بميزاتٍ ثلاث: أن يكون المسيحيون في مقدمة سلطاتِه، وأن يكون العيشُ المشترك فيه شاهدًا على الوحدةِ من ضمن التعدد، وأن يكون نطاقًا للحريات العامة وعلى رأسِها حريتا المعتقَدِ والتعبير”.
وتابع: “أما عن الدور المسيحي، فلنتذكَّر أن المسلمين اللبنانيين الذين عارضوا فكرة لبنان الكبير في الربع الأول من القرن العشرين، سرعانَ ما أدركوا أن هذا الوطن منجاةٌ لهم من الذوبان في المحيط الكبير الذي ينتمون إليه بكلِّ فخرٍ واعتزاز. ولهذا كانوا هم أول من أطلق شعار: لبنان وطن نهائيٌّ لأبنائه. هذا قاله الإمام المغيّب السيد موسى الصدر. والمسلمون اللبنانيون اليوم، واعتبروا هذا من باب الأثَرةِ وحبِّ الذات، أشدُّ الناسِ تعلقًا بلبنان، وبالدور المسيحي المتقدم فيه، تأسيسًا واستمرارًا، لأن غياب هذا الدور سيؤدي حتمًا إلى غياب الضرورةِ اللبنانية التي وجد المسلمون لهم فيها دورًا وحضورًا. ومن هنا نفهم تشدّدهم في الدفاع عن حدود الوطن وحقوقه، وفي مقاومة الاحتلالات والاعتداءات الصهيونية الغاشمة، وإصرارَهم على حفظ عيش المعية بجانب سائر إخوتِهم في البلد، ورفضَهم لكل دعواتِ التباعد والانفصال، مهما كانت عناوينُها براقةً. أما الشهادة على العيش الواحد فتفترضُ لدى الجميع سعيًا إلى تقبْل الآخر ومحبتِه واحتضانِه وطمأنتِه، والنأي عن كلِّ خطابٍ أو توصيف يجرحُ التلاقي، خصوصًا في زمن الصعاب. وأما الحريةُ فهي كنه لبنان وسرُّ ديمومتِه، وهي التي تحت لواء الدستور والقوانين، تحفظُ التنوُّعَ وتحميه وتعزِّزُ الوحدةَ وتصونُها”.
وقال: “الميثاق الوطني الذي طوّره اتفاق الطائف قام كما تعرفون على سلبيتين قال فيهما الراحل جورج نقاش: سلبيتان لا تصنعانِ وطنًا. إن مسار التاريخ اللبناني على امتداد القرن الأول من عمر الوطن أثبت أن هذه المقولةَ، على صحتِها، قابلةٌ لأن تجعل لنا وطنًا جميلًا، إذا تجاوزنا الفعل السلبيَّ إلى فعلِ اللقاء الإيجابي. أما إذا استمرَّ كلُّ شيءٍ فينا مطبوعًا بالسلبية بشكلٍ جوهري، فعلى وجودنا السلام. ونحن يا أحبةُ عندما نرسي دولتَنا على هذه الأسس الفكرية التي ذكرت، فلا فرقَ ساعتذاك في كيف يكون شكل الدولة الدستوري، وكيف توزَّعُ سلطاتُها وإداراتُها ومناصبُها”.
وختم: “في الختام، علينا جميعًا أن نتذكر أن الدولةَ آلةٌ إداريةٌ وليست داعية أيٍّ من المعتقدات والسلام”.
ألفا
وكان الفا استهل إفتتاح الندوة قائلًا: “صورةٌ تبروزُها الذكريات تعود بي إلى بداية صناعة الأفلام الصامتة لا تنفكُّ تُلازِمُني عن أطبّاءٍ في أحدى المشاهِد يحملونَ بعنايةٍ مستوعبًا زجاجيًّا فيه قلبٌ بشريٌّ مغطَّسٌ بمكَعّباتِ الثلج مستأصَلٌ من صدرِ مريضٍ يُحتَضَر إلى آخرَ يُجاهِدُ للخفَقان دونَما تبريرٍ من ذاكِرَتي لِجدوى التماعِ الصورةِ في نمليَّةِ وُجداني. بقيتُ أسيرَ متاهةِ المعنى إلى حينَ رأيتُ حيّان بأمِّ العين يحملُ قلبَ والده سليم إلى قلب لبنان الذي يُجاهدُ للخَفَقان وتيقنت كيف أن قلب رجلٍ واحد يمكن أن يحيي قلب وطن”.
أضاف: “أن تحصلوا على بطاقةِ دخولٍ إلى عالمِ سليم حَيدَر يوازي حصولُكُم على تأشيرَةِ شَنغَن.. ما أن تأذنَ لكم جماركُ لغتهِ بخروجِ حقائبِ القراءة الخاصةِ بِكُم من حرمِ مطارِه الفخم حتى تلاقيكُم بناتُ أفكارِه وتأخذُكُم إلى رحلةٍ من العمر. في هذا العالم تدخلون إلى مدائن المسرح والشعر والفلسفة والسياسة والدبلوماسية ويُدخلُكُم سليم حيدر في آخر النهار إلى مدينة الملاهي الخاصة به تَستقلّونَ فيها مقصوراتٍ تنقلُكم إلى عالم الثقافة بعيدًا عن عالم التفاهة الذي تنبَّئ الفيلسوف الكندي آلانْ دونو بحلوله علينا، عالمُ التفاهةِ أو نظامُ التفاهةِ الذي وصَفَه دونو قائلًا انه قد بسط سلطانه على كافة أرجاء العالم. فالتافهون قد أمسكوا بمفاصل السلطة، ووضعوا أيديهم على مواقع القرار، وصار لهم القولُ الفصلُ والكلمةُ الأخيرةُ في كلِّ ما يتعلَّقُ بالحياة العامة. يُخرِجُنا سليم حيدر من نظامِ التفاهةِ إلى نظامِ النقاهةِ حيث يداوينا بالشِّعرِ الذي يسأل من هناك بعيدًا من هنا؟ وحيث يعالجُنا من سياسة الخُنفِشار بفكر دُولوزْ وَسْبينوزا ومونتسكيو ويَسحَرُنا بالمسرحِ بسيناريوهات تغازل غوته وَبريخت في مساءلة المطلق والمصير، ويجذِبُنا بالدبلوماسية الراقية التي سقط معظمُها منذ عقود في الابتذال ويعيدُ ألقَ وهيبةَ النيابةِ التي تَسَلَّعَتْ وتشَلَّعَتْ بذريعة العصرنة والجَعدَنَةِ وحقوق العائلات بلا ذكور وحقوق الإنجاب بلا إناث”.
وختم: “لكلِّ هذه الأسباب سيداتي سادتي وَلأسبابٍ أخرى لا يتَّسعُ الوقتُ لتعدادِها أدعوكم إلى حملِ قلب سليم حيدر بعناية ونقله إلى لبنان فقفَصُهُ الصدريُّ مفتوح وينتظرُ بفارغ الصبر أن يضمَّ قلبَ سليم حيدَر..والسلام”.
الرفاعي
بدوره قال مفتي بعلبك-الهرمل الشيخ بكر الرفاعي: “لا تستطيع عجالة ان تستبعد طروحات سليم حيدر القانونية، المؤسسة على ثقافة اسلامية حصلها منذ طفولته عندما درس القرآن الكريم و توّجها بشهادات من باريس حقوقية و غير ذلك، كنت اظنّ اني اعرفه، اديباً دبلومسياً سياسياً مشرعاً، لكن تبين انه اكثر من ذلك كله، مما يقوله: معطيات الواقع، اننا لا نزال قبائل وطوائف ومناطق، الهدف البعيد ان نصبح شعباً ووطناً ودولة، لاخلاف على الواقع ولا على الهدف، الخلاف على الوسائل.. خمسة مبادئ لا بدَّ من اعتناقها لانها ركائز البناء، اولا الغاء الطائفية السياسية، ثانياً فصل الوزارة عن النيابة ثالثاً انشاء محكمة عليا تنظر في دستورية القوانين، رابعاً اعتماد الاستفتاء الشعبي في القضايا الكبرى خامساً انزال سن الرشد الانتخابي الى الثامنة عشرة، ومما يقوله لبنان عقلٌ و عدل، حرية و مساواة، حضارة ومنارة، صيغة مثلى للتآلف الروحي العميق ومثلٌ فذّ لتفاعل العبقريات الخلاقة، فلبنان صلاةٌ و استجابة هكذا يجب ان يكون”.
أضاف: “لنتآزر جميعاً لجعله كله كما يجب ان يكون، اطروحة الدكتوراه لديه كانت البغاء و الاتجار بالنساء والاطفال، وكانت سببا اساساً في دفع مجلس النواب الى اعادة النظر في التشريع لجهة الغاء البغاء الرسمي بالاستناد الى اراء سليم حيدر في طروحاته، كان داعية وتطوير ولم ينتم الى حزب وكان يؤمن بفصل السلطات فالنائب هو عن الامة جمعاء وفي حكومة ٥٣ التي منحت صلاحيات تشريعية استثنائية قدم التشريع الذي اعطى المراة اللبنانية الحق في الترشيح والانتخاب مساواة بالرجل، كما اعد و اقترح قانون الاثراء الغير المشروع وكان من اوائل الذين قاموا بالتصريح عن امواله المنقولة و الغير المنقولة، وقّع مرسوم قيام الجامعة اللبنانية ،ثمّ على اثر الاعتداءات المتكررة للعدو تقدم في عام ١٩٧٠ بمشروع خاص في الجنوب بتأمين مقومات الصمود ولعله اطلع على ما كتبه ميشال شيحا المؤسس و المنظر للكيان اللبناني عندما اعتبر ان العدو الدائم و الخطر المحدق بلبنان هو العدو الاسرائيلي وحده دون سواه، حين مثل منطقتنا بين عامي ٦٣ و ٦٦ كانت له رؤية مغايرة لما هو سائد رسمياً في الحقل الدبلوماسي الان هناك خلاف ان نتجه شرقاً اك نتجه غرباً”.
وختم: “فوجئت عندما وجدت انه عندما تولى سفارة لبنان للاتحاد السوفييتي السابق امضى فترة طويلة حتى استطاع ان يقنع المسؤولين في ذلك الوقت بان يفتحوا ابواب العلم والسفر للبنانيين، الذين اصبحوا بالالاف يتخرجون من اهم جامعات الاتحاد السوڤييتي، الحديث عنه يطول و يطول، سأكتفي بما قدمت واقول، لدينا في بعلبك اكبر حجر منحوت في العالم، ويسمى عندنا حجر الحبلى، كنت اتساءل لماذا حجر الحبلى دون اسمٍ سواه فقالوا لي الاسطورة تقول ان اهل بعلبك يعتزّون برجولتهم ومواقفهم، لما قالوا ان الحجر هو اكبر حجر منحوت في العالم كأنّ الامر استفزهم فأرسلوا امرأة حبلى ورفعته، اذا كانت المراة الحبلى في بعلبك فعلت ذلك فما بالكم بسليم حيدر”.
مسرّة
وتطرق الدكتور انطوان مسرة الى سليم حيدر “الفكر الموسوعة والرؤيا الثقافية والتربوية التطبيقية والمستقبلية للبنان”. وقال :”لا أتكلم عن مزايا وعلم ورُقي مواقع سليم حيدر. الأمجاد البشرية زائلة. ما يهم وما يبقى ليس التباهي والثقافة وتعظيم أنانية الذات، بل العطاء للوطن والمجتمع وللمستقبل. تستوقفني عطاءات سليم حيدر ورؤيته الثقافية والتربوية التطبيقية والمستقبلية في الواقع اللبناني بالذات، كل ما يتوجب العمل عليه مستقبلاً. انه الواقع الذي يجمعنا اليوم انتقالاً من لبنان الساحة والساحات إلى لبنان الوطن والمعنى والرسالة، لبنانيًا وعربيًا وعالميًا. هذا ما نسعى العمل عليه.”مستعرضاً مسيرة سليم حيدر ورؤيته الصائبة في الحياة لاسيما التربوية منها” .
حمادة
ورأى الدكتور حسن حمادة أن “قراءة نصوص سليم حيدر، كما السياسية، كما الفلسفية، كما القانونية، كما الأدبية والنشرية و المسرحية، نكتشف أنها تفضح خبث النظام، خبث مستقر في عمق الأفخاخ المنصوبة خلف ستائر الإصلاح المزعوم، و مهمتها تعميق الطائفية و المذهبية، يا للمفارقة . بمعنى أننا أمام حرص دائم على حماية الطائفية السياسية، لضمان استمراريتها، أيا تكن تداعياتها الكارثية على المصير اللبناني . المثال الأبرز عن ذلك هو هذا التلاعب المتواصل، المستدام، بالقانون الإنتخابي بقصد المزيد من الغرق في وحول الأزمات الطائفية و المذهبية الولادة دوما لقلاقل حروب، ما يطرح غابة من علامات الاستفهام حول النوايا الحقيقية للنظام تجاه الدولة” .
وقال: “يقول سليم حيدر إن الطائفية السياسية أكدنا عليها و أبقيناها. و الطامة الكبرى أن يأتي قانون الإنتخاب الجديد بدوائر طائفية محض، أي بقنابل موقوتة لإنفجار جديد”. كأنّ سليم حيدر يتحدث عن القانون الحالي المعمول به . لقد مضى على قول سليم حيدر عشرات السنين، يوم لم يكن أحد قد سمع بعد بشيء إسمه “القانون الأرثوذكسي”، والأرثوذكسية، طبعا، براء من هكذا قانون يمزق ما تبقى من النسيج الأهلي، الإنساني، اللبناني . لا أقول “النسيج الإجتماعي”، أبدا، لأن الطائفية-المذهبية سبق أن أسقطتنا، منذ الولادة السرية للميثاق اللعين، إلى ما دون التشكل الإجتماعي، فسقطنا من دائرة القوة إلى دائرة الضعف و الجهل، لأن المجتمع معرفة و المعرفة قوة. ويتم ذلك دوما تحت عنوان الإصلاح، وأي إصلاح ذاك الذي يحدث دائما تحت سقف الفساد، مع الحرص الدائم و الكامل على عدم المس بقدسية الفساد” .
قنديل
وكانت مداخلة للنائب السابق ناصر قنديل قال فيها: “سليم حيدر هذه الشخصية الخلوقة العصامية الموسوعية شعرا و فلسفة و علما و تشريعا وقضاء وسياسة وادارة ودبلوماسية، وله في كل منها باع طويل يكفي ليجعله رمزا من رموز النهضة اللبنانية المعاصرة، ويكفي لنقول انه من قلة نادرة من هذه العقول الملهمة التي تركت بصمات نافرة في تاريخنا ولم تنل حقها من المعرفة والعرفان. وبمثل ما أنا فرح بهذا التكليف والتشريف معا، التكليف بالتعرف عن كثب والتشريف بمقاربة كاتب بماء الذهب، أعترف أمامكم بأني حزين لأنني اكتشفت داءا خطيرا لم استطع بعد امتلاك الجواب على طرق علاجه، فقد تبين لي من مقاربة سيرة وكتابات الفيلسوف سليم حيدر التي تقع تحت عنوان موضوع اللقاء اليوم، وهو سليم حيدر الدولة والنظام، أننا منذ ما تركه لنا سليم حيدر لم نتقدم خطوة واحدة في تشخيص العلة والتعرف على أعراض المعلول وتحديد الدواء الناجع، وقد وضع سليم حيد يده عليها جميعا بأفضل مما فعل كل الذين جاؤوا من بعده، حتى صار السؤال أشد تعقيدا من اكتشاف المرض العضال والعلاج، يدور حول سر المراوحة التاريخية في ذات المنطقة المأزومة منذ سبعين عاما”.
أضاف: “أتوجه بالتحية للدكتور همذان سليمان صاحب كتاب سليم حيدر حياته وشعره على تقديمه المادة الغنية التي أتاحت لنا التعرف الموثق على ما تركه لنا سليم حيدر، وهو يستعيد في مقدمة كتابه كلام الشيخ عبد الله العلايلي في سليم حيدر وقوله، إنه شاعر الأفق الفلسفي الذي حاول المعري أن يكونه فوقف دونه، وتعقيب الدكتور كمال يوسف الحاج على كلام العلايلي بقوله، نحن مع العلايلي فالمعري شاعر كبير وفيلسوف كبير لكنه لم يستطع كما استطاع حيدر ان يكون الشعر الفيلسوف، ولما نقرأ هذا نزداد شوقا لنبحر مع سليم حيدر في محيطات ومضائق الشعر والفلسفة، لكن العنوان يضبطنا، ونعود أدراجنا إلى البحث في الدولة والنظام”.
وتابع: “نعود إلى بعض السيرة في تاريخ هذا الرجل يوم عين وزيرا في حكومة رباعية في أول عهد الرئيس كميل شمعون ترأسها الأستاذ خالد شهاب، وهي حكومة نالت صلاحيات تشريعية استثنائية وأصدرت العديد من القوانين بمراسيم، منها مرسوم تأسيس الجامعة اللبنانية الذي وقعه وزير التربية فيها سليم حيدر عام 1953 بعدما كانت مجرد درا معلمين.
يخاطب الرئيس شمعون سليم حيدر قائلا، الحق ان تعيينك وزيرا في الدولة وعلى الأخص وزيرا للتربية الوطنية كان أمرا واقعا ولكنه لم يصدر عني وحدي، بل فرضه علي الشعب اللبناني والنواب أنفسهم والمنظمات السياسية والهيئات التعليمية الخ…” يناقش سليم حيدر ازمة النظام والدولة فيكتشف انها الأزمة والحل، متقدما باقتراح قانون انتخاب على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة معددا مزايا ذلك بالحد من تدخل السلطات المشكو منه، واخراج الأحزاب السياسية من طوائفها وفتح الندوة النيابية أمام الشباب الذي لا يملك وحده سبل النجاح ويجعل النائب فعلا لا قولا ممثل الأمة جمعاء، وقد فسر دعوته للخروج من الطائفية باعتبارها علة النظام والدولة، في بيان ترشحه لرئاسة المجلس النيابي مضيفا إليها برنامجا إصلاحيا كاملا يتضمن، فصل النيابة عن الوزارة وإنشاء محكمة عليا لدستورية القوانين واعتماد الاستفتاء الشعبي في القضايا الكبرى وتخفيض سن الاقتراع الى الثمانية عشر عاما”.
وقال: “لكن سليم حيدر كان يدرك أن هذه العلة الوطنية تلاقيها علة إقليمية تتبادلان ادخال الوطن والدولة والنظام في أدوار من الحمى. بعد العدوان الاسرائيلي على مطار بيروت عام 1968 يتحدث النائب سليم حيدر خلال مناقشة البيان الوزاري للحكومة، فيقول، إذا كان حادث المطار قد خلقنا خلقا جديدا فنحن اذن لا نزال نواب الشعب، و اذا كان تفجير طائراتنا في عقر دارنا لم يفجر فينا إلا الأحقاد حلفا ونهجا ومستقلين ومنفردين، فنحن لم نعد نواب الشعب، سواء أصدر مرسوم حل المجلس أم لم يصدر، حادث المطار اذن هو المنطلق، لقد كشف أننا لسنا دولة ونحن متنزه دولي ومتجر عالمي وبورصة مفتوحة، ونحن إغراقا في البلاهة نعتقد أن اعتداء لن يحدث علينا من أحد، لأن الدول الكبيرة متفقة على بقائنا، كأننا لسنا دولة عربية وكأن اسرائيل ليست على حدودنا، كأننا لسنا في حالة حرب معها منذ عشرين عاما، كأن رقعة أرضنا ليست بكاملها في مطامع قراصنة إسرائيل المقبلة. ازمة النظام والدولة تتحول في عقل سليم حيد الى ازمة وطن، لكنه لا يتشاءم، فهو يكشف عن عمقها ويتعرف على جذورها، وربما يقدم جوابا على السؤال الذي طرحه جورج نقاش عن النفيين اللذين لا يصنعان وطنا، بحديثه عن سلبيتين وايجابية، فيقول نحن في لبنان فئات ثلاث: سلبيتان وإيجابية”.
أضاف: “لبنان بلد واسع، على صغر مساحته، أوسع ممّا يجب أن يكون. ينبغي أن تبتر منه أجزاء لنتخلّص من سكانها، فيعود وطنًا صغيرًا لقوم معينين، يعيشون فيه منكمشين على أنفسهم، ينظرون إلى الأفق، على تماوج البحر. تلك السلبية الأولى. إنها إنعزالية انكماشية، إذا سمحتم بالتعبير !لبنان بلد صغير. صادراته لا توازن وارداته. لا زراعة ولا صناعة ولا إنتاج. إنّه جزء من كلّ. إنّه لا يستطيع أن يعيش بكيانه الحالي. يجب أن يذوب الجزء في الكلّ، على وهج الصحراء. تلك السلبية الثانية. إنّها اندماجية مفرطة . لبنان، بحدوده الحاضرة، كيان حقيقي، يمكن أن يعيش ويجب أن يعيش. تلك هي الإيجابية !الإيجابيات تستند إلى التاريخ والدين واللغة والتربية… إلى جميع عناصر القومية، تقرّرها كما تشاء، وتفسّرها كما تشاء… والدين يلعب دوره المهم في تقسيم هذه الفئات. على أن من الإنصاف القول أن الفئة السلبية الاندماجية فيها من الطائفتين، كما أن الفئة الإيجابية مزيج متوازن منهما. وإذن فالدين ليس وحده هو السبب”.
وتابع: “الفئتان السلبيات، الانكماشية والإندماجية، تعتنقان حرية التعليم المطلقة وتناضلان من أجلها.والفئة الإيجابية ترى التوجيه في سياسة المدرسة. وكلّ ذلك طبيعي. نعم. لا تجفلوا ! كلّ ذلك طبيعي !أن يكون في لبنان فئة تريد بتر قسم منه لتستقل بالآخر. ذلك طبيعي. وأن يكون في لبنان فئة تنكر وجوده. ذلك طبيعي. وطبيعي أن تتشبّث كلّ منهما بحرية التعليم المطلقة، لتزرع مبادئها في نفوس التلاميذ الطريئة. بقي عليّ أن أقرّر حقيقة: وهي أنّ الفئة الإيجابية هي الأكثر عددًا والأقوى عددًا. وذلك أيضًا طبيعي. فماذا يجب أن نعمل لنحافظ على الجميع؟ ولنعيد إلى الحظيرة من اعتقدوا – واعين أو مأخوذين – بوجوب تركها؟… فنحن لا نريد أن نفقد من لبنان لبنانيًا واحدًا، نحن الإيجابيين !””لبنان رقعة من الأرض على شاطئ المتوسط، في قلب الشرق الأدنى. تعاقبت عليه المدنيّات: الفينيقية والرومانية واليونانية والبيزنطية والحثّية والمصرية القديمة والعربية. وتركت جميعها ما كوّن تراثه القائم، تراثًا زاخرًا ممتازًا، و الصفتان معنيّتان، بكلّ ما فيهما من قوة. لغته العربية، وهو من أركان نهضتها. مركزه في قلب البلدان العربية، وتشدّه إلى هذه البلدان صلة الأخوة وصلة الجوار وصلة التاريخ ووحدة المصالح والوحدة الجغرافية قبل كلّ شيء. على أنه منذ القدم كان محافظًا على ذاته، وعلى ميزاته الخاصة، وعلى استقلاله الروحي. أمور يجب ألّا ننساها، لأنّها كيان لبنان: إنّه همزة الوصل بين الشرق والغرب !لبنان بلد عربي، لا شك في ذلك، جغرافيًّا واقتصاديًّا ولغةً وشعورًا بذاته. أما العِرق، فليس في الكون أمّة خالصة. على أنّ أخلص ما في نسب لبنان، في نسب القسم الأكبر من أهله – مسيحيين ومسلمين – هي العروبة”.
وقال: “تربطه بالبلاد العربية صفة العروبة، كما تربطه بتركيا، مثلًا، صفة الشرقية. ولو لم يغالِ الاندماجيون بالقول أن هذا الجزء من الكلّ يجب أن يذوب في الكلّ، لما غالى الإنكماشيون بالقول أنّهم من غير نسب. فالتَفَيْنُق ردّ فعل في لبنان، ليس إلّا. أمّا الإيجابيون، وهم الكثرة الساحقة، فيعرفون أنّ لبنان بلد عربي، ولا يفرّطون بشبرٍ واحد من كيانه الحاضر. ليست العروبة هي الوحدة !ولبنان ليس عربيًّا وحسب. إنّه تاج العروبة. إنّه التاج. أليس التاج صغيرًا، ثمينًا، منمنمًا، متألّقًا، ينبوع إشعاع؟… ولكن لبنان أكثر من بلد عربي. إنّه بلد إنساني. إنّه بلد الفكر والروح، بلد التساهل، بلد الإخاء. ومنذ القرن الثاني والعشرين قبل ميلاد السيد المسيح، ولبنان يدرّس اللغات الأجنبية، ويتلقّف ثقافات العالم، لتشعّ منه مبلورة صافية. إنّه نافذة على البحر”.
وختم: “لبنان وطن نهائي، عربي منفتح على الإنسانية، في فكر سليم حيدر هو الجواب على الإفراط في عروبته والتفريط بها بفينقيته، لبنان فلسفة الحوار والتسويات، بتراكم منجزات الحوار والتسويات يتقدم، وعداء أحادي لكيان الاحتلال الغاصب لفلسطين والطامع بلبنان، طريق الحوار والتسويات رغم بطئها وبرود سيرها تبقى طريق بناء، لأن الطريق الحامية هي طريق الحرب الأهلية واستدراج التدخلات الخارجية، طريق خراب مؤكد”.
حيدر
واختتمت الندوة بكلمة الدكتور حيّان سليم حيدر قال فيها : “كثيرٌ هو ما قد يقال عن سليم حيدر الدولة والنظام؟ لكنّي ساكتفي بما ورد في وصف الأستاذ إدمون رزق في تقديمه لديوان “لبنان” حين قال: “لعلّ سليم حيدر، المتعدّد الصفة واللقب، هو الشاعر اللبناني الأكثر تعبيرًا عن المعاناة الوطنية. هكذا، كان سليم حيدر مبدئيًّا وعمليًّا في آن، رجل الثورة كما تقرأه في بعض قصائده، لكن، دائمًا رجل الوجدان والمنطق والإصلاح. لكنّه إنسان، يرى لبنان “الحلم” من خلال النصف الملآن للكأس فيقول وهو في غمر التجلّي:
“كنّا إذا قيل مَنْ لبنان يطربنا تجاوبٌ في الذُرى، الحبُّ لبنانُ !”
ثمّ، مع النصف الفارغ للكأس، ينتفض صارخًا رافضًا متألّمًا:
هيهات يجدي حوارٌ، والنفوس لظىً وفـــي الطويَّــات أرجـــاسٌ وأدرانُ
بئسُ الحوار كلام في النهـار هـدىً وفـــي الظــلام صواريــخٌ ونيــرانُ”
أضاف: “ولأنّ سليم حيدر كان أولًا ودائمًا شاعرًا، واحترامًا للوقت، سأحتفظ بكلامه المنثور عن الموضوع لنسخة للنشر، ولنترك الكلام له، في كلّ من مراحل معاناته، شعرًا، بتسلسل عفوي. يقول:
فشاب رأسي لِما لاقيت من عَنَتٍ أقامه الشرعُ في فصل الخلافات
أصلُ الفساد أصول في محاكمة تقضي على الحقّ من كثر الضمانات
حيثما شرَّقتَ أو غرَّبتَ ظلمٌ واضطهادٌ وفتاوى تربط الظلم بأهداب الشريعَهْ !
لا يحجب الظلمَ تنميق العبارات !
أنّني مثَّلت دوري نائبًا في “برلمانٍ” كلّ إصلاح يراه خطوات مستحيلهْ !
ذاك أنَّا، منذ أن كنا، أنانيّون بُلْهُ كلَّ فردٍ همُّه أن يصدر الإصلاح عنهُ
وكما يرسمه: كسبًا وجاهًا ونفوذًا…”
وتابع: “خلال جلسة لمجلس النواب وبإنتظار منح الثقة للحكومة، بادر سليم حيدر زملاءه بقصيدة من صنف “القرّادة” لم تكن لتنشر وهي لم تنشر، وقد جاء في مطلعها:
ردّوا عـليّ هـالـردّة مـا بـدهـا عـيـطـه وحِـدِّه
مجلسنا أحسن مجلس إن شاء الله بيكفّي المدّه
مقسّـم على الطـوايف ليْشَـك مـن ذكـرها خايـف
كـل وحـدة إلها لفايـف وشلوشها بالصخـر تهدّي
مذكِّرًا بمحاولات الإصلاح من طريق تعديل عدد نواب المجلس مسترسلًا:
وإن كانوا أربعه وأربعين وإن كانوا سبعه وسبعين
وإن كانـوا تسعه وتسعين هـالـنـجّـار وهـا الـعـدّه
وبالعودة إلى المقفّى الفصيح من شعره:
ولذا الدستور والميثاق والعُرف المزكِّي تتوخّى كلُّها تكريس أوضاع الطوائفْ !
نحن في لبنان أشكالٌ وألوانٌ عديدَهْ و شعوبٌ و دروبٌ و تواريخ مجيدَة
نحن في رقعة أرضٍ أصغر الأوطان حجمًا والمسافات التي تفصلنا جِدُّ بعيدَهْ !
ويستبينا جمال القول، والجدل:
سيادة، صيغة، شرعية، ثقة
عدل، مشاركة، جِدّية، عمل
لا تنسَ عصرنةٌ في ظل أنظمة
يثوى الزمان ولا تثوى لها مُهل
أو خذ بعلمنةٍ، ألقائلون بها
كالرافضين لها، أقوالهم دّخّل
وكلّما في وطيس المكر، محترقًا
هوى شعارٌ، علا كالراية البدلُ
وينتفض مع اليتيم صارخًا:
قسمًا بكهف الناصريِّ، وبالحطيم، وزمزمِ
إن لـم تُقِرَّ لنا الحـياة بحقّـنا في المغــنمِ،
لنمزقنَّ حجابها الجافي… ويا نُظُمُ ارتمي !
فالمجرمُ المضطرُّ للإجرام، ليس بمجرمِ !..
ليضيف:
وكيف يرتدع الإجرام في بلدٍ والمستحقّ ظلام السجن سجّانُ؟..”
ليعود ليؤكّد:
سيبقى الحق إيماني، صَراحـاًأروض به مبـاديَّ الصلابـا
فقد جهِلَ السياسة مـن يراهـا مراوغـةً وأسلـوبـا كذابـا”
وقال: “لقد شخّص الداء وبيّن سُبُلَ الشفاء، وأطلق دعوات إستباقية لتدارك الإنفجار فنختم بما تيسّر من قصيدة “إلى الرئيس المنتظَر” (1976) وقد وُصِفَت بدستور للمسؤولية ودرس في الديمقراطية، وفي مقدمتها:
يوم لا يبقى مسيحي على أرض لبنان ينفعل ويتشنَّج كلما انتُقد مسؤول مسيحي،
يوم لا يبقى مسلم على أرض لبنان ينفعل ويتشنّج كلما انتُقد مسؤول مسلم،
يوم يدرك الجميع أن النقد لا يطال إلاّ سلوك المسؤول في تنفيذ مهمته، وليس نيلًا من طائفته ولا تحدّيًا لها، يومذاك تُقرأ هذه القصيدة: (وممّا جاء فيها)
إذا كنت تسطيعُ أن تُقـدما
على المستحيل ولا تُحجما
وألا تكون سليل النصارى
وألا تـكـون فـتىً مسلـما
وألا تسـوم وألا تُسام
وألا يبـيعك أهل الحـمى
وألا تطـلَّب مـن مستشار
فـتاوى تحـلّل ما حُـرِّما
وأن يقطر الشهد من شفتيك
ولو ذقت من شعبك العلقما…
إذا كنت تسطيعُ فهم السياده
على أنـها فـي شمول القياده
وشـرعيةَ الحـكم يـوم يـكون
من الشعب طوعًا وملءَ الإراده
وطوعية الشعب يوم انتصاب
المساواة والعدل ركنَيْ سعادة
وأن الـرئـاسـة عـبىء ثـقـيل
وليست سوارًا وليست قِلاده…
وألا تـكـون طـويـل الـيديـن
وألا تـكون قصـير النـظر
… تقدَّم فأنت الفتى المنتظر!
وختم: “الشكر ليس من باب اللياقة وحسب، بل هو شكر واجب، لازم كالناموس الذي ينبثق من طبيعة الأشياء. فأصدق الشكر للحضور الكريم المميّز، والشكر للإعلاميين المتابعين بمسؤولية، وشكر خاص جدًّا جدًّا لأركان وزارة الثقافة والمكتبة الوطنية على تسهيل هذه المناسبة وعلى إنجاحها، أمّا المداخلات فقد حلّقت بسعة الإطلاع وشمول الثقافة، ومستوى التحليل وأناقة التعبير في اللغة، والأدب والعروض والفقه وعلم الكلام والفلسفة. فجزيل الشكر لسماحة المفتي بكر الرفاعي وللدكتور أنطوان مسرّة وللدكتور حسن حماده ولسعادة الأستاذ ناصر قنديل وللأستاذ روني ألفا، وليس اخيرًا، بل دائمًا، كبير الشكر لراعي الإحتفال معالي القاضي محمد وسام المرتضى على مبادرته ومتابعته وحرصه على إبراز تراثنا الثقافي والأدبي والفكري والوطني الإصلاحي، وهو صاحب فكرة لقاء “الدولة والنظام”هذا”.