الإثنين, نوفمبر 25
Banner

نتنياهو محكوم بقواعد الإشتباك.. المهزوم لا يمتلك حرية القرار!

بعد الحفاوة التي أحيط بها خلال إلقاء خطابه في الكونغرس الأميركي، دخل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في مرحلة من النشوة، أنسته وضعه المأزوم في الداخل الاسرائيلي، وواقعه المهزوم في قطاع غزة التي لم يحقق فيها أيٍ من أهداف الحرب التي أعلنها، لا سيما القضاء على حماس وإستعادة الأسرى بالقوة.

كذّب نتنياهو الكذبة وصدّقها، وساعده على ذلك بعض أعضاء الكونغرس بالوقوف والتصفيق لكل الهراء والدجل والنفاق الذين ساقهم في خطابه.

ظن نتنياهو أن تجديد الدعم الأميركي له سيساهم في قلب المعادلات لمصلحته، فسارع الى الانقلاب على كل المفاوضات والاتصالات التي يجريها الوسطاء مع “حماس” لإتمام صفقة تبادل الأسرى، بما في ذلك الورقة الأميركية التي روّج لها الرئيس جو بايدن وطلب من الوسيطين القطري والمصري إقناع “حماس” بالقبول بها متعهدا بالعمل على وقف نهائي لإطلاق النار وإنسحاب كامل لجيش الاحتلال من القطاع وأغراقه بالمساعدات الانسانية، حيث وضع نتنياهو شروطا جديدة قوامها إستسلام حماس بالكامل وإفراجها عن الأسرى الاسرائيليين، وذلك على عكس واقع الميدان في غزة، حيث تنفذ المقاومة يوميا عمليات نوعية أكثر دقة من العمليات التي كانت تنفذ في بداية الحرب، ما يؤكد أن المقاومة ما تزال جاهزة، وأن قطاعاتها مترابطة مع بعضها البعض، وقادرة على المزيد من الصمود والمواجهات.

وفي غمرة “صعود البخار” الى رأس نتنياهو، جاءت مجزرة مجدل شمس في الجولان المحتل جراء سقوط صاروخ إعتراضي كانت أطلقته الدفاعات الجوية الاسرائيلية، على ملعب لكرة القدم، فسارع الى الاستغلال والرقص على دماء الشهداء، محمّلا لبنان مسؤولية إطلاق الصاروخ ومقدما روايات من نسج الخيال عن كيفية إطلاقه من قبل المقاومة وعن نوعه وقوته ورأسه المدمر، مهددا برد ثأري تبناه وزراءه من المتطرفين الذين بدأوا يحددون بعض الأهداف من بيروت الى البقاع والجنوب.

لا شك في أن نتنياهو كان يمنّي النفس بأن تتسبب مجزرة مجدل شمس بفتنة داخلية لبنانية بين الدروز والشيعة عمل عليها وفشل، يرافقها عدوان إسرائيلي واسع يستطيع من خلاله إضعاف حزب الله، وتحصين وضعه الداخلي في ظل الحقد المتنامي من قبل أهالي الأسرى عليه والدعوات الشعبية المطالبة بإسقاطه ومحاكمته.

لكن سرعان، ما “راحت السكرة وجاءت الفكرة” لدى نتنياهو الذي وجد نفسه محاصرا بسلسلة من القيود ومن قواعد الاشتباك التي لم تنفع حفاوة الكونغرس ولا إستثمار مجزرة مجدل شمس في كسرها، حيث ما تزال الإدارة الأميركية تضغط على نتنياهو من أجل المضي في صفقة التبادل، بإعتبار أن وقف إطلاق النار في غزة بات مطلبا شعبيا أميركيا وعالميا من دون أن تقيم وزنا للمواقف التي تضمنها خطابه أمام الكونغرس، وفي الوقت نفسه ترفض الولايات المتحدة تغطية أي توسيع للحرب ضد لبنان، وتمنع نتنياهو من إستهداف أية مواقع لبنانية حساسة، خشية ردة فعل المقاومة التي سبق وأرسلت تهديدات من العيار الثقيل الى من يعنيهم الأمر، بأن الفعل سيحدد ردة الفعل، وأن المقاومة ستجري تقييما لأي ضربة إسرائيلية وعليها ستبني على الشيء مقتضاه، وبالتالي فإن ما صورته “الهدهد” كله تحت مرمى نيران المقاومة.

يبدو واضحا، أن أميركا تعامل نتنياهو كمهزوم لا يمتلك حرية القرار، وهي تكاد تحجُر عليه، خصوصا أن جنونه قد يدفعه لإستدراج المنطقة بكاملها الى حرب من البوابة اللبنانية، بما يبقيه في سدة الحكم رغما عن أنف المعارضة، ويحقق مصالحه الشخصية، لكن الولايات المتحدة تُدرك أن أي حماقة يرتكبها نتنياهو في لبنان سيكون ثمنها باهظا جدا على إسرائيل التي لن تستطيع تحمل تداعياته، وبما أن أميركا تحرص على حماية الكيان الصهيوني، فإن ذلك يحتم عليها لجم نتنياهو ووضع حد لمغامراته، خصوصا بعدما أيقن الجميع أن صاروخ مجدل شمس ليس مصدره لبنان وبعدما رفض أهلها زيارة نتنياهو واصفين إياه بمجرم حرب، الأمر الذي يجعل العدوان الاسرائيلي تحت عنوان “الرد” لزوم ما لا يلزم.

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply