الجمعة, أكتوبر 18

المظاهر الخادعة للزحمة السياحية

المشهد اللبناني من الخارج لا يعكس صورة الواقع اللبناني من الداخل، ولا المعاناة التي تُكابدها الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، الذين سُرقت أموالهم في المصارف، وأتلفت المنظومة السياسية حياتهم، وفقدوا الأمل والمستقبل لأولادهم.

الحركة الناشطة في مطار رفيق الحريري، وفي الطرقات المزدحمة بأفخم أنواع السيارات وأحدثها، وفي المطاعم «المفولّة» بالمغتربين القادمين من قارات الإنتشار، وتضخم حجم تداول العملة الخضراء نقداً بمئات الملايين، كلها مؤشرات إستهلاكية عابرة، لا تحمل معها أية بوادر جدية لتعافي الوضع الإقتصادي في البلد، أو على الأقل حصول «تحسن ما»، في أداء الدولة وإداراتها الخدماتية، يمهد لعودة الأمور إلى نصابها الطبيعي في البلد الذي يكاد يعتاد العيش بلا رئيس للجمهورية أشهراً طويلة.

لا أريد أن أجاري البعض بجلد أنفسنا، ولكن لا بد من الإعتراف بعجز السلطة الراهنة عن القيام بموجبات الإنقاذ، وإنتشال البلاد والعباد من مهاوي جهنم التي أوقعوهم بها، وبالتالي فإن المعاناة الراهنة مرشحة للإستمرار فترة أخرى، طالما أن ليس في الأفق ما يُبشّر بقيام سلطة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية اللازمة، وتستأصل بذور الفساد وفروعها في المؤسسات العامة.

ومن أسباب عدم قيام مثل هذه السلطة الإنقاذية هو تواطؤ الأطراف السياسية على تقاسم قالب الجبنة المحرّمة ، وتوزيع المغانم، واحتكار المصالح العامة، وفق توزيعات شخصية وأنانية، بأقنعة طائفية مزيفة، دون رادع أو حسيب، بعدما تم تعطيل مؤسسات الرقابة، التي كانت يوماً من رموز الدولة الحديثة والناجحة، والإمعان في تعطيل دور المراقبة والمحاسبة البرلمانية، تحت شعار الحكومات التوافقية، التي تحولت في واقع الأمر إلى ما يشبه شركة تجمع المستفيدين من سرطان الفساد الراهن.

لقد أعلنها السفير الفرنسي في لبنان في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الفرنسي أمام جمهرة من النخب السياسية والإجتماعية، لا تغرنكم السيارات الفارهة، ولا إزدحام المطاعم الفخمة، ولا جموع اللبنانيين القادمين من الخارج، لأن المطلوب هو إصلاح إقتصادي ومالي، يُعيد الثقة بالدولة اللبنانية، ويساعد على تخطي البلد لأزماته الراهنة.

ولكن ..، على من تقرأ مزاميرك يا داوود!!

د. فاديا كيروز

Leave A Reply