الأحد, سبتمبر 29

تحلّل المؤسسات ينذر بالأسوأ واستنفار السفارات طبيعي

تزامناً مع تطورات الأحداث العسكرية في لبنان والمنطقة وانتظار ما سيقدم عليه كل طرف، يغرق المواطنون من جديد في سيل من الأزمات التي لا تُعد والتي لا تبشّر بانفراجات إذا استمر على الأرجح هذا المنوال من التعاطي السياسي بين الأفرقاء. ويكفي عدم قدرتهم على تجاوز امتحان انتخابات رئاسة الجمهورية.

وفي خضمّ انشغالات اللبنانيين بالحدث الأمني على وقع سيل التهديدات من هنا وهناك، فضلاً عن طلب معظم البعثات الديبلوماسية من رعاياها مغادرة لبنان وعدم القدوم إليه في مؤشّر لا يدعو إلى الاطمئنان، يقول مسؤول أمني رسمي يواكب حركة ما تقدم عليه أكثر من سفارة إن ما اتخذته أكثر من بعثة سبق أن اعتمدته في السنوات الأخيرة أكثر من مرة وهي تدخل في سلسلة الإجراءات التي تعتمدها حيال رعاياها لا سيما حيال مواطنيها الأصليين، حيث تتعاطى معهم بدرجة أمنية أعلى من الذين يحملون الجنسية اللبنانية وإن كانت لا تتخلّى عن الآخرين حيث تعمل على إجلائهم إذا تدهور الوضع الأمني على غرار ما فعلته إبان حرب تموز 2006.

ويُلاحَظ هنا أن أكثر من دولة غربية وخليجية بالتحديد لجأت إلى مثل هذه الخطوات الاحترازية في مرات سابقة. ولا يوجد أعداد كبيرة من مواطنيها في الأصل يعيشون أو يزورون لبنان بكثرة. وجرى التوقف عند السفارة الصينية التي لم تجارِ الدول الأخرى في إجراءاتها حيث اكتفت بالطلب من مواطنيها الذين يقصدون لبنان “أخذ الحذر”.

وتفيد مصادر أمنية أن الإجراءات التي تتخذها سفارات عدة تطبقها في إسرائيل أيضاً من باب حماية مواطنيها. وثمة أجهزة لدى هذه الدول تُعنى بمثل هذه المهمات في بلدان الاتحاد الأوروبي وأميركا وكندا وغيرها وهي تعمل تحت عنوان “الأمن الديبلوماسي” مع وجود فرق مختصة مدرّبة على التعاطي مع رعاياها في الخارج وإعادتهم إلى بلدانهم عند وقوع أي نوع من الحروب والأزمات الكبرى مع التوقف عند حسابات كل دولة في مقاربة تعاطيها مع بيروت أو تل أبيب.

ويجري التوقف في القراءة الأمنية لما يحدث في معرض التعليق على جملة من المواضيع التي تهم اللبنانيين من خلال الإشارة إلى جملة من النقاط التي تحتاج إلى تدقيق شديد:

– لا أحد يمكنه حسم تطورات المواجهات العسكرية في الجنوب بين إسرائيل و”حزب الله” وربط كل هذه الأحداث بمسار مشاركة الآخرين في هذه المواجهات ولا سيما من جهة إيران وما إن كانت الانزلاقات ستؤدي إلى حرب شاملة إذا تعطّلت القنوات الديبلوماسية المفتوحة.

– من جهة الحكومة، لا يقصّر الرئيس نجيب ميقاتي في القيام بالحد الأدنى من الواجبات المطلوبة من الوزارات وسط كل هذه الظروف الأكثر من صعبة والضاغطة في أكثر من حقل.

– لا يعقل استمرار هذا الشريط من الخلافات في الجيش بين وزير الدفاع الوطني موريس سليم والعماد جوزف عون وسط انعكاس كل هذه الأمور وسلبيّتها على سير عمل المؤسسة، بغضّ النظر عن رأي أي من الرجلين في تسيير عملها وتعييناتها. وإن كان التعويل على صمود المؤسسات الأمنية أكثر من قدرات سواها، فإن الأخيرة تمر في أوضاع أكثر من صعبة وغير مشجّعة.

– لم تعد الجهات المعنية وسط كل هذه الخلافات والتباعد بين الأفرقاء قادرة على ضبط ملف النازحين السوريين في وقت تستمر فيه مفوضية اللاجئين في عدم اكتراثها لكل الدولة اللبنانية وعدم تسليمها الداتا الموعودة طوال كل هذه الأشهر. وإن كانت الحكومة تجري جملة من الاحتياطات على مستوى وزارة الصحة من استنفار المستشفيات وتزويدها بكميات من الأدوية، فإن مفوضية اللاجئين والمنظمات الدولية لا تلتفت إلى وجود هذا الكم من النازحين السوريين الذين يقطنون إلى جانب اللبنانيين في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية ومناطق أخرى معرّضة بدورها للاعتداءات الإسرائيلية.

– من آثار الأجواء السلبية للمناخ العام في البلد ضرب موسم السياحة وتعطيل حركة الاصطياف التي لم ينعم بها المغتربون الذين قصدوا البلد، فضلاً عن تدهور عمل قطاعات عدة في مؤشر سيؤثر سلباً على القطاعين المالي والاقتصادي عموماً.

ومن هنا يسيطر الوضع في الجنوب ومسرح أحداثه على كل ما يدور في حلقات الأزمات في الوزارات. وفي انتظار ما سترسو عليه الأمور على المستوى الأمني تجمع أكثر من قراءة أمنية وسياسية على أن البلد غير قادر على الاستمرار وفي ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية على هذا المنوال أكثر من نهاية السنة الجارية بغضّ النظر عمّا سينتهي إليه الحدث الأمني في لبنان والإقليم.

ويعترف مرجع بأن الوقائع تثبت أن كل ما يحصل لا يتجاوز حدود الترقيع إن لم يُنتخَب رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد.

وإلى يوم “معجزة” إتمام هذا الاستحقاق، سيبقى البلد مشرّعاً على تشكيلة من الأزمات والخضّات وسيكون وقع آثارها أخطر إذا تزامنت مع عدوان إسرائيلي على البلد إذا تُرجمت كل هذه التهديدات على أرض لا تشهد الحد الأدنى من الوحدة الوطنية.

رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply