الأحد, سبتمبر 8

إشارتان مقلقتان من روسيا.. هل تجنّب الحرب الموسّعة ما يزال ممكناً؟

إشارتان صدرتا من روسيا خلال اليومين الماضيين، حيال تطوّر الأوضاع في الشّرق الأوسط وضمناً لبنان، بدتا مثل جرس إنذار يُقرع محذّراً من إنفلات الأمور نحو الأسوأ في منطقة لم تعرف الإستقرار منذ الحرب العالمية الأولى قبل قرن ونيّف.

الإشارة الأولى التي صدرت عن دولة عظمى عادت لتلعب دوراً رئيسياً في المنطقة من خلال تعزيز نفوذها السّياسي والعسكري والإقتصادي في المنطقة والذي كانت تتمتع به قبل الحرب العالمية الأولى، وشهد تراجعاً وحركة مدّ وجزر لعقود قبل أن يعود هذا النفوذ للبروز في العقد الأخير، تمثّل في الموقف الذي أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم أوّل من أمس الخميس، لدى استقباله الرئيس السّوري بشّار الأسد في العاصمة موسكو، عندما قال إنّ “الوضع في الشّرق الأوسط بما في ذلك سوريا يتجه نحو التصعيد”.

كلام بوتين لفت الأنظار وجعل كثيرين يتوقفون عنده، لمعرفة خلفياته وحدود التصعيد المتوقع الذي تحدّث عنه، نظراً لأنّ روسيا التي عادت لتلعب دور الدولة العظمى في العالم، وتدعو إلى عالم متعدد الأقطاب، تُعدّ حليف أساسي لسوريا منذ تدخلها العسكري في النزاع فيها دعماً للحكومة السّورية عام 2015، كما أنّها تقوم بدور وساطة لتخفيف حدّة التوتر بين سوريا وتركيا، وبات الشّرق الأوسط أحد ميادين نفوذها الأساسية في العالم.

وقبل أن تمرّ 24 ساعة على كلام الرئيس الروسي الذي كان محور نقاش على أعلى المستويات في المنطقة والعالم، أشار مندوب روسيا في مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، إلى أنّ “هناك تهديد باتساع رقعة الصراع إلى لبنان وسوريا”، في معرض حديثه عن تطوّر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة واتساع نطاقه، منتقداً “قرارات مجلس الأمن بشأن الصراع والتي لا تزال حبراً على ورق”.

وتشير تقارير وتقديرات إلى أنّ القلق الروسي نابع من نيّة حكومة الكيان الصهيوني شنّ عدوان على لبنان شبيه بالعدوان على قطاع غزّة، وضرب المقاومة فيه التي جعلت شمال الكيان المحتل تحت مرمى نيرانها وحوّلته إلى منطقة صراع عسكري مفتوح، بعدما هدّدت حكومة الكيان مراراً في الآونة الأخيرة من أنّها ستجتاح لبنان وتضرب المقاومة فيه، وتضع حدّاً لتهديدها له، برغم المخاوف والمخاطر التي تلقتها حكومة الكيان، من الداخل والخارج، من أنّ أيّ عدوان على لبنان ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة كلها، وسيمتد إلى دول أخرى منها سوريا من غير إسقاط الأردن من الحسبان، وأنّ هذا العدوان على لبنان سيجعل العدوان الإسرائيلي على غزّة أشبه بنزهة مقارنة به، نظراً للقوة العسكرية التي تمتلكها المقاومة في لبنان مقارنة بما تمتلك غزّة، وتهديد حلفاء المقاومة في محورها بالمنطقة بأنّها ستقف إلى جانبها وستحوّل لبنان إلى ساحة نزال مهدّدة الكيان بإنزال هزيمة نكراء به.

كلّ ذلك يدفع للتساؤل هل أنّ الإنزلاق نحو حرب شاملة في المنطقة بات قدراً لا مفرّ منه، في ضوء الجنوح الإسرائيلي نحو التصعيد والدعم الأميركي والغربي لدولة الكيان في عدوانها، أم أنه ما يزال هناك بصيص أمل ولو صغيرا للحلّ الديبلوماسي يُجنّب المنطقة والعالم تداعيات حرب لا أحد يعرف نتائجها ولا إلى أين ستصل؟

عبدالكافي الصمد – سفير الشمال

Leave A Reply