الجمعة, نوفمبر 22
Banner

غيبوبة واشنطن وتوغل نتنياهو

لجوء نتنياهو إلى عمليات الإغتيال يؤكد فشله في تحقيق أهداف حربه على غزة، رغم كل المجازر الوحشية التي إرتكبها الجيش الإسرائيلي على مدى تسعة أشهر، وأدت إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى، ومئات الآلاف من الجرحى، ولم يستطع الوصول إلى قيادة حماس، ولا تحرير الرهائن الذين يتساقطون يوماً بعد يوم بسبب القصف الإسرائيلي العشوائي، والذي دمّر ٨٠ بالمئة من مباني ومنازل القطاع.

من الواضح أن نتنياهو يستغل الواقع الأميركي الراهن، حيث الإدارة الديموقراطية شبه مشلولة في غيبوبة الإنتخابات الرئاسية، وفقدت فعالية نفوذها وتأثيرها على حليفتها الإسرائيلية المدللة من جهة، وما قوبل به من الوقوف تصفيقاً في الكونغرس الأميركي ٥٣ مرة من جهة ثانية، مما إعتبره بمثابة تشجيع، ليس لإستمرار الحرب في غزة وحسب، بل وأيضاً دعماً غير مباشر للخروج على قواعد الإشتباك، والتوغل في الإغتيالات، في مغامرة جديدة من شأنها أن تشعل المنطقة، وتفجر حرباً إقليمية شاملة.

إغتيال القائد الكبير في حزب الله فؤاد شكر هو بمثابة إعلان حرب مفتوحة، تتجاوز مرحلة المواجهات الحدودية اليومية، والتي بدأت في تشرين الأول الماضي، وتطوي صفحة قواعد الإشتباك التي سادت منذ آب عام ٢٠٠٦، وتضع الجبهة الشمالية الإسرائيلية على فوهة بركان متفجر، لا يمكن السيطرة على تداعياته العسكرية ومخاطرها على الإستقرار الهش في الإقليم.

وجاءت عملية إستهداف رئيس المكتب السياسي في حماس إسماعيل هنية في قلب طهران، وإثر الإحتفال بتسلم الرئيس الإيراني المنتخب صلاحياته الدستورية، لتعزز الإعتقاد بأن نتنياهو يحاول جر المنطقة بأسرها إلى آتون حرب إقليمية ومباشرة مع إيران، علّه تتيح له التخلص من المنشآت النووية الإيرانية، بعد توريط الولايات المتحدة في المعركة، بحجة الدفاع عن الدولة الإسرائيلية.

والعمليتان في الضاحية وطهران هدفهما واحد: بقاء نتنياهو في السلطة وحمايته من المصير الأسود الذي ينتظره، من خلال تطويل أمد الحرب، وإزالة المفاوض الأساسي في مفاوضات الهدنة، علّ ذلك يؤدي إلى إنهاء المفاوضات، وإبقاء حرب الإبادة الجماعية في غزة، إلى جانب السعي المستمر لتصعيد المواجهة على الحدود مع لبنان، وتحويلها إلى حرب مفتوحة.

قد لا يكون رد حزب الله والجانب الإيراني غداً أو بعد غد، ولكنه بالتأكيد آتٍ، خلال الأيام القليلة القادمة، وسيكون موجعاً، وبحجم عمليتي بيروت وطهران، حيث تُعتبر الأخيرة أنها هي المستهدفة، في أمنها وسيادتها، وفي دورها في المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يُفعّل وحدة الساحات عسكرياً، رغم مسافات التباعد بينها.

وغني عن القول أن لبنان سيكون في وضع لا يُحسد عليه، لأن جغرافية الصراع وضعته في الخطوط الأمامية، دون أن يكون لديه ما يكفي لتأمين الحد الأدنى من مقومات الصمود في ظل الإنهيارات الراهنة على أكثر من صعيد، فضلاً عن أن بنيته التحتية المتداعية أصلاً، مكشوفة أمام إستهدافات العدو، بسبب إفتقاد الدفاعات الضرورية.

ولكن هل المنطقة مقبلة على حرب طويلة الأمد، كما حصل في غزة، أم مجرد تراشق بالصواريخ والمسيّرات، والتركيز على الأهداف الحيوية لساعات، أو لأيام في أبعد الإحتمالات؟

صلاح سلام – اللواء

Leave A Reply