الجمعة, سبتمبر 20

لا طلاق بين واشنطن وطهران رغم خطورة الخرق الأمني

لم يكن أكثر جمهور اليمين الإسرائيلي تطرفا وعداء لرئيس المكتب السياسي في حركة “حماس” اسماعيل هنية يتوقع أن تكون تصفية الرجل على أرض طهران التي كان يدخلها من أوسع أبوابها السياسية. ويعدّ هذا الخرق الأمني الذي سجلته تل أبيب في مرمى إيران شديد الخطورة نظرا إلى ارتداداته على المشهد العام في المنطقة. ولم يكن أمام إيران، ولو من باب التبرير لشعبها أولا الخارج للتو من الانتخابات الرئاسية ونجاح الإصلاحي مسعود بزشكيان، إلا اتهام عدوتها اللدودة أميركا بأن استخباراتها ساعدت إسرائيل في هذه العملية.

وبعيدا من التحليل في مستقبل “حماس” القادرة على استيعاب خسارة هنية، تكثر الأسئلة اليوم عن مستقبل العلاقات الإيرانية – الأميركية، وهل ينجح بنيامين نتنياهو في توريط إيران في حرب كبرى في حال وقوعها، أم ستدفعها الضغوط التي تتعرض لها إلى تسليمها بكمّ الأزمات التي تتعرض لها والتراجع قليلا لتمرير العواصف الأخيرة؟ صحيح أن طهران مستاءة من واشنطن، لكن من غير المتوقع لجملة من الأسباب أن تلجأ إلى طلاق سياسي معها، بل إن الوقائع الأخيرة بعد اغتيال هنية قد تؤدي إلى تجميد هذه العلاقة موقتا، لا تطييرها مع واشنطن، ولو أنهما تلتقيان في بعض النقاط على رفض سياسة نتنياهو الطامح إلى إظهار أخطار إيران أينما حل، واستغلال إطلالته من الكونغرس حيث ظهر في موقع الحامي لظهر أميركا في المنطقة والمقاتل من أجلها، لتصوير نفسه بأنه أول المحافظين والساهرين على مؤسس المشروع الإسرائيلي.

وفي انتظار ما ستخلص إليه المواجهة الرئاسية الأميركية، لم تتأخر إيران في دعمها الديموقراطيين ليحافظوا على مفاتيح البيت الأبيض بدل أن تنتقل إلى الرئيس السابق دونالد ترامب. ويجري تشكيك هنا في انقطاع الحوار بين واشنطن وطهران، ولو من تحت الطاولة وبواسطة سلطنة عمان لحاجات تخص الفريقين.

ويرى وزير الخارجية الأسبق فارس بويز أن الهدف الأساسي عند نتنياهو وكل ما يقوم به قبل الحرب الأخيرة هو توريط أميركا في صراع مع إيران. وكل ما يفعله في الجنوب ليس ضد “حزب الله” فحسب، بل هو محاولة لإدخال طهران في المعركة وتوريط واشنطن في هذه الحرب. ولا يوافق الأميركي على هذا المشروع لأنه يعتبر أنه إذا نشبت الحرب في المنطقة فستعم دول الخليج، وهذا يعني إقفال طريق النفط عبر باب المندب ومضيق هرمز، الامر الذي سيولد أزمة نفطية عالمية وعرقلة التجارة العالمية.

ويضيف بويز أنه في حال حصول هذا الأمر تصبح القواعد الأميركية في الخليج في خطر. ولذلك لا توافق الإدارة في البيت الأبيض على مشروع نتنياهو، وخصوصا بايدن، لأنه يهدف إلى توريط واشنطن في حرب مع إيران وضرب قدراتها النووية.

ويعتقد بويز أن ثمة أزمة بين أميركا وإسرائيل، ولا يسأل بايدن هنا عن دعم اليهود، ولا سيما أنه غير مرشح لولاية جديدة، ولو انه يعمل على تثبيت حزبه في البيت الابيض.

وفي مثل هذا الظرف يضغط بايدن على نتنياهو لأنه يخشى تعريض مصالح دولته لأزمات مع الخليج.

وفي خضم هذا الكباش المفتوح في المنطقة، لا تزال المفاوضات تحت الطاولة متواصلة بين واشنطن وطهران، علما أن صلب خطاب نتنياهو في الكونغرس موجه نحو إيران والتركيز على أن اسرائيل تحارب عن العالم في “مواجهة الإرهاب الإيراني” من وجهة نظره. وكل برنامجه يحاول أن يضغط على الكونغرس ليضغط الأخير على بايدن “ولكن هذا لم يحصل، ولو تحققت أمور جزئية”.

وسمع نتنياهو من الأميركيين، بحسب بويز، أن الدخول في حرب كبرى والاعتداء على لبنان سيؤدي إلى حرب كبرى “نحن لا نقبل بها”. وأعدّ نتنياهو مع واشنطن، وفق بويز “صفقة جهنمية لن تؤدي إلى حرب شاملة. ولذلك عمد إلى اغتيال فؤاد شكر المتهم بتفجير مقر المارينز في بيروت، ويعمل على ابتزاز الأميركيين الذين لا يريدون وقوع المنطقة في حرب شاملة”.

ويعتقد هنا أن اللعبة لا تزال مضبوطة رغم تخطي قواعد الاشتباك، لكنها لم تذهب نحو حالة أبعد في وقت تعيش فيه إيران أوضاعا اقتصادية صعبة وتحتاج إلى تسوية مع واشنطن لتحرك أموالها المحتجزة وتجارة نفطها. وسيبقى الطرفان على هذا التفاهم، مع الإشارة إلى أن بايدن لا يريد أن ينهي ولايته بحرب، بل يسعى إلى أن يحافظ على المصالح الاقتصادية لبلده واستمرار الحزب الديموقراطي في السلطة.

 رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply