تضاعفت مُعدّلات الإصابة بالسرطان بين الشباب في العقود الأخيرة، فقد زادت وتيرة الإصابة بسرطان القولون وكذلك سرطان الرئة بين من هم أصغر من 50 عامًا من العُمر، وقد احتار الباحثون في سبب ذلك، ورجّح آخرون أنّ العادات غير الصحية، مثل التدخين، وحتى الإصابة بالسمنة من العوامل التي لا يمكن تجاهلها في تصاعُد وتسارُع حالات السرطان بين الشباب، فما أبرز تلك الأسباب؟ وهل يمكن الوقاية من السرطان باكرًا؟
لماذا يزداد انتشار السرطان بين الشباب؟
غالبًا ما يُصِيب السرطان كبار السن، لكن في العقود الأخيرة زاد انتشار السرطان بين الشباب، حسب دراسةٍ جديدة في “Nature Reviews Clinical Oncology”، وقد أقرّ باحثو الدراسة أنّ انتشار السرطان بين الشباب يُعدّ وباءً أو جائحة ناشئة.
وتُوجَد بعض الأدلة على أنّ منشأ المرحلة الأولى من السرطان قد يبدأ باكرًا أو في مرحلة الشباب، تليها فترات تصل إلى عِدّة عقود بين تلف الخلايا الأولي وتشخيص السرطان.
ومنذ منتصف القرن العشرين، زادت العادات غير الصحية، التي قد يكون لها يد في زيادة مُعدّلات الإصابة بالسرطان بين الشباب، خاصةً أنّ تلك العادات أثّرت في النظام الغذائي ونمط المعيشة، وأيضًا الميكروبيوم أو البكتيريا النافعة في الأمعاء، التي تُعزِّز المناعة.
وهذه التغيّرات قد تحدث باكرًا في مرحلة الشباب، وربّما هي ما يجعل المرء أكثر عُرضةً للسرطان في شبابه قبل أن يتقدّم به العُمر.
كما اقترحت بعض الدراسات أنّ زيادة السرطان بين الشباب، قد تكون مرتبطة أيضًا بزيادة الأمراض المزمنة بينهم.
الحمل والسرطان المبكر
أشارت الدراسة إلى أنّ تدخين السيدات ونظامهنّ الغذائي، وكذلك معاناتهنّ من السمنة خلال الحمل، قد يزيد خطر إصابة أطفالهنّ مُستقبلاً بالسرطان.
لكن قد يُؤدِّي تناول الأطفال وجبات صحية، مع تقليل تناول الأطعمة المُصنّعة والسكريات، وتشجيعهم على ممارسة الرياضة، وعدم مُخالطتهم للمُدخّنين، إلى تقليل خطر إصابتهم بالسرطان في مرحلة الشباب.
عوامل تزيد خطر الإصابة بالسرطان في فترة الشباب
تشمل بعض العوامل أو الأسباب التي قد تزيد خطر إصابة الشباب بالسرطان ما يلي:
التدخين.
السمنة أو زيادة الوزن.
مرض السكري من النوع الثاني.
قلة النوم أو عدم انتظامه خلال الطفولة.
الإسراف في شُرب الكحول.
التعرّض لسمومٍ بيئية.
أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين الشباب
وجد الباحثون أنّ أكثر أنواع السرطان تشخيصًا بين الأشخاص الذين لم يبلغوا 50 عامًا من العُمر:
سرطان القولون والمستقيم.
سرطان الثدي.
سرطان المريء.
سرطان القناة الصفراوية خارج الكبد.
سرطان المرارة.
سرطان الرأس والرقبة.
سرطان الكلى.
سرطان البنكرياس.
سرطان البروستاتا.
سرطان المعدة.
سرطان الغدة الدرقية.
سرطان بطانة الرحم لدى السيدات.
الورم النخاعي المُتعدِّد.
وهذا تفصيل بعض أنواع تلك السرطانات:
1. سرطان القولون والمستقيم
أحد أكثر السرطانات انتشارًا في مراحل باكرة من العُمر، فعلى الرغم من تراجُع مُعدّلات الإصابة به منذ عام 2000 بين الأشخاص الأكبر من 50 عامًا، فإنّ مُعدّلاته آخذة في التزايُد بين من هم أصغر من 50 عامًا من العُمر.
وقد يكون ذلك مرتبطًا بتفاقُم السمنة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 – 25 عامًا من 6.2% بين عامي 1976 – 1980 إلى 32.7% في عامي 2017 – 2018.
2. سرطان المعدة والمريء
ما يقرب من 8 من كل 14 سرطانًا دُرست من بين السرطانات التي تأتي في مراحل باكرة من العُمر، هي سرطانات الجهاز الهضمي.
ورجّح الباحثون أنّ ميكروبيوم الأمعاء قد يُؤثِّر في خطر الإصابة بالسرطان، نتيجة التغيّرات التي تطرأ عليها من التغذية السيئة أو التدخين أو شُرب الكحول، أو حتى زيادة استخدام المضادات الحيوية في العقود الأخيرة.
فمن العوامل التي تزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة بين الشباب الإسراف في الكحول، أمّا العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة بسرطان المريء، فتشمل التدخين والسمنة، ومرض ارتجاع المريء.
3. سرطان الرئة
لم يُدرَج سرطان الرئة في الدراسة لأنّ مُعدّلات الإصابة به آخذة في التراجُع، سواء لدى من هم أكبر من 50 عامًا أو من هم أصغر من ذلك، لكن نسبة الحالات المُصابة بسرطان الرئة من غير المُدخّنين، مِمّن هم أصغر من 50 عامًا مُتصاعدة.
كذلك فإنّ السيدات تُمثِّل نسبة متزايدة لا يُستهان بها بين المُصابِين بسرطان الرئة مِمّن هم أصغر من 50 عامًا من العمر، مع انخفاض حاد في حالات سرطان الرئة بين الرجال من الفئة العُمرية نفسها مقارنةً بالنساء.
4. سرطان الثدي
يزداد انتشار سرطان الثدي بين السيدات، سواء من بلغن سن اليأس أو من لم يبلغنه، لكن مُعدّل انتشاره أسرع بين من أعمارهنّ أصغر ولم يبلغن سن اليأس بعد.
وتُوصِي الكُلّية الأمريكية للأشعة “American College of Radiology” وجمعية تصوير الثدي “The Society of Breast Imaging” السيدات بتصوير الثدي بالأشعة السينية بانتظام في سن الأربعين بدلاً من الخمسين.
نصائح للشباب للوقاية من السرطان
ينبغي اتّباع نمط معيشةٍ صحي لتقليل خطر الإصابة بالسرطان، خاصةً بين الشباب، فليس صغر العُمر وحده كافيًا للحيلولة دون إصابتك بالسرطان، ومن أهم تلك النصائح:
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: وتجنّب الخمول أو قلة الحركة عمومًا، إذ إن ممارسة التمارين الرياضية ولو بمقدارٍ صغيرٍ كل أسبوع، بما في ذلك المشي الخفيف، قد يُساعِد على تقليل خطر الإصابة بالسرطان، كما يساعد على الوقاية من السمنة أو على الأقل خسارة الوزن.
تناول طعامٍ صحي: سواء كان معتمدًا على نظام غذائي نباتي، أو حمية البحر الأبيض المتوسط، فأطعمة تلك الحميات غنية بالألياف والبروتين الخالي من الدهون، كما تتضمّن الفواكه والخضراوات التي تُعزِّز ميكروبيوم الأمعاء، كما أنّها تتجنّب اللحوم الحمراء والمُصنّعة، التي قد تزيد خطر الإصابة بسرطان القولون.
الحفاظ على الوزن: لا شك أنّ السمنة مفتاح الإصابة بالكثير من الأمراض، وليس السرطان استثناءً، لذا تجنّب أن يكون مؤشر كتلة جسمك أكبر من 30.
التوقف عن التدخين وشُرب الكحول: لا تُسبِّب المواد المُسرطِنة في السجائر سرطان الرئة فقط، بل إنّها تتدفّق عبر الدم، وقد تُسهِم في سرطانات الجهاز الهضمي وغيره، لذا يجب الإقلاع عن التدخين، وكذلك التوقف عن شُرب الكحول.
