قبل خطاب السيد حسن نصرالله يوم أمس في ذكرى مرور إسبوع على إستشهاد السيد فؤاد شكر، كان العدو الاسرائيلي يقف على “إجر ونص”.. وبعد الخطاب بات يقف على “إجر وربع” بإنتظار ردّ المقاومة الاسلامية في لبنان على الحماقات الصهيونية وردود إيران وسائر جبهات المحور والتي إما أن تكون متزامنة مع بعضها البغض، أو أن تأتي منفردة.
كعادته، لم يعط السيد نصرالله إسرائيل لا حق ولا باطل في موضوع الردّ وكيفيته وماهيته وجغرافيته وأهدافه، فضاعف من العقاب المفروض على المجتمع الصهيوني منذ أكثر من إسبوع حيث الخوف والنوم في الملاجئ والجلوس في الأماكن المحصنة، وإخلاء المراكز، وإزالة المواد الحارقة وغير ذلك من التدابير الاحترازية التي ساهمت في مزيد من الشلل الاقتصادي والمالي والعبء الاجتماعي في الكيان الغاصب.
معلومة واحدة أفرج عنها السيد نصرالله في خطابه أمس، وهي أن 131 مليار دولار قيمة مصانع كيميائية وتكنولوجيا وكهربائية ومواد غذائية تم إنشاؤها وتطويرها في شمال فلسطين على مدار 34 عاما، كلها تحت مرمى نيران المقاومة التي تستطيع تدميرها بالكامل خلال ساعة واحدة، أو نصف ساعة على أبعد تقدير، الأمر الذي رسم خطا جديدا ضمن توازن الرعب، وعمل على تفعيل قوة الردع التي تمنع منذ أكثر من 300 يوما إسرائيل من شن عدوان على لبنان، بالرغم من المواجهات الدائرة في الجبهة الشمالية والانجازات التي تحققها المقاومة في إستهداف تجمعات الجنود والآليات وأجهزة الرقابة والاستشعار والرادار، وكان آخرها يوم أمس بنيران صديقة في نهاريا من العدو الذي فشل في إعتراض مسيّرة المقاومة فسقط صاروخها في نهاريا موقعا العديد من الاصابات، بينما أكملت المسيّرة طريقها لتستهدف قاعدة ومقر لواء غولاني وتحقق الهدف وتصيب الجنود الصهاينة، وتضرب مجددا منظومة الدفاع الجوي لدى الكيان.
رسائل عدة وجهها السيد نصرالله في خطاب إسبوع الشهيد فؤاد شكر أبرزها:
أولا: أن ردّ المقاومة على إعتداءات إسرائيل على الضاحية آت لا محالة، وأن المقاومة وحدها تحدد موعد هذا الرد، تاركا للاسرائيلي التفكير بالتوقيت، خصوصا أن أحدا غير مستعجل، بإنتظار إيجاد الفرصة المناسبة التي تؤلم وتؤثر وتكون على مستوى الحدث.
ثانيا: أدخل السيد نصرالله المجتمع الاسرائيلي في دوامة الرد الجماعي من الجبهات الخمس: لبنان، إيران، العراق، اليمن وفلسطين، ما سيجعل إسرائيل بشمالها وجنوبها ووسطها تحت مرمى الصواريخ والمسيرات ونيرانها التي من شأنها أن تزلزل مجتمع الكيان الذي لن يسعفه وضع جيشه المأزوم والمهزوم في غزة من الرد على تلك الجبهات في وقت واحد.
ثالثا: التأكيد على أن توسيع مساحة قواعد الاشتباك بإستهداف المزيد من الأهداف العسكرية الاسرائيلية بما في ذلك إستهداف قاعدة غولاني، لا علاقة له بالرد على الاعتداءات، حيث حرص “السيد” على التفريق بين جبهة الاسناد التي تقوم بواجباتها منذ 8 أكتوبر 2023 وبين جبهة إنتقام الشرفاء التي تعد العدة للرد.
رابعا: توجيه رسالة الى المجتمع الدولي والوفود الدبلوماسية التي تصل تباعا الى لبنان، بأن المنطق يقول بضرورة إدانة إسرائيل على إستهدافها المدنيين وقتلها الأبرياء، وبالضغط عليها لوقف عدوانها على لبنان، وقبل ذلك على غزة، وليس الطلب من لبنان ضبط النفس لمنع الانزلاق نحو الحرب.
خامسا: التأكيد على كذب كل الوعود الأميركية المستمرة منذ أكثر من 300 يوما، حول وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، في الوقت الذي تدعم فيه الولايات المتحدة إسرائيل بالمال والسلاح والقنابل والصواريخ لقتل الفلسطينيين.
سادسا: رفع معنويات المقاومة الفلسطينية، ودعوتها لتطوير عملياتها ضد العدو في غزة وفي الضفة، والطلب من جبهات محور المقاومة الاستمرار في عمليات الاسناد، ودعوة الدول العربية والاسلامية الى أن تستيقظ وتعيد النظر في مواقفها.
سابعا: التأكيد على أن المقاومة لن تفرط في حماية لبنان وفي بذل الجهود لمنع الحرب عنه، ودعوة الأطراف اللبنانية الى إدراك حجم المخاطر، وعدم الخوف من إنتصار المقاومة، بل الخوف من إنتصار إسرائيل، والتشديد على أنه ليس بالضرورة أن يكون البعض مع المقاومة أو الى جانبها، لكن على الأقل أن لا يتآمروا عليها وأن لا يطعنوها في ظهرها وعدم المشاركة في حملات التهويل التي تتولاها بعض الفضائيات اللبنانية والعربية.
ثامنا: التأكيد على معادلة التهجير بالتهجير والتدمير بالتدمير والقتل بالقتل وأن البادئ أظلم، خصوصا أن إسرائيل هي التي بدأت بالتصعيد الخطير.
تاسعا: تطمين الداخل اللبناني بأن قوة المقاومة قادرة على منع الحرب رغم الرد، وأنه لو كان نتنياهو قادرا على خوض هذه الحرب لما إنتظر كل هذه المدة.
في الوقت الذي رسم فيه السيد نصرالله في خطابه معادلات جديدة سيكون لها وقعها في المرحلة المقبلة، لم يمتلك العدو الاسرائيلي سوى القيام بخرق جدار الصوت مرتين فوق العاصمة بيروت وضاحيتها، الأمر الذي إعتبره سيد المقاومة “زغر عقل من العدو الذي بدأ بعض مستوطنيه يفقدون أعصابهم من الانتظار، مطالبين المقاومة بضربهم للإنتهاء من عذاب وعقاب الانتظار..
غسان ريفي – سفير الشمال