كتبت صحيفة “البناء” يقول:
شيّع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الى مثواه الأخير في الدوحة، بحضور عائلته وقادة من حماس بمشاركة أمير قطر والعائلة الحاكمة وقيادات مثلت دولاً إسلاميّة أبرزها إيران وتركيا. وتدخل حماس اليوم المرحلة الحاسمة في تسمية خليفة هنية، ورغم تعامل تركيا إعلامياً مع تسمية الرئيس السابق للمكتب السياسي خالد مشعل كخليفة لهنية، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية تقريراً نسبته إلى قادة من حركة حماس أن الأمر منوط بمجلس الشورى الذي سوف ينعقد قريباً لاختيار الخليفة المناسب، بما يتناسب مع المرحلة. وقالت “القدس العربي” المحسوبة على قطر كلاماً مشابهاً، لجهة أن المرشحين الذين يشكل مشعل واحداً منهم، هم إضافة الى مشعل مسؤول حماس عن الخارج، مسؤول حماس في الداخل يحيى السنوار، ومسؤول الضفة الغربية بالإنابة زاهر جبارين الذي خلف صالح العاروري الذي اغتالته طائرة لجيش الاحتلال في الضاحية الجنوبية لبيروت، ويضاف إلى الثلاثة خليل الحيّة المقرب من هنية ومسؤول العلاقات العربية والإسلامية، وهو نائب السنوار في مسؤولية الداخل، بينما يطرح مشعل في حال عدم الإجماع عليه تسمية موسى أبو مرزوق المقرّب منه، ويعتقد بعض متابعي ملف الحرب الدائرة أن اسم خليل الحية قد يكون الأوفر حظاً، لكونه نائب السنوار الذي لا تسمح ظروفه الحالية لتولي هذه المسؤولية السياسية، ولكونه الأقرب لهنية خلال الفترة الماضية، وصلة وصل الحركة بحلفائها الأقرب في قوى المقاومة، وقد كان من أصحاب البصمة في المصالحة مع سورية، وهو المشرف على العلاقة مع إيران، وذلك من موقعه كمسؤول ملف العلاقات العربية والإسلامية.
في المنطقة استعداد وترقب لما ستحمله ردود محور المقاومة وإيران، التي أعلن الإمام علي الخامنئي والسيد حسن نصرالله أنّها آتية حكماً وأنّها سوف تكون قاسية ومؤلمة، وفي ظل هدوء وغموض يحيطان بتحضيرات قوى المقاومة، تقول مصادر إيرانية إن الرد سوف يكون أعلى مرتبة من ردّ إيران على استهداف القنصلية الإيرانية بدمشق، لأن المستهدف هذه المرة العاصمة طهران وضيف رسمي كبير في مراسم تنصيب رئيس الجمهورية. وتحدّث القادة العسكريون الإيرانيون وفي مقدمتهم قائد الحرس الثوري وقائد الجيش عن تحذير واضح لواشنطن أن قيامها بالمشاركة في مواجهة الرد الإيراني هذه المرة سوف يعرّض قواعدها ومصالحها للاستهداف.
بالمقابل، يعيش الكيان حالة ذعر ورعب تمثلت بنزوح مئات الآلاف من مناطق الشمال خصوصاً حيفا، وسط ازدحام غير مسبوق في مطار بن غوريون، الذي تعطلت أنظمته منتصف ليل أمس، بسبب هجوم سيبراني كما قالت إدارة المطار، فيما يؤكد الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اتصال برئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو أن واشنطن تقف مع تل أبيب في مواجهة رد إيران والمقاومة، يعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن عن إشرافه المباشر على ترتيبات المساندة للكيان التي تتضمن استقدام المزيد من الطائرات والسفن الحربية، بينما نسبت وكالة اكسيوس لبايدن أنه حذر نتنياهو بأن هذه المرة الأخيرة التي يمكن فيها الاعتماد على مساندة واشنطن، فيما سخرت مصادر إعلامية في المقاومة من هذه التسريبات ووضعت في إطار تبرير الدعم الذي سوف يقدّمه بايدن للكيان تحت شعار لمرة واحدة.
ولا يزال خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورسائل التهديد للكيان الصهيونيّ بالردّ على اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر يطغى على المشهد الداخلي والإقليمي بالتوازي مع إطلاق المسؤولين الإيرانيين مزيداً من التهديدات برد قاسٍ على اغتيال القائد إسماعيل هنية.
ويترقّب كيان الاحتلال والعالم الردّ الإيراني وحزب الله ومحور المقاومة، وانشغل المحللون العسكريون والسياسيون بتوقع طبيعة الردود والتداعيات المحتملة وفرضيّات توسيع الحرب وصولاً إلى الحرب المفتوحة.
واكتفت جهات مطلعة على موقف المقاومة لـ”البناء” بالإشارة إلى أن القرار اتخذ بردّ مؤلم على العدو يتناسب مع العدوان الأخير على الضاحية وسيدفع العدو للندم على فعلته. وأوضحت أن طبيعة الهدف باتت ملك القيادة الميدانيّة والوقت مرهون بطبيعة الهدف. لافتة إلى أن المقاومة عاقلة وحكيمة ولا تتصرّف بانفعالات والردّ سيكون متناسباً مع حجم العدوان ووفق حسابات دقيقة وتخدم معادلات الردع وحماية لبنان والضاحية، خصوصاً لمنع العدو من تكرار عدوانه. وفي الوقت نفسه لخدمة استراتيجية محور المقاومة بحرب استنزاف كيان الاحتلال وعدم منح نتنياهو ذريعة لتوسيع الحرب وجر الأميركيين اليها. وحذرت المصادر من أن رد العدو على رد المقاومة سيدفع الأخيرة لردّ أقسى وأشد ايلاماً. مضيفة أن المقاومة مستعدّة لكافة الاحتمالات.
وفي سياق ذلك جدّد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، تهديد “إسرائيل” بالردّ على اغتيال القيادي الكبير في الحزب فؤاد شكر بغارات استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية.
وقال قاسم، في تصريح إعلاميّ: “كلما ارتقى لنا شهيد ازددنا تمسكاً، فكيف إذا كان قائداً من القادة”، مؤكداً أن “هذه الشهادة ستنتج نتائج كبيرة جداً، وأن الرد سيكون حاضراً ومهماً ومؤثراً”.
وتابع: “نحن مقتنعون بهذه النتيجة، وإن شاء الله تكون خطوة كبيرة على طريق النصر”، مردفاً: “نحن أصحاب حق ويجب علينا أن نواجه محور الشر وسننتصر”.
إلا أن خبراء في الشؤون العسكرية والاسترتتيجية لفتوا لـ”البناء” إلى أن إيران وحزب الله يملكان بنك أهداف واسعاً في “إسرائيل” ويدرسان الردّ لكي يكون متناسباً مع الضربة الإسرائيلية للضاحية وبالوقت نفسه لا يدفع للحرب الشاملة إلا اذا اتخذها العدو ذريعة لإشعال الحرب الإقليمية بقرار أميركي. واوضح الخبراء لـ”البناء” أن كل كيان الاحتلال ومصالحه في العالم هي ضمن بنك أهداف حزب الله وإيران، لكن المرجّح ان يكون الرد بإطلاق مئات الصواريخ والمسيّرات المتفجّرة على قواعد عسكرية واستخبارية ومصانع أسلحة ومطارات عسكرية وتدميرها كلياً إضافة الى بنى تحتية ونفطية وغازية وموانئ ومحطات توليد كهرباء قد تكون على لائحة الأهداف. كما توقع الخبراء أن يكون الردّ من نقاط قريبة جغرافياً لـ”إسرائيل” لتجنب الدفاعات الجوية الأميركية والأوروبية والدول الحليفة لواشنطن ما يجعل أغلب الصواريخ والمسيّرات تصل إلى أهدافها بدقة وتُحدث مفعولاً كبيراً. وذكّر الخبراء بالمسيّرة اليمنيّة التي اخترقت كل الدفاعات الجوية الأميركيّة الإسرائيلية ووصلت إلى تل أبيب. كما توقع الخبراء ان يكون الردّ خلال أيام قليلة.
وقبيل منتصف الليل أفيد عن هجوم سيبرانيّ عطّل موقع هيئة الطيران الإسرائيليّة ومطار بن غوريون.
وعم الخوف والهلع كل أنحاء كيان الاحتلال في ظل سيل من التوقعات حول طبيعة الردّ وسط انتقادات وجّهها مسؤولون في المعارضة ورؤساء مستوطنات وجنرالات سابقين لحكومة نتنياهو على تنفيذ عمليات اغتيال في طهران والضاحية الحنوبية لبيروت لكون الخسائر ستفوق ما حققه نتنياهو.
وحذّر أعضاء من لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست، في رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من “التوغّل البري في لبنان وفقاً للخطة الحالية للجيش الإسرائيلي”، بحسب ما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية. ونقلت “هيئة البث” عن أعضاء في الكنيست قولهم إنّ “خطة الجيش الحالية للتوغل البري إلى لبنان مغلوطة”. وقال نواب في الكنيست في رسالة موجّهة إلى نتنياهو: “نؤيّد التوغّل البري في لبنان من حيث المبدأ، لكنّ الخطة التي عُرِضت علينا ستؤدي إلى البلبلة وليس إلى الحسم”. واعتبر أعضاء من الكنيست أنّ “هذه الخطة قد تقود “إسرائيل” إلى فشل مأسوي له عواقب غير مسبوقة”، باعتبار أنّها “لم تُراعِ الأخطاء التي ارتكبت في العملية البرية في قطاع غزة”.
وفيما أشار مكتب نتنياهو الى ان الوفد التفاوضي الاسرائيلي سيعود الى المفاوضات الأسبوع المقبل في قطر، وأشارت اوساط دبلوماسية غربية لـ”البناء” الى ان المفاوضات ستتواصل بين الفلسطينيين والاسرائيليين للتوصل الى هدنة مؤقتة في غزة تمهيداً لوقف إطلاق النار. كاشفة عن ضغوط أميركية كبيرة على الحكومة الاسرائيلية لوقف إطلاق النار قبل الانتخابات الأميركية لكون الإدارة الأميركية الحالية تريد وقف الحرب مؤقتاً لضمان فوز مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس في الانتخابات في تشرين المقبل. وأضافت الأوساط أنه وحتى لو صرحت الإدارة الأميركية بالدعم لـ”اسرائيل” في عملياتها الاخيرة، لكنها رسمت لها خطوطاً حمراء لكي لا تؤدي ضرباتها لحرب مفتوحة.
وأشار الإعلام الإسرائيلي إلى ان نتنياهو تلقى رسالة من نواب في الكنيست تؤيد التوغل براً في لبنان.
ميدانياً، تواصل العدوان الإسرائيلي على القرى والبلدات، فأغارت طائرة مسيّرة إسرائيلية على بلدة رب ثلاثين، ولم تسجل إصابات. كما تعرّضت أطراف بلدة طيرحرفا في القطاع الغربي وبلدة راشيا الفخار لقصف مدفعي إسرائيلي. في المقابل، أعلن “حزب الله” في بيان، أننا “قصفنا موقع الضهيرة الإسرائيلي بالمدفعية وحققنا إصابة مباشرة”. وأضاف في بيان آخر: “استهدفنا موقع السمّاقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصبناه إصابة مباشرة”.
رسمياً، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بحضور وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، اجتماعاً في السراي مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وهم سفراء كل من الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، بريطانيا الصين وروسيا، وممثلي الدول الأعضاء غير الدائمين الموجودين في لبنان، وهم سفراء الجزائر، اليابان، سويسرا وكوريا الجنوبية.
وخلال الاجتماع تمّ تأكيد الثوابت اللبنانية في ما يتعلق بالوضع في المنطقة، وأهمها تأكيد أولوية تطبيق قرارات الأمم المتحدة ولا سيما القرار 1701.
كما اعتبر ميقاتي في كلمة ألقاها من مقرّ قيادة الجيش في اليرزة، لمناسبة عيد الجيش أن “التطورات الإقليمية مقلقة وتُنذر بارتفاع منسوب الخطر»، مؤكداً “أنّ الرهان على الجيش يبقى الضمانة الأكيدة لوحدة الوطن ما يجعل الالتفاف حول المؤسسة العسكرية واجباً وطنياً جامعاً»، لافتاً الى أن “الشغور الرئاسي ليس وحده ما ينغّص فرحة هذا اليوم الوطني إنّما الظروف التي يعيشها البلد وصولاً إلى العدوان على الضاحية”، مضيفاً: “لا شيء يدلّ على أن الغطرسة الإسرائيلية ستتوقف ومصرّون على حقنا في الدفاع عن أرضنا وسيادتنا ولن نتردّد في ذلك مهما غلت التضحيات”.