تكثر المخاوف الدولية من الردود على حماقات إسرائيل بإغتيال الشهيدين فؤاد شكر وإسماعيل هنية عشية المفاوضات المنتظرة يوم الخميس المقبل، فيما يسود الرعب المجتمع الاسرائيلي الذي بدأ يفقد أعصابه بفعل الانتظار المضني من القاعدة والى قمة الهرم.
بعد الفيديوهات التي صورها إسرائيليون عن معاناتهم وخوفهم، وطلبوا فيها من المقاومة قصف مدنهم وإراحتهم، إنتقلت الأعصاب المشدودة الى وزير الدفاع يوآف غالانت الذي قصف يوم أمس جبهة رئيس حكومته نتنياهو خلال إجتماع لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، واصفا إياه بـ”الثرثار” منتقدا حديثه عن “النصر المطلق الذي ما يزال بعيد المنال، ومتهما إياه “بتعطيل التسوية ما يؤدي الى تأخير عودة الأسرى الاسرائيليين”، ليرد نتنياهو على غالانت متهما إياه “بتبني الرواية المعادية لإسرائيل”.
في غضون ذلك، يكاد العالم برمته يقف على “رجل ونص” بإنتظار رد إيران وحزب الله واليمن على إسرائيل، وسط جملة من التساؤلات عن ماهية الرد، وتوقيته، ومساحته، وجغرافيته، وعما إذا كان قبل جلسة المفاوضات أو بعدها، وتأثيره المباشر عليها سواء كان قبلها أو بعدها.
تشير المعطيات الى أنه يُفترض أن يكون الرد سواء كان متزامنا من الجبهات الثلاث إيران، جنوب لبنان واليمن، أو كل جبهة بمفردها، قبل جلسة التفاوض، ومن المرجح أن تكون ليلة الثلاثاء ـ الأربعاء، وهي الليلة التي إستهدف فيها العدو الشهيدين شكر وهنية.
وفي حال جاء الرد في هذا التوقيت، فإن إنعكاساته سوف ترخي بظلالها على جلسة التفاوض، إما لجهة تأليب الرأي العام الاسرائيلي على نتنياهو الذي يتحمل مسؤولية إيصال إسرائيل الى هذا الدرك نتيجة حماقات غير محسوبة النتائج، ما يدفعه الى الرضوخ للضغط الأميركي والدولي في القبول بصفقة التبادل التي تم التوافق عليها في 2 تموز الفائت وفقا لرؤية الرئيس الأميركي جو بايدن ووافقت عليها حماس، خصوصا أن الدول تتوالى في تأييد البيان الثلاثي الأميركي والقطري والمصري الداعي الى إقرار صفقة التبادل وإنهاء حرب الإبادة، وصولا الى الدعوات لعقد قمة رئاسية دولية للتشديد على وقف الحرب، أو ربما يتخذ نتنياهو الرد ذريعة للتملص من المفاوضات والذهاب نحو مزيد من التصعيد.
أما في حال تأخر الرد الى ما بعد مفاوضات الخميس، فهذا قد يفتح المجال على إحتمالين، فإذا كانت النتائج إيجابية وتم التوافق على وقف إطلاق النار فعلا، فإن الرد قد يتوقف أو ربما يكون ضمن قدرة إسرائيل على إستيعابه وتحمل تداعياته، وذلك لعدم إتهام محور المقاومة بضرب الاتفاق وهذا ما يريده نتنياهو.
أما في حال فشل المفاوضات بفعل تعنت وغطرسة نتنياهو الذي يريد إتفاق إستسلام لحماس وإعلان هزيمة، فإن الرد قد يفوق التوقعات من حيث قوته وجغرافيته، الأمر الذي سيضاعف من الجهود الدولية لعدم الذهاب الى حرب مفتوحة، وإبقاء الأمر ضمن الضربات المتبادلة بين محور المقاومة والعدو الاسرائيلي، خصوصا أن أميركا التي إستكملت بروباغندا الاستعراض العسكري في الشرق الأوسط دعما لإسرائيل لزوم الانتخابات الرئاسية، لا يمكن أن تخوض هذا الاستحقاق على وقع حرب قد تطيح بآمال جو بايدن في إيصال نائبته كامالا هاريس الى البيت الأبيض.
لا شك في أن الانتظار القاتل في إسرائيل للرد، والضغط الذي يحمله على المجتمع الصهيوني، بدأ يُخرج بعض المسؤولين عن طورهم ويظهر حجم الانقسامات بين “يمين” نتنياهو الذي يريد الحرب، وبين اليسار وسائر التيارات الذين يريدون إنهائها إقتناعا بأن ما لم يحققه نتنياهو في عشرة أشهر لن يستطيع أن يحققه اليوم خصوصا أن ضباط الجيش أكدوا أكثر من مرة أنهم لم يعودوا قادرين على تحمل هذا الاستنزاف اليومي في مواجهة المقاومة الفلسطينية وجبهة المساندة اللبنانية.
غسان ريفي – سفير الشمال